ان المدخل المنشود بتعيين مجلس الادارة لـ"الكهرباء"، والموافقة على تعديل مشروع قانون 462 المتعلق بـ"الهيئة الناظمة للقطاع"، فُرّغ من محتواه، وقضى على أي أمل بتأمين أبسط حقوق المواطنين في القرن الواحد والعشرين. الخطوة الإصلاحية تترافق مع أسوأ أزمة انقطاع كهرباء يشهدها لبنان.
وبدلاً من ان تصيب الهدف وتسقط النهج القائم الذي أوصل البلد إلى هذا المأزق، أتت رصاصتها خلابية، صوتها مرتفع إنما معدومة الفعالية. إنطلاقاً من الضغوطات القائمة على الحكومة، والاسماء المتداول بها لمجلس إدارة الكهرباء، يظهر ان السلطة لن تنتج سوى مجلس إدارة جديد يستكمل المسار نفسه لمجلس الادارة القديم، والذي هو وضع اليد على القطاع الكهربائي بكل تشعباته وبخاصة المالية منها. الخبير في مجال الطاقة د. منير يحيى يرى ان "العجلة في تشكيل مجلس الادارة أخيراً، بعد مطالبة من كافة المؤسسات الدولية، مرده إلى ان قوى السلطة تخشى ان تطيح الظروف الاقليمية والدولية والمحلية بهذه الحكومة، وإمكان الإتيان بحكومة أكثر استقلالية تضع تعيين مجلس الادارة من أولى مهماتها. وبالتالي ما تقوم به السلطة أو هذه القوى اليوم ليس بهدف الإصلاح بقدر ما هو ضمان وضع يدها على المؤسسة في حال حصول تغيير حكومي لاحق من خلال مجلس إدارة جديد".
الهيئة الناظمة
التركيبة الملتوية لمجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، يقابلها إمعان في تحويل الهيئة الناظمة للقطاع التي لحظ القانون تشكيلها منذ العام 2002 إلى صورية. فالتعديلات المطروحة تتيح لوزير الطاقة استمرار وضع يده على "الهيئة"، وجعله المجرى الذي من خلاله يؤمن مصالحه السياسية والمالية بحجة ان "الوزير سيد وزارته". وبهذا "تتم مصادرة استقلالية كافة الهيئات الناظمة والمؤسسات العامة التي اعطيت استقلالية عالية في الاصلاح الشهابي"، يعتبر يحيى. و"كأن ما يحدث اليوم هو تناقض سافر في الرغبة بالتخلي عن الطائف من جهة والقبول به من جهة اخرى بتسيّد الوزير على وزارته ".
خطورة ما يحدث لا ترتبط بحفظ المصالح، وإبقاء المؤسسات العامة أداة للتمويل السياسي والتوظيف والاستزلام فقط. بل انها تعتبر الوجه الآخر لمأساة يعيش اللبنانيون فصولها يومياً بانقطاع الكهرباء اكثر من 20 ساعة، وتحكّم اصحاب المولدات بنفس المواطنين، ونقطة المياه الباردة التي يشربونها.