خبر

الحشيمي: تفشّي الحمى القلاعية مسؤولية سياسية مباشرة

رأى النائب بلال الحشيمي ان “ما يجري في ملف تفشّي الحمى القلاعية لم يعد مسألة تقنية أو إدارية يمكن احتواؤها ببيانات تطمين أو بلجان طوارئ، بل أصبح قضية مسؤولية سياسية مباشرة”. وقال: “إنها قضية تمسّ صورة الدولة وقدرتها على حماية أمنها الغذائي وصون أرزاق آلاف العائلات التي تعيش من تربية الأبقار والعمل الزراعي. فحين تُترك أزمة بهذا الحجم تتفاقم، يكون الخلل في القرار قبل أن يكون في التنفيذ، وفي السياسة قبل أن يكون في الإدارة”.

أضاف في بيان: “نحن أمام مرض فيروسي فائق العدوى، تؤكّد المراجع العلمية والهيئات البيطرية الدولية على أنّه قادر على إصابة ما بين 70% و100% من القطعان غير المحصّنة خلال فترة قصيرة، ويتسبّب بانخفاض إنتاج الحليب بنسبة قد تصل إلى 50%، وبنفوق ما بين 20% و40% من العجول الصغيرة، فضلًا عن خسائر طويلة الأمد في الخصوبة والنمو قد تُخرج مزارع كاملة من الدورة الإنتاجية.”.

وشد على ان “هذه الأرقام ليست تقديرات سياسية ولا تهويلاً إعلاميًا، بل وقائع علمية ثابتة يعرفها كل من يتعاطى بجدية ومسؤولية مع هذا الملف، وان الدولة كانت على علم بها والوقائع مكتوبة ولا تقبل الإنكار”. وأشار الى ان ” القرار الرسمي رقم 1960 تاريخ 30/10/2023 المتعلّق بالوضع الوبائي الحيواني وبعترة SAT1 من الحمى القلاعية يشكّل مرجعًا قانونيًا ملزمًا، ويثبت أن وزارة الزراعة كانت على علم بالخطر منذ أكثر من عام. ثم جاء التعميم الصادر بتاريخ 15 كانون الثاني 2025 ليُعيد التأكيد على هذا العلمويطلب صراحة تجميد أذونات الاستيراد وتعليق استيراد المواشي من الدول التي سُجّلت فيها هذه العترة، وتشديد الإجراءات الوقائية”.

واعتبر ان “أي حديث عن جهل أو مفاجأة يسقط نهائيًا، لأن التجميد بحد ذاته دليل على العلم المسبق، وأي كسر له هو تحميل متعمّد للبلد مخاطرة صحية واقتصادية جسيمة.وأي استيراد تمّ بعد صدور القرار رقم 1960 والتعميم الصادر في 15/1/2025 لا يمكن أن يكون عشوائيًا أو نتيجة خطأ فردي. فالاستيراد يتم عبر أذونات رسمية، ولا تمرّ الشحنات إلا بتواقيع ومسارات إدارية واضحة، ولا تُمنح الاستثناءات إلا بقرار سياسي–إداري”. وقال: “هذا يقود مباشرة إلى مسؤولية رأس الوصاية، إذ إمّا أن الاستيراد سُمح به خلافًا لقرار نافذ، وإمّا تمّ التغاضي عن كسر هذا القرار بعلم مسبق، وفي الحالتين تكون المسؤولية سياسية وإدارية مباشرة لا يمكن تحميلها لمزارع أعزل ولا لموظف صغير”.

ولفت الى ان”التجارب الدولية تقدّم مثالًا واضحًا لا يحتمل الاجتزاء. ففي المملكة المتحدة، عندما تفشّت الحمى القلاعية عام 2001، اعترفت الدولة بالخطر فورًا، أوقفت حركة المواشي، عزلت المناطق المصابة، واتّخذت إجراءات قاسية وصلت إلى إعدام ملايين الرؤوس المريضة والمخالِطة، بالتوازي مع تعويضات شاملة للمزارعين لأنهم لم يكونوا المتهمين بل المتضرّرين. القرارات كانت موجعة، لكنها متّسقة ومُحترمة حتى النهاية، وكانت النتيجة إعلان البلاد خلوّها من المرض واستعادة أمنها الغذائي وثقة المزارعين بدولتهم.، اما في لبنان فحصل العكس: قرارات موجودة وخطر معروف، ثم كسر للوقاية، فدخل المرض ودُفع الثمن من جيوب الناس وأرزاقهم”.

وقال: “اليوم، الغبن الذي يلحق بمربي الأبقار ليس غبنًا اقتصاديًا فحسب، بل غبنٌ معنوي واجتماعي أيضًا فالوقائع الميدانية تشير إلى أن نحو 70% من مربي الأبقار مهدّدون بتضرر مباشر إذا استمر التفشّي، سواء عبر نفوق المواشي أو انهيار الإنتاج أو خسارة الأسواق. هؤلاء ليسوا تجّار أزمات ولا متلاعبين، بل عائلات تعيش من تعب الأرض، وتركهم يواجهون المرض والخسارة والديون وحدهم هو ظلم لا تقبله دولة تحترم نفسها”.

اضاف: “إنطلاقا من واجبي النيابي والرقابي، أُعلن انضمامي الكامل إلى الزملاء النواب الذين بادروا إلى توجيه المسألة النيابية رقم 954 المسجّلة بتاريخ 18/12/2025 إلى الحكومة، عملاً بأحكام المادة 124 من النظام الداخلي لمجلس النواب، لكشف ملابسات هذه القضية، وتحديد المسؤوليات السياسية والإدارية، وحماية حق المزارعين”.

وتابع: “إن هذا المسار الدستوري ليس تصعيدًا ولا استهدافًا، بل الحدّ الأدنى من احترام دور المجلس النيابي وصيانة المصلحة العامة، من هنا تصبح مسألة وزير الزراعة وأركان وزارته مسألة مسؤولية سياسية كاملة لا تقبل الالتفاف أو التسويات فوزارة الزراعة هي وزارة الوصاية على المنع والسماح والوقاية، وأي تقصير أو تراجع عن قرارات معلنة، يوجب المساءلة”.

واعتبر أن “التعويض الشامل والفوري لمربي الأبقار وأصحاب المزارع والتجّار المتضرّرين واجب على الدولة، لأنه ليس صدقة ولا منّة، بل حق ناتج عن خلل إداري ووقائي جسيم”.

وختم: “ان الأمن الغذائي ليس تفصيلاً، والثروة الحيوانية ليست هامشًا، ومربي الأبقار ليسوا الحلقة الأضعف التي يمكن التضحية بها. من يكسر الوقاية يكسر ظهر المزارع، ومن يتهرّب من المسؤولية لا يملك حق الاستمرار في موقع الوصاية. المحاسبة اليوم ليست خيارًا سياسيًا، بل شرط لإعادة الثقة بالدولة، ولن نقبل بإغلاق هذا الملف على حساب المزارعين ولا على حساب الحقيقة”.

 

أخبار متعلقة :