خبر

الترسيم البحري: معركة محدودة أم اتفاق سريع؟

كاد اللبنانيون ان يبدأوا احتفالاتهم بالاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة والبدء بالتنقيب عن الغاز على اعتبار ان مثل هذا الاتفاق ينهي احتمالات التصعيد العسكري من جهة ويفتح باب الإنفراج الاقتصادي من جهة اخرى، لكن التردد الاسرائيلي الذي ظهر في اللحظة الاخيرة أعاد خلط الأوراق.

 

معظم التحليلات الجدية اللبنانية والغربية وحتى تلك التي ينشرها الإعلام الاسرائيلي تؤكد ان الحكومة الاسرائيلية ستوقع على الاتفاق، وانها لن تتمكن من اللعب على التناقضات والحفاظ على الأمن في آن معاً، لذلك فإن الرفض الحالي قد ينقلب موافقة بسحر ساحر، خصوصا ان المؤشرات الايجابية عادت لتظهر في الساعات القليلة الماضية.

 

لكن ضيق الوقت الذي تفرضه عدة أمور أولها صدقية "حزب الله" ورغبته بالحفاظ عليها، والذي ألزم نفسه بعدم السماح بالمماطلة، وثانيها قرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون مع ما يعنيه ذلك من تفسيرات دستورية، وثالثها قرب بدء عملية الاستخراج من حقل كاريش،كل ذلك يعيد إحتمالات التصعيد الى الطاولة.

 

لم يرغب "حزب الله" منذ البداية ان يحشر نفسه في الأيام الاخيرة من شهر تشرين الاول، أراد حسماً في ايلول، لكن الايجابية الكبيرة التي سيطرت على المشهد العام والتي أوحت بأن التسوية حاصلة وان التنازل الإسرائيلي منجز، ساهمت في إعطاء الحزب اوقاتاً اضافية كادت تثمر ترسيما للحدود بشروط لبنان.

 

لكن احتمالات التصعيد، التي لا تزال محدودة، قد تبدأ من خلال رسالة بالنار يرسلها الحزب بإتجاه منصات الغاز، خصوصا ان المعنيين بالدولة اللبنانية يتعاملون بتماسك كبير مع التفاوض ولا يرغبون بتقديم اي تنازل جديد، لذلك فإن رسالة الحزب قد تكون قريبة بالتوازي مع خطاب سيلقيه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بداية الاسبوع المقبل، في حال لم يحصل تطور ايجابي من الجانب الاسرائيلي.

 

وتعتقد مصادر مطلعة ان الحزب لن يبدأ حرباً ولكنه سيحاول وبشكل متدرج ومتصاعد إلزام الحكومة الاسرائيلية التوقيع على الاتفاق، وان يجعل المخاوف الشعبية للتوقيع لا تقارن بالمخاوف الشعبية لعدمه، وهذا قد يؤدي الى تنازل إسرائيلي من دون اضرار فعلية على الطرفين.

 

لكن الاحتمال الآخر هو ان ترد اسرائيل على اي استهداف من قبل الحزب، الامر الذي سيدفع الامور نحو تصعيد وتصعيد مضاد سترغب إسرائيل ان يكون محدوداً لكن الحزب قد يذهب بعيدا في حال تعرض لضربة عسكرية موجعة، وهذا ما لا تملك تل ابيب اي اجابة حقيقية عليه...