خبر

باسيل يمرر بياناً عن قمة بيروت لعودة النازحين… والحريري متمسك بالمبادرة الروسية

نذير رضا – الشرق الأوسط
توصلت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت إلى صيغة خاصة مرتبطة بملف عودة النازحين السوريين، صدرت في بيان خاص عن قمة بيروت بناء على طلب لبناني، تضمن دعوة المجتمع الدولي إلى حمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء، ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية، ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى وطنهم.

وبدا لافتاً الإصرار اللبناني على إدراج عبارة «العودة الآمنة» وليس «العودة الطوعية»، رغم الانقسام العربي الذي كان قائماً يوم الجمعة الماضي في مناقشات اللجنة التحضيرية للقمة على تبني هذه الفقرة من عدمه، قبل أن يجري الاتفاق العربي على صدوره بشكل خاص عن القمة العربية التنموية والاقتصادية بشأن النازحين واللاجئين، ورأى باسيل أمس أنه «أمّن مصلحة لبنان والدول العربية»، وقال: «نرجو اعتماده كلغة موحدة للعمل على تحفيز وتشجيع عودة النازحين».

وفي البيان، ناشد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في ختام القمة الاقتصادية العربية، المجتمع الدولي إلى تشجيع النازحين السوريين على العودة إلى ديارهم. وقال باسيل في بيان: «إزاء استفحال أزمة النزوح واللجوء السوري علاوة على استمرار وتفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين المزمنة، ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية والناجعة». كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى «مضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم بما ينسجم مع الشرعية الدولية ذات الصلة ويكفل احترام سيادة الدولة المضيفة وقوانينها النافذة».

وإذ اعتبر باسيل في مؤتمر مشترك مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أن «بيان النازحين السوريين هو انتصار للبنان ولفتة تضامن من الدول العربية تجاه الدول المضيفة والاعتراف بتضحياتها»، رأت مصادر دبلوماسية لبنانية أن الصيغة التي اعتمدتها القمة الاقتصادية العربية «ما كانت لتتم لولا عناد وزير الخارجية جبران باسيل، وإصراره في المفاوضات التي أجراها منذ يوم الجمعة الماضي بالتوصل إليها»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»، إن معركة التفاوض «بدأت يوم الجمعة الماضي خلال الاجتماعات التحضيرية، حيث اقترح باسيل إضافة بند إلى الفقرة 13 التي تنص على دعم الدول المضيفة، وتتضمن الفقرة ضرورة العودة الآمنة لهؤلاء النازحين»، لكن لم يتم التوافق عليها، فارتضى لبنان سحب الفقرة على أن يصدر بياناً خاصاً عن القمة بخصوص النازحين، بعد مفاوضات شاقة، وجرى الاتفاق عليه.

ولفت أبو الغيط، أمس، إلى أن بيان النازحين صدر بتوافق كامل ولا خلاف عليه، فيما أكد باسيل أن «هذا البيان تضمن للمرة الأولى تحفيزاً لعودة النازحين وهذا جديد على مستوى التخاطب»، مشدداً على أن «حتمية الأمر بأن النازحين السوريين سيعودون إلى بلدهم».

وأكدت المصادر الدبلوماسية أن صدور هذا التحفيز العربي في قمة بيروت «سيعزز الموقف اللبناني في التواصل مع الدول المعنية والمجتمع اللبناني لتنفيذ الموقف اللبناني تجاه عودة النازحين»، مؤكدة أن التواصل مع المجتمع الدولي «لم ينقطع وسنواصل السير بخطواتنا لحث المجتمع الدولي على المساعدة في تأمين إعادة آمنة للنازحين متسلحين بالموقف العربي الداعم لهذه الخطوة».

غير أن مصادر سياسية لبنانية أخرى، ترى أن لبنان «ليس المرجعية الصالحة للقول ما إذا كانت عودتهم آمنة أم لا، لذلك تم ربطها في البيان بالشرعية الدولية التي تمتلك صلاحيات تحديد موضوع الأمان من عدمه، وتحديد ما ملاءمة ظروف العودة، في ظل النقاش حول عدم توفر إمكانيات الإقامة وظروف العيش وفي ظل اقتياد المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية. وقالت المصادر إن الأطراف السياسية اللبنانية «تتجنب الدخول في سجال داخلي حول هذا الملف، بالنظر إلى أن لا أحد يعارض عودة النازحين، لكنه في الوقت نفسه يضعه بعهدة المبادرة الروسية التي تعتبرها موسكو لا تزال قائمة، ولم تنتهِ بعد». وأشارت إلى أن 43 في المائة من النازحين السوريين إلى لبنان، يتحدرون من مناطق خاضعة حالياً لسيطرة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا.

ويدعم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري المبادرة الروسية، وهي المبادرة التي حضرت بناء على طلبه كما تقول المصادر، مشيرة إلى أن السجال حول عودة النازحين، في ظل المبادرة الروسية القائمة، «تفصيل لبناني لا يريد الحريري الدخول فيه، طالما أن الموضوع الأساسي لعودة النازحين من عدمه، موجود عند الروس والمجتمع الدولي وليس تنفيذه عند اللبنانيين بتاتاً، لذلك يصبح الموقف اللبناني من النازحين تفصيلياً».

وأثار ملف النازحين جدلاً واسعاً في لبنان بعد تصريح باسيل الذي دعا إلى «خطة إعادة النازحين واللاجئين إلى أرضهم، بمعزل عن رغبة من هجّرهم، لأن من هجَرَهم يريد إبقاءهم، أما نحن المستقبلين نريد لهم عودتهم الكريمة ولا أحد يمكن أن يمنعنا من ذلك إذا جعلناها كريمة لهم، ومفيدة لاقتصاد بلدانهم». كما أثارت دعوته لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية انقساماً داخلياً.

وقالت مصادر سياسية مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إن كلام باسيل عن عودة سوريا لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية، إذ «لا يزال الحريري على موقفه من النظام السوري، وسيكون له موقف بعد انتهاء القمة»، لكنها أشارت إلى أن الحريري لم يدخل على خط السجال، وتجنبه خلال اليومين الماضيين «بهدف إنجاح القمة، وعدم التشويش عليها، من خلال سجال لبناني سياسي داخلي».

وفي السياق نفسه، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر»، أمس، قائلاً: «بالمناسبة لم نراهن على أميركا ولا على الغرب، ورأينا كيف خذلوا الثورة السورية السلمية وتركوها بعد الاتفاق على الكيماوي. ورأينا لاحقاً كيف جرى تدمير سوريا أرضاً وشعباً. ولن أسترسل من أجل مبدأ تنظيم الخلاف. لكن اعفونا إذا ممكن من هذه اللغة الجافة في التخاطب. مع احترامي ومحبتي».