مؤتمر التوعية من المخاطر الإسرائيلية عبر الفضاء السيبراني

بدعوة من المديريّة العامة للأمن العام، وبرعاية وحضور المدير العام اللواء عبّاس إبراهيم، إنعقد مؤتمر “التوعية من المخاطر الإسرائيليّة عبر الفضاء السيبراني”، يوم الأربعاء في 27/ 6/ 2018 في مقر المديريّة العامة للأمن العام، وضمّ نخبا من الخبراء المختصّين، والأساتذة الجامعييّن، والقضاة، ومندوبين عن الأجهزة الأمنيّة والإعلامييّن.

منسّق المؤتمر العميد نبيل حنون

إفتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني، ونشيد الأمن العام، وكانت الكلمة الأولى لمنسّق المؤتمر العميد نبيل حنون، إستهلّها بالقول ان الفضاء السيبراني قد يكون له العديد من الحسنات، لكنه أفرز العديد من المخاطر والتحدّيات التي طالت القطاع الأمنّي بشكل خاص، وسائر مرافق الدولة بشكل عام.

وركّز على أهميّة الوعي للخطر المحدق بالفضاء اللبناني من الإختراقات الإسرائيليّة التي حصلت، اوالمحتمل حصولها، والتعرّف اليها، والردعليها، وإكتساب القدرة على مواجهتها، وتحصين الفضاء السيبراني اللبناني، لاسيّما المعلومات والخدمات والبنية التحتيّة التابعة لجميع القطاعات الحيويّة، ومكافحة  الهجمات والتهديدات السيبرانيّة.

ودعا الى حماية البنية التحتيّة للمعلومات، والفضاء السيبراني، من خلال عمل مشترك  يتناول تبادل الخبرات، والفوائد بين المعنييّن في القطاع الأكاديمي، والتقني، والقانوني، والإعلامي.

وشددّ على أهميّة توعية المواطنين ليتصرّفوا بمسؤولية أكبر في الفضاء السيبراني، ومساعدتهم على مواجهة مخاطر الإنترنت، والهواتف الذكيّة. ودعا الى تنظيم ورش عمل دوريّة  لإطلاع القطاع العام والخاص ، والمواطن اللبناني على التطوّرات  والتغيّرات التي تستجدّ يوماً بعد يوم، وتحديد نقاط قوّة الأمن السيبراني اللبناني، ونقاط ضعفه لتلافيها، وإيجاد الحلول لها، وكذلك للإستفادة من الفرص الموجودة، ومواجهة التحدّيات المتوقّعة في عالم المعلوماتيّة.

وشددّ على أهميّة الترويج لثقافة وطنيّة للأمن السيبراني، مشيراً الى ضرورة بناء القدرات البشريّة، وتخصّصها، وإدخال تحسينات على الجوانب الأمنيّة، ومسائل أخرى تتناول الخصوصيّة، والرسائل والبرمجيّات الضّارة، وتنفيذ برامج ومبادرات التوعية من المخاطر السيبرانيّة، والحلول الناجعة.

راعي المؤتمر المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم

وتحدّث راعي المؤتمر، المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم، فإعتبر أن الحديث عن السيادة والإستقلال، والأمن الوطني، لم يعد ممكناً من دون الأخذ جديّاً في الإعتبار موضوع الأمن السيبراني. وقال: إن الهدف من مؤتمرنا التوقف مليّاً وبعناية شديدة أمام الأخطار البالغة الدقة التي يشكلها الأمن الرقمي، والتي تضاف الى مجموعة أخطار منطلقة  من منصتي العدوّين الإسرائيلي، والتنظيمات الإرهابيّة، اللذين لا يزالان يضربان لبنان، ونتصدّى لهما بطاقاتنا القصوى.

وأشار الى أن الوقائع أثبتت الحاجة الملحّة الى إيلاء الشق الأمني عناية إستثنائيّة لحماية الدولة، ومؤسسات القطاعين العام والخاص والمرافق الحيويّة، وقبل كل شيء، حماية حياة اللبنانيين، وحرياتهم الخاصة. وإعتبر أن العكس من ذلك، يعني أن السيادة الوطنيّة من دون حصانة الأمن الرقمي منقوصة.

وإعتبر اللواء إبراهيم بأن العقد الأخير كشف دول العالم برمتها أمام خطر الأمن السيبراني، وسرعة تطوّر آلياته القادرة على شلّ قطاعات كاملة في الدولة والأسواق وإعطابها، ناهيك بأن الجرائم الإلكترونيّة الى إرتفاع مستمر، في ظل عجز الأمن بمعناه المادي البحت والتقليدي عن كبح هذا الخطر، حتى أضحى كل ما هو “قاعدة بيانات” هدفاً يتراوح بين حدّي الإبتزاز المادي، أو الإستيلاء والتدمير.

وإعتبر أن كل فرد يصبح عرضة للإستهداف ما دام يستعمل الهاتف الذكي، أو الكومبيوتر. لذلك فإننا معنيّون، لا بل ملزمون حماية مؤسساتنا وقطاعاتنا وخصوصيّاتنا التي تنتشر في فضاء الإنترنت. هذا الإلتزام يرتقي الى حدّ الواجب في ضوء الهجمات والخروقات الإسرائيليّة السيبرانية المنظّمة التي تشنّ على لبنان كله ومن دون تمييز. كذلك الأمر في ظلّ ما نجحت في تحقيقه المنظمات الإرهابيّة لجهة تطويع إنتحارييّن، وشبكات وخلايا مهمتها تعميم الخراب والقتل وإسقاط الدولة اللبنانية على خط النار الممتد من سوريا حتى ليبيا. وقال: نحن في هذا الصدد أسقطنا وأحبطنا – ولا نزال –  العشرات من الشبكات التي تسعى يوميّاً الى تجنيد عملاء للعمل لصالح العدو الإسرائيلي، وهي الحرب الأخطر التي نخوضها في أيامنا هذه.

وأشار الى أن جزءاً كبيراً من الحروب اليوم تشنّ على الفضاء السيبراني، عبر نسخ معلومات وسرقتها، او تعطيل أنظمة شديدة الحساسيّة. وقال: صار كافياً أن تشنّ حكومة ما هجمة سيبرانيّة منظمة لإختراق قاعدة عسكريّة عند دولة تفترضها هي عدوها، لترد الأخيرة بحرب عسكريّة أو أمنية. والأكثر سوءاً في هذا الإطار أن مجموعات صغيرة ولأهداف أيديولوجيّة، او أفراداً مميّزين بمهارات رقميّة، صاروا قادرين في الحد الأدنى على ضرب أساسات مؤسسات تشكل نظماً إقتصاديّة وتجارية، وكحد أقصى إحداث قلاقل واسعة النطاق قد تتطور وتأخذ صفة إضطرابات إقليميّة أو دوليّة. بين الأمرين أمست سيادة أي دولة في حاجة الى إعتبار الأمن السيبراني ركناً في عقيدتها الأمنيّة.

وأكّد على أن هذا الواقع يستدعي ورشة تقنيّة تعتزم المديريّة العامة للأمن العام الشروع في إطلاقها وفقاً لما تجيزه الصلاحيات، وفي إطار الإلتزام الكامل والحرفي النص القانوني لجهة حماية الحريات، وذلك عبر تخصيص شعبة تحدد علميّاً مخاطر الأمن السيبراني، من خلال إعتماد أفضل المعايير الدولية لتقييم المخاطر، وتوسيع قاعدة تبادل المعلومات ومؤشرات التهديد المتعلّقة بالأمن الوطني مع سائر المؤسسات الأمنية اللبنانية.

وإعتبر أن التلكوء عن هذا الواجب يعني قبولاً بإستباحة السيادة الوطنية، وإنتهاكاً لحريّة اللبنانيين وخصوصيّتهم. ما يجب التأكيد عليه في هذا الإطار أن النجاح يبقى رهناً بحسن التوظيف والتدريب والتعليم التقني والفني، على أن تولي الوزارات المعنيّة عنايتها القصوى لمناهج التعليم الرقمي، كون الذكاء الصناعي والتجاري والعلمي لا يمكن مواكبته بالمناهج القديمة والبرامج المعمول بها.

وختم قائلاً: يجب علينا كمسؤولين في شتّى الميادين الإستثمار ب”السلامة السيبرانيّة” او”السلامة الإلكترونيّة”، بما يمكننا إدّعاء تحقيق “الأمن المعقول”، لأن لا أمن مثاليّاً في عالم تحكمه شهّيات مفتوحة للسيطرة والتحكّم، ومنه  عدوّان ما  توقفا للحظة عن إستهداف لبنان هما : إسرائيل، والتنظيمات الإرهابيّة.

الجلسة الأولى

وعندما إنتهى راعي المؤتمر اللواء عبّاس إبراهيم من إلقاء كلمته، وزّع دروعاً تذكاريّة على المحاضرين ومديري الجلسات. وإثر ذلك عقدت الجلسة الأولى، تحت عنوان: “طبيعة الفضاء السيبراني، والتقنيات والتطبيقات المستخدمة ومخاطرها، وأساليب الوقاية”.

تحدث في الجلسة كلّ من الدكتورة جنان الخوري، رئيسة القسم الحقوقي في مركز المعلوماتية  – كليّة الحقوق – الجامعة اللبنانية. والدكتور إيلي نصر رئيس قسم الأمن السيبراني في جامعة AUST. وأدار الجلسة الإعلامي ماجد بو هدير.

الدكتورة جنان الخوري

قدّمت الدكتورة الخوري ورقة عمل عرضت فيها الإشكاليات المتعدّدة الأوجه، التشريعيّة، والتنفيذيّة، التي أفرزها  الفضاء السيبراني، وتطبيق الخدمات التكنولوجيّة الحديثة، أبرزها معايير أمن  المعلومات، وتحدّيات الأمن العابر للحدود، والحرب السيبرانية ووسائلها، (اوحرب السايبرالخفيّة والناعمة)، والجيش السيبراني، والمراقبة الإلكترونيّة، والتجسّس السيبراني، والقرصنة الإلكترونيّة، ومدى تهديد مواقع التواصل الإجتماعي للأمن الوطني، ومدى ضبط الأمن السيبراني، ومدى جهوزية الدفاع السيبراني… وبشكل عام مدى إرساء بنية تحتيّة رقميّة للإندماج في البيئة الرقميّة العالمية، ومدى بناء قدرات متخصّصة، وتوعية الرأي العام.

وتطرّقت الدكتورة الخوري الى دوافع إختراق الفضاء السيبراني، وصفات المخترقين، ونوعيّة ضحايا هذا الإختراق، مروراً بأهم الجرائم السيبرانية التي ترتكب ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي ، كالإرهاب الإلكتروني وغيره، وواقع هذه الإعتداءات والجرائم في لبنان لناحية التشريع، والتحقيق، والملاحقة، والعراقيل المثارة لاسيما الإثبات  الإلكتروني، ومدى صحته.

وأكّدت أن الموضوع الأهم هو الذي يتعلّق بالسيادة الوطنية على قواعد البيانات، بحيث تبرز تحدّيات أمنيّة  وتعاقديّة، لاسيما عمليات التنصّت، والتجسّس، وإستراق السمع، وفئة عقود الإذعان، ومركز حفظ البيانات، والقانون الذي تخضع له، لا بل تشتّت المسؤولية الدوليّة إضافة الى مستجدّات التكنولوجيا الأكثر حداثة لاسيما العملات الرقميّة (Bitcoin) وانترنت الأشياء (Internet OF Things)، والممارسات الفضلى في القوانين المقارنة.

وختمت عارضة لبعض الإستنتاجات والمقترحات، مع نافذة على المستقبل.

الدكتور إيلي نصر

وتحدث  رئيس قسم الأمن السيبراني في جامعة AUST الدكتور إيلي نصر عن الطرق العمليّة للهجمات الإلكترونيّة التي من شأنها ان تضرّ في سمعة الأفراد والمؤسسات، إن على الصعيد المالي او المعنوي، وإستفاض في شرح أحدث الطرق التي يستخدمها القراصنة للولوج الى الأنظمة المعلوماتيّة، وكيفيّة سرقة المعلومات والملفّات الحسّاسة التي تهمّ جميع الموظفين والشركات ومستخدمي جميع أنواع الأنظمة المعلوماتية، والهواتف المحمولة.

وقدّم نصر موجزاً عن إحصائيات الهجمات الإلكترونيّة بحسب الفئة، وعددّ أنواع الهجمات الأكثر  شيوعاً وفتكاً على الصّعيد الشخصي والمؤسّساتي، ولخّصها بالآتي:

–   هجمات فيروس دفع الفدية (Ransomware).

–   هجمات البريد الإلكتروني عبر إعادة توجيه ال يو  آر  إل (URL redirection).

–   هجمات من خلال الدعايات الإلكترونيّة الخبيثة (Malvertising).

–   الهجمات من خلال الذاكرة المنقولة (USB Flash Drivers).

وبعد أن أسهب في شرح وتفصيل كل بند، خلص الى مجموعة من التوصيات التي وجدها ضروريّة للحدّ، أو منع الوقوع في شرك هذه البرمجيّات، منها: ضرورة تدريب الموظّفين على كيفيّة التعامل مع الملفّات مجهولة النوع والمصدر، ووجوب إتمام النسخ الإحتياطي يوميّاً للملفّات، وإنشاء دورات وبرامج توعية مكثّفة ومتواصلة على الأنظمة الجديدة للموظفين والإدارييّن.

 الجلسة الثانيّة

وإنعقدت الجلسة الثانية من المؤتمر تحت عنوان:”أساليب العدو الإسرائيلي في تجنيد الأشخاص”، وتحدث فيها مندوبون عن الأجهزة الأمنيّة، وأدارها الإعلامي إبراهيم عوض.

العميد الركن أنطوان القهوجي

وتناول ممثل قيادة الجيش العميد الركن أنطوان القهوجي  موضوع المواجهة السيبرانية مع العدو الإسرائيلي، إنطلاقاً من عناوين رئيسيّة ثلاثة: حجم العدو الإسرائيلي في الفضاء السيبراني، ووضع لبنان السيبراني، والخطر الذي يشكله العدو  في قطاع الأمن السيبراني.

في العنوان الأول، رأى العميد القهوجي أن العدوّ الإسرائيلي  قد تنبّه باكراً  لخطورة وأهميّة المواجهة في الفضاء السيبراني، حيث باشر منذ زمن تطوير قدراته السيبرانيّة الهجوميّة والدفاعيّة، وفرض لنفسه موقعاً متقدّماً في عالم تكنولوجيا المعلوماتيّة والإتّصالات بشكل عام، وفي مجال الأمن السيبراني بشكل خاص  بحيث أصبح ضمن أهم خمس دول عالميّاً في هذا المجال.

أما في العنوان الثاني الخاص بوضع لبنان السيبراني، فرأى بأن لبنان يعاني تأخراً كبيراً في هذا المجال، ووفق  تقرير مؤشر الأمن السيبراني العالمي الذي أعدّه الإتحاد الدولي للإتصالات، يأتي لبنان بالمرتبة 118 على المستوى العالمي، وبالمرتبة 15 عربيّاً، في حين أن سلطنة عمان حلّت بالمرتبة الرابعة عالميّاً، والأولى عربيّاً. و رأى أن هذا التقرير المبني على تقييم جهوزية الدول من النواحي التشريعيّة،

والتقنيّة، والتنظيميّة، وبناء القدرات، والتعاون، يظهر تأخر لبنان في كافة هذه النواحي، وأثار ذلك إستغراب العديد من الخبراء الغربييّن، خصوصاً وان لبنان يتمتع بطاقات بشريّة متميّزة تشكل قيمة مضافة كبيرة للشركات العالميّة من خلال تبوئها لمراكز مرموقة داخل هذه الشركات.

وعدّد أهم أسباب التأخر، ومنها: عدم وجود جهد مؤسساتي، وإستراتيجيّة موحّدة للنهوض بهذا القطاع، وضعف التعاون الداخلي بين القطاعات المعنيّة، والتأخر في إصدار القوانين، وإنشاء الهيئات والمؤسسات الضروريّة التي تعنى بالفضاء السيبراني، مثل الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والإفتقار الى البيئة الضروريّة لتحفيز الإبداع في المجال السيبراني، وغياب حملات التوعية عن المخاطر السيبرانية.

وإعترف بأن وضع الأمن السيبراني في لبنان قد شهد مؤخراً جهوداً جادة على المستوى الرسمي، ومن قبل بعض الجامعات والمؤسّسات، ورأى من ضمن أهم  الخطوات التي  تنفّذ حاليا: إنتهاء لجنة تكنولوجيا المعلومات في المجلس النيابي من دراسة قانون المعاملات الإلكترونيّة والبيانات ذات الطابع الشخصي، وإحالته الى اللجان العامة لإقراره، والعمل على إنشاء هيئة وطنيّة لوضع إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني، وتطوير قدرات الأجهزة الأمنيّة، ووضع إستراتيجيّات داخليّة للدفاع السيبراني.

أما في العنوان الثالث المتّصل بخطر العدو الإسرائيلي على لبنان عبر الفضاء السيبراني فرأى العميد الركن القهوجي بأن لبنان موجود على خط مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي الذي يتقن إستخدام الفضاء السيبراني، وقد أصبح لاعباً رئيسيّاً على الخارطة العالمية للتقنيّات الحديثة في المعلوماتية والإتصالات والأمن السيبراني.

وأشار الى أن السنوات الماضية أثبتت إستخدام هذا العدو للفضاء السيبراني ضد لبنان عن طريق إستخدام شبكة الإنترنت لتجنيد العملاء، وإستخدام شبكة الإنترنت للتواصل مع عملائه، وإستهداف البنى التحتية للإتصالات في لبنان، وزرع عدد كبير من منظومات التجسس على إمتداد الأراضي اللبنانية.

وبعد أن عدد نماذج عن الإعتداءات الإسرائيليّة السيبرانية خلال السنوات الماضية ضد لبنان خلص الى القول: لا مجال للوقوف في صف المتفرّجين، وعلى الكل تحمّل مسؤوليّاته في هذه المواجهة على مختلف الأصعدة الأمنيّة، والقضائيّة، والتشريعيّة، والتعليميّة، والإعلاميّة.

العقيد في أمن الدولة المهندس سمير البستاني

وتناول العقيد في أمن الدولة المهندس سمير البستاني موضوع التوعية من المخاطر الإسرائيليّة عبر الفضاء السيبراني ، فركّز بدايةً على الأشخاص المستهدفين للتجنيد من قبل العدو كالصحافيين والإعلاميين، والعاملين في السفارات والبعثات الدبلوماسيّة، والعسكرييّن، ومكاتب الطيران والمكاتب السياحيّة، بالإضافة الى الفنّانين والرياضيّين، وخاصة الذين يقومون بزيارات الى الخارج، وإختلاطهم بأشخاص من جنسيات مختلفة.

وركّز على ضرورة توعية المواطنين ، وخاصة الذين يشاركون في مؤتمرات اوإجتماعات قد تضم مشاركين إسرائيليّين من الحذر من التواصل معهم، وعدم التواصل عبر وسائل التواصل الإجتماعي مع الإسرائيليّين، أو قبولهم كأصدقاء عبر هذه الوسائل.

الرائد حسان السلاك

وتحدث ممثل قوى الأمن الداخلي الرائد حسان السلاك  عن “إعتماد إستخبارات العدو الإسرائيلي على الشبكة العنكبوتية، وعلى وسائل التواصل الإجتماعي في عمليّة التجنيد”، وأعطى أمثلة ونماذج، ودعا الى  نشر التوعية لدى المواطنين بوجوب التأكد، قبل ملء أي إستمارة عبر الإنترنت، من حقيقة الجهة الطالبة، وإبلاغ الأجهزة الأمنيّة المختصّة عند الإشتباه بأي جهة خارجيّة يتم التواصل معها، بغضّ النظر عن مدى تطوّر العلاقة مع هذه الجهة، والتنبّه من التطبيقات  المشبوهة عبر الهواتف الذكيّة، والتنسيق، وتبادل المعلومات حول التطوّرات المتعلّقة بهذا الموضوع  بين الأجهزة الأمنية، وأصحاب الخبرات من تقنيين وأكاديميين.

النقيب جهاد فحص

وتناول ممثل المديريّة العامة للأمن العام النقيب جهاد فحص موضوع “أساليب العدو الإسرائيلي في التجنيد الإفتراضي”، معتبراً ان الإنترنت “ساحة تجنيد إضافيّة مهمّة”، متوقّفاً عند وحدات التجنيد الإسرائيليّة عبر العالم الإفتراضي، مركّزاً على:

1 –  حستوف، او وحدة الإستخبارات المختصّة بإستخلاص المعلومات من  المصادر المفتوحة.

2 – وحدة 8200 المسؤولة عن التجسس الإلكتروني وقيادة الحرب الإلكترونيّة.

ورأى أن الوحدتين تشكّلان عصب العمل الإستخباراتي الإسرائيلي في العالم الإفتراضي. وأشار الى أنواع التجنيد في الفضاء الإفتراضي، وقال أنه ينقسم الى ثلاثة أقسام، التجنيد المباشر، والتجنيد غير المباشر (المنحى السلبي والإيجابي)، والتجنيد الشبكي البسيط والمعقّد.

وبعد أن عدد النقيب فحص نماذج عن المحاولات التي قام بها العدو الإسرائيلي، خلص الى التأكيد على ضرورة  كشف الحسابات المشبوهة والوهميّة المرتبطة مع الجهات الإسرائيليّة لمتابعتها أمنيّاً، وحظر المواقع والمدّونات والتطبيقات الإسرائيليّة على شبكة الإنترنت اللبنانية، وتحصين الساحة الإفتراضيّة اللبنانية بحملات دعائيّة لمكافحة التطبيع الإسرائيلي وبكافة أشكاله، وعقد مؤتمرات توعوية لإعلام الجمهور حول المخاطر والعواقب القضائيّة جراء هذا العمل.

 توصيات الأجهزة الأمنيّة

وخلصت الأجهزة الأمنيّة الى التأكيد على التوصيات التالية:

1 –  إنشاء هيئة وطنيّة للأمن السيبراني تضم ممثلين عن مؤسسات الدولة المعنية لوضع إستراتيجيّة دفاعيّة للأمن السيبراني.

2 – إطلاق حملات توعية إعلاميّة لتنبيه المواطن من مخاطر إستخدام الفضاء السيبراني.

3 – حضّ المواطنين على إبلاغ الأجهزة الأمنيّة المختصّة عند تلقيهم أي تواصل يثير الشبهات.

 الجلسة الثالثة من المؤتمر

وناقشت الجلسة الثالثة من المؤتمر موضوع “تحصين المواطن بالمعرفة والقانون ودور الإعلام في التوعية”، وتحدّث فيها مديرة الوكالة الوطنيّة للإعلام السيدة لور سليمان، والقاضي المشرف على مركز المعلوماتيّة في وزارة العدل القاضي وسيم شفيق الحجّار، وأدار الجلسة الإعلامي جورج علم.

السيدة لور سليمان

وعالجت مديرة الوكالة الوطنيّة للإعلام السيدة لور سليمان  “دور الإعلام في التوعية من المخاطر الإسرائيليّة”، ورأت أن هذه المخاطر كثيرة، وأبرزها المخاطر الإقتصاديّة، والأمنيّة، والعسكريّة، والإجتماعيّة، والصحيّة، والسياسيّة، والإعلاميّة، والدعائيّة، وأسهبت في شرح هذه المخاطر، لتقول بأن لإسرائيل مطامع في لبنان لاسيما في المياه والغاز.

وأكّدت بأن الإعلام الإسرائيلي يقوم بدور متقن في تشويه صورة العالم العربي عموماً ولبنان خصوصاً، وهو يشوّه الحقائق، ويخلط الأوراق، الى حد لا يعود المتلقي قادراً على التمييز بين القاتل والضحيّة. وتحدّثت عن محاولة الوكالة الإسرائيلية للأنباء الدخول الى رابطة وكالات أنباء البحر الأبيض  المتوسط ،من خلال مسعى عبر  دول أورومتوسطيّة، لكن لبنان العضو في هذه الرابطة تمكّن مع آخرين من الأعضاء إفشال هذا المخطط.

ودعت السيدة سليمان الى إعتماد شرعة سلوك مهني لمواجهة المخاطر الإسرائيليّة على لبنان، وتقوم على مبادىء منها، عدم نشر أي خبر تريد إسرائيل الترويج له. وعدم تفضيل السبق الصحفي على الحسّ الوطني. وتقيّد الإعلامي برقابة ذاتيّة على كل ما يقوله او ينشره، وعدم إتاحة المجال أمام نشر الشائعات المغرضة، وتنشيط الإعلام الخارجي لإبراز صورة لبنان السلميّة – السياحيّة، ودحض الإفتراءات الإسرائيليّة التي تروّج صفة الإرهاب للبنان.

القاضي الدكتور وسيم شفيق الحجار

تناول القاضي الدكتور وسيم شفيق الحجار موضوع “التوعية من المخاطر الإسرائيليّة، وعالجه بمهنيّة عالية، وقدم إقتراحات مفيدة مشدّداً على توعية المواطن حول المخاطر في الفضاء السيبراني، ولاسيما تلك الناجمة عن العدو الإسرائيلي، وأنشطته، وتلك المتعلّقة بالتجنيد، وتجميع المعلومات، ونشر الأخبار. ودعا الى تدريب الأجهزة الأمنيّة على الوسائل المبتكرة للعدو عبر الفضاء السيبراني، لاسيّا من النواحي الفنيّة والقانونيّة، وتوفير التجهيزات والموارد اللازمة لعملها. وحثّ على الإسراع في إقرار مشروع قانون المعاملات الإلكترونية، والبيانات ذات الطابع الشخصي، والذي يتضمن باباً خاصاً حول الجرائم المعلوماتيّة. وإجراء مراجعة شاملة مفصّلة للمواد القانونية الواردة في قانون العقوبات، وقانون القضاء العسكري، لبيان مدى كفايتها لحماية المواطن.

ودعا الى الإعلان المستمر عبر المواقع الإلكترونيّة الرسميّة للدولة اللبنانية عن الأعمال التي ينفّذها العدو عبر الفضاء السيبراني لتحذير المواطنين منها، ودراسة أنشطة العدو في الفضاء السيبراني، والأعمال الجرميّة المنفّذة بوجه لبنان، وتوجيه الأشخاص نحو عدم الإفراط في مشاركة الغير في معلوماتهم، لاسيّما

الحسّاسة منها، عبر الفضاء السيبراني، ولفت إنتباههم من الإتصالات ورسائل البريد الإلكتروني الواردة من الغرباء، وتوجيههم نحو حماية حساباتهم على وسائل التواصل الإجتماعي عبر إعتماد كلمات سر للدخول تكون قويّة.

 البيان الختامي والتوصيات

ومع إنتهاء أعمال المؤتمر، صدر البيان التالي:

بدعوة من المديريّة العامة للأمن العام، وبرعاية وحضور سعادة المدير العام اللواء عبّاس إبراهيم، إنعقد مؤتمر “التوعية من المخاطر الإسرائيليّة عبر الفضاء السيبراني”، وذلك يوم الأربعاء الواقع في27/6/2018  في مقر المديريّة العامة للأمن العام.

وضمّ المؤتمر نخبة من الأساتذة الجامعييّن، والخبراء المختصّين، والقضاة، ومندوبين عن الأجهزة الأمنيّة، والإعلامييّن، وإنتهى المؤتمر الى التوصيات التالية:

1 – إنشاء هيئة وطنيّة للأمن السيبراني تضمّ ممثّلين عن المؤسّسات المعنيّة في الدولة لوضع إستراتيجيّة دفاعيّة  للأمن السيبراني، ومتابعة تنفيذها.

2 – إجراء مراجعة شاملة للقوانين المختصّة المرعيّة الإجراء لبيان مدى كفايتها لحماية المواطن والوطن من الإعتداءات السيبرانيّة الضاربة للأمن الوطني، وإستحداث قوانين تتلاءم والتحدّيات التي يفرضها الفضاء السيبراني.

3 – إستخدام أنظمة أمن المعلوماتية، والتقيد بالسياسات الحمائيّة الموضوعة من قبل قسم أمن المعلومات في المؤسّسات الرسميّة والخاصّة.

4 – تطوير البنية التحتيّة الرقميّة للإدارات الرسميّة، وتفعيل التعاون بين الوزارات المختصّة، والأجهزة الأمنيّة، ومع القطاع الخاص، لتعزيز الحماية السيبرانيّة.

5 – ضرورة تقديم الدولة الدعم وتخصيص ميزانيّة ماليّة لتمويل البحوث العلميّة في هذا المجال.

6 – ترشيد الإعلام الإلكتروني، وتعزيز الرقابة الذاتيّة عند الإعلاميّين، وعدم تفضيل السبق الصحفي على الحسّ الوطني.

7 – حضّ المواطنين على إبلاغ الأجهزة الأمنيّة المختصّة عند تلقّيهم أي تواصل يثير الشبهات.

8 – إدراج مخاطر الفضاء السيبراني في مناهج الجامعات الأكاديميّة، والكليات العسكريّة، ومعاهد التدريب الأمنيّة، وإستحداث إختصاصات في هذا المجال.

9 – أهميّة تنظيم ورش عمل متخصّصة على المستوى الوطني لبناء القدرات البشريّة.

10 – إطلاق حملات توعية إعلاميّة لتنبيه المواطنين من مخاطر إستخدام الفضاء السيبراني، وضرورة حماية بياناتهم الشخصيّة لعدم خرقها من قبل العدو الإسرائيلي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى