خبر

“دافوس الافتراضي” يبحث تداعيات كوفيد-19 واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء

السياسي-وكالات

افتتح «المنتدى الاقتصادي العالمي» الذي يعقد افتراضيا هذا العام أمس الإثنين بخطاب الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي طوَت بلاده صفحة فيروس كورونا المستجد، على الأقل من الناحية الاقتصادية.

وعادة ما يعقد هذا المنتدى في دافوس الواقعة في جبال الألب السويسرية، إلا أن جائحة كوفيد-19 أجبرت قادة العالم على الاجتماع افتراضياً هذا العام.

وخلال دورة العام 2020 من «المنتدى الاقتصادي العالمي» لم يكن ظهور التهاب رئوي غامض في الصين، قبل أن ينتشر في العالم ويعرف بوباء كوفيد-19، يثير قلقاً واسع النطاق.

وكانت النخب الاقتصادية المجتمعة في جبال الألب مهتمة بالجدل الحاصل بين دونالد ترامب والناشطة البيئية غريتا تونبرغ حول التغير المناخي أكثر من اهتمامها بالحجر الصحي المفروض في ووهان.

بعد مرور عام، وفيما تخطت الولايات المتحدة عتبة 25 مليون إصابة، ما أجبر الرئيس الجديد جو بايدن على إعادة فرض القيود على دخول البلاد، عادت القارة الآسيوية إلى الواجهة في النسخة الحادية والخمسين من المنتدى، التي تعقد تحت عنوان «عام حاسم لإعادة بناء الثقة» وتستضيف رئيسي الصين وكوريا الجنوبية ورئيسي وزراء الهند واليابان.

وتراجع التفاؤل الذي ساد في نوفمبر/تشرين الثاني عندما أصبحت اللقاحات واقعاً، مع فرض قيود جديدة في بداية العام في أنحاء العالم لمكافحة الوباء وظهور نسخ متحورة من فيروس كورونا والتأخيرات المتراكمة في تسليم اللقاحات.

والشخصيات الكبيرة المشاركة فيه هي المستشارة أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وكريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي.

وأرسلت إدارة جو بايدن الجديدة، التي وعدت بإحياء سياسة خارجية متعددة الأطراف، خبير الأمراض المعدية الطبيب أنطوني فاوتشي وهو المستشار الرئاسي حول الوباء، بالإضافة إلى جون كيري، المبعوث الخاص للمناخ، بعد قرار الرئيس الجديد بإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ.

وسيكون أحد تحديات الإدارة الأمريكية الجديدة التعامل مع عالم يتحول مركز ثقله نحو آسيا.

وبعد التجمع الافتراضي الأول سينتقل منتدى دافوس في أيار/مايو إلى سنغافورة، بعيداً عن المنتجع الشتوي السويسري الفخم حيث تواصل انعقاده منذ أسسه البروفسور الألماني كلاوس شفاب العام 1971.

والسبب المعلن وراء نقله يتعلق بالمخاوف الصحية إذ تعتبر هذه المدينة التي سجلت فيها 29 وفاة فقط، أكثر أمانا من جنيف.

ويعكس هذا التركيز على آسيا من جانب منظمي المنتدى نتائج دراسة حديثة أجرتها شركة «يولر هيرميس» للتأمين تُظهر أنه بفضل الوباء، من المفترض أن يعادل إجمالي الناتج المحلي الصيني نظيره الأمريكي بحلول العام 2030، أي قبل عامين مما كان متوقعاً قبل الأزمة.

كذلك، أظهر تقرير للأمم المتحدة نشر أمس الأول أنه في عام 2020، أصبحت الصين الوجهة الأولى في العالم للاستثمار الأجنبي المباشر متفوقة على الولايات المتحدة.

وأبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقاً مثيراً للجدل من حيث المبدأ مع بكين في نهاية الشهر الماضي بهدف تشجيع الاستثمارات المتبادلة.

والصين هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي حقق نمواً في العام الماضي بلغت نسبته 2.3 في المئة، كما أنها زادت حصتها في السوق. فقد ازداد فائضها بنسبة 7 في المئة مقارنة بالولايات المتحدة في العام 2020، وهو دليل على فشل سياسة الحرب التجارية التي شنها دونالد ترامب.

ومن المفترض أيضا أن يتطرق المنتدى إلى موضوع مهم آخر هذا الأسبوع هو تفاقم انعدام المساواة والمخاطر التي يمثلها ذلك على تماسك المجتمعات.

وفي مقالة نشرت منتصف الشهر الحالاي قال شفاب «مرة أخرى لدينا فرصة لإعادة البناء» داعياً إلى إعادة النظر في الرأسمالية في ضوء جائحة فاقمت انعدام المساواة.

لكن دون «التشكيك في هذا النظام الاقتصادي الذي يتم من خلاله تحديد قرارات الشركات الكبرى المدرجة في البورصة من قبل المساهمين الذين يسعون إلى تحقيق أقصى قدر من الربحية في فترة قصيرة» وفق جان كريستوف غراتس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لوزان.

وأعلنت منظّمة «أوكسفام» لمكافحة الفقر أمس أن أزمة كوفيد-19 تفاقم انعدام المساواة في العالم، مع سرعة تزايد ثروات الأغنياء وأرجحيّة أن يحتاج الأكثر فقرا سنوات للخروج من دائرة الفقر.

وعالميا، ازدادت ثروات أصحاب المليارات 3900 مليار بين 18 مارس/آذار و31 ديسمبر/كانون الأول 2020 وفق المنظمة التي جددت دعوتها إلى فرض ضرائب على الثروة لمكافحة «فيروس انعدام المساواة».

وحذّرت المنظّمة في تقرير بعنوان «فيروس انعدام المساواة» من أنّ هذه هي المرّة الأولى منذ بدء وضع الإحصاءات والسجلّات التي يرتفع فيها انعدام المساواة في كلّ بلد تقريباً، وفي التوقيت نفسه، في ظلّ الجائحة.

وجاء في التقرير أن «الألف شخص الأكثر ثراءً على الكوكب عوّضوا خسائرهم جرّاء كوفيد-19 في تسعة أشهر، لكنّ الأمر قد يستغرق أكثر من عقد حتّى يتعافى الأكثر فقراً في العالم».

كما سلّطت منظّمة «أوكسفام» الضوء على انعدام المساواة حتّى في تأثير الفيروس على الأشخاص والجماعات، إذ تُعاني أقلّيات عرقيّة في بعض البلدان من معدّلات وفيات أعلى. كما أنّ القطاعات الاقتصاديّة الأكثر تضرّرًا من الوباء هي تلك التي تتمثّل فيها النساء بشكل كبير.

وأشارت «أوكسفام» في تقريرها إلى أنّ تحقيق اقتصادات أكثر إنصافاً هو المدخل لتعافٍ اقتصادي سريع.

ووفق حسابات أجرتها المنظمة فإنّ فرض ضريبة مؤقّتة على الأرباح الزائدة التي حقّقتها 32 شركة عالميّة خلال فترة الوباء، كانت ستُساهم في جمع 104 مليارات دولار عام 2020، وهو مبلغ كاف لتأمين إعانات بطالة لجميع العمّال في البلدان متوسّطة ومنخفضة الدخل، إضافة إلى الدعم المالي للأطفال وكبار السن.

وقالت غابرييلا بوشر، المديرة التنفيذيّة للمنظمة «يجب أن تكون مكافحة انعدام المساواة في صميم جهود الإنقاذ والتعافي الاقتصادي» عبر تمويل الخدمات العامّة من خلال نظام ضريبي يدفع فيه الأفراد والشركات الأغنى نصيبهم العادل.