خبر

المحاصصة وصلت إلى حق اللبنانيين بوطنهم!

فكأن المحاصصة و الفساد داء لبنان و قدره. فالسلطة الحاكمة لا تفوت فرصة دون الاستفادة منها وعقد الصفقات كما المحاصصة، حتى عندما يتعلق الامر بمسألة صحية انسانية على غرار مكافحة جائحة كورونا.

منذ بداية انتشار الوباء وتدرج إجراءات الوقاية في لبنان، حصل انقسام حاد داخل مكونات الحكومة حول التعاطي مع رغبة اللبنانيين بالعودة إلى وطنهم، وانقسم مجلس الوزراء بين من يطالب باعادة المغتربين اللبنانيين الراغبين والهاربين من انتشار فيروس كورونا في العالم الى بلدهم و هو ابسط حقوق المواطنة، و رأي آخر يرفض ذلك بذريعة عجز الدولة عن تحقيق ذلك .

الفريق الاول تزعمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، والثاني ترأسه رئيس الحكومة حسان دياب. لاحقا هدد بري بترك الحكومة، والتي هي في الاصل من لون سياسي واحد، ما أجبر دياب إلى تبديل طبائعه والرضوخ لمشيئة الثنائي الشيعي كي لا تطير حكومته.

هذا الأمر أثار حفيظة الوزير السابق جبران باسيل على إعتبار بأنه "شريك مضارب" داخل الحكومة فرفع الصوت باسم حقوق المسيحيين لأنه اعتبر أن في الامر صفقة ومحاصصة مذهبية، باعتبار أن معظم العائدين هم من السنة والشيعة، خصوصا و أن وزير الخارجية السابق عمل جاهدا للاستفادة من الاغتراب اللبناني وهو لن يفوت فرصة الكورونا من دون أن يسجل نقطة في هذا الملف.

الاوساط السياسية اللبنانية توقفت مليا عند خلفيات قبول دياب اعادة المغتربين، وهو الذي عارض الامر بشدة بداية، خصوصا في ظل عجز حكومته عن إدارة الوضع الداخلي المتجه نحو الانهيار، كما اللجوء إلى التبرير و الذرائع بتراكم الازمات منذ العهود السابقة.

من جهته، إنحاز "حزب الله" الى شريكه نبيه بري و نجحت الضغوط برضوخ رئيس الحكومة و تسيير رحلات جوية نحو مطار بيروت، و لموقف الحزب جملة إعتبارات منها الحضور الفاعل لابناء الجنوب في القارة الافريقية، و بمعظمهم يشكل سندا دعما ماديا و معنويا له و للحركة، و قد رغبوا اكثر من غيرهم بالعودة إلى لبنان، هربا من الدول الافريقية الفقيرة والضعيفة والتي تفتقر الى المقومات الصحية لمواجهة ازمة كورونا.

اما الاهم فهو أن"حزب الله" اراد من هذه الخطوة كسر قرار اقفال مطار بيروت الدولي، ولو بطريقة مبطنة، وفتح الباب لوصول طائرات خاصة لا تخضع غالبا للمراقبة والتدقيق، و هو أمر يحمل في طياته ابعادا استراتيجية تتصل بالحصار الأميركي الخانق و صعوبة التحويلات المالية من الخارج.

المعضلة الأصعب أمام الحكومة هو كيفية تكثيف الاجرءات الصحية للبقاء ضمن حالة الاحتواء والحؤول دون تفشي الوباء، كما تكمن بتأمين عودة جميع اللبنانيين من دون استنسابية، خصوصا مع مناشدات العالقين في الخارج و تحديدا فئة الطلاب، فهؤلاء يتحملون ظلم دولتهم مرتين، الأولى عندما يمنع النظام المصرفي اهاليهم من تحويل أموال إلى الخارج، و الثانية عندما تتعامل حكومتهم بصفتهم زبائن فتحيلهم إلى شركة طيران وطنية تعمد إلى مضاعفة اسعار تذاكر السفر.