خبر

جعجع: بين هذا وذاك تقف الحكومة

 

أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنّ “جوهر المشكلة التي نقبع فيها في الوقت الراهن هو أن هناك حزباً من الأحزاب يرغب بممارسة سلطة أكثر من تلك التي يكفلها له الدستور في حين هناك أفرقاء آخرون يحاولون الإستفادة من السلطة التي يكفلها لهم الدستور ولو بشكل غير مباشر من أجل الغرف أكثر من القِدر متناسين أنه قِدر الرأي العام اللبناني والمصلحة اللبنانيّة العليا وما بين هذا الفريق وذاك تقف البلاد من دون حكومة”.

كلام جعجع جاء خلال عشاء أقامته مصلحة المهندسين في حزب “القوّات اللبنانيّة”، في معراب، في حضور الأمين المساعد لشؤون المصالح د. غسان يارد، الأمين المساعد لشؤون المناطق جوزيف أبو جودة، الأمين المساعد لشؤون الإغتراب مارون سويدي، الأمين المساعد لشؤون الإدارة جورج نصر ورئيس مصلحة المهندسين نزيه متى.

ولفت جعجع إلى أنه “يتفهم تماماً أنه من الممكن في أي بلد من البلدان أن نشهد ما هو حاصل إن في محاولة حزب ما ممارسة سلطة أكبر من التي يكفلها له الدستور أو محاولة أفرقاء آخرين الغرف من السلطة، ولكن ما لا يمكن فهمه هو لماذا لا يقدم من لديهما التوقيع أي فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري على حسم الأمور باعتبار أننا لا يمكننا ترك البلاد ومصير الإقتصاد والليرة اللبنانية في مهب الريح لأي سبب كان”. وشدد على أن “الحل الفعلي هو بيد أصحاب الحل والربط، لذلك أتمنى على الرئيس عون والرئيس المكلف الحريري اتخاذ القرار بتشكيل الحكومة تبعاً لقناعتهما ووفق ما يريانه مناسباً بغض النظر عن مطالب هذا الفريق أو ذاك وليرسلا مرسوم التأليف إلى مجلس النواب حيث يمكن لأي فريق معترض مواجهته والعمل على اسقاط الحكومة هناك”.

وتساءل جعجع: “لماذا لا يتصرفون مع الآخرين بالطريقة التي تصرفوا بها مع “القوّات” لجهة أن يقولوا لهم هذا ما يمكننا إعطاؤكم إياه وهذه الحكومة التي نعتزم تشكيلها ومن له اعتراض على ذلك ليبدي رأيه في مجلس النواب”. وأوضح أنه “لا يمكن القبول باستمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه تحت أي شعار من الشعارات، فهل ينتظرون سقوط الهيكل على رؤوسنا جميعاً؟”.

وردّ جعجع على من يشيع أن هناك صمتاً من قبل “القوّات اللبنانيّة” إزاء ما يحصل في البلاد منذ شهرين حتى اليوم، بالقول: “ليس هناك من صمت قوّاتي إلا أن واجب القيادة المسؤولة أن تحسن في اتخاذ المواقف لأن المسألة ليست مجرّد كلام فالجميع يرى عدد المتكلمين في البلاد إلا أن كلامهم لم يحرز أي تقدم ففي كثير من الأوقات إذا ما تكلّم الفرد في وقت يجب ألا يتكلّم فيه سيزيد الأمور خراباً بدلاً من إصلاحها. نحن لسنا بشعبويين وهدفنا لم يكن يوماً اكتساب شعبيات عائمة وهشّة وإنما نسعى دائماً من خلال كلامنا أم صمتنا التأثير في الوضع القائم بغية تحسين أوضاع الناس الأمر الذي ليس بيدنا اليوم وإنما بيد من يملكون التوقيع ولديهم السلطة بالبت بالأمور وحسمها”.

وتابع جعجع: “نحن أكثر فريق يتوجع مع الناس ونجلس إلى جانبهم في السراء والضراء وهذا ما نقوم به في الوقت الراهن على أمل أن يعطونا ثقة أكبر في الإنتخابات المقبلة من أجل أن نتمكن ليس فقط من مشاركتهم ما يعيشونه وإنما التوقيع باسمهم أيضاً وعندها يمكننا تحسين أحوالهم بشكل أكبر”.

وكان قد استهل جعجع كلمته بتوجيه التحيّة إلى المهندس نزيه متى على الكلمة التي كان قد ألقاها، معتبراً “أنها تعبر عن واقع “القوّات اللبنانيّة” المبنيّة على تاريخ وإنجازات فنحن وقت الخطر “قوّات” وفي أيام السلم وبالرغم من شدّة الإضطهاد، حيث هناك اضطهاد من أنواع أخرى، “قوّات”.

وتابع جعجع: “سحاولوا كثيراً وبأساليب مختلفة اضطهاد “القوّات” فعلى سبيل المثال لا الحصر الحملة التي تعرّض لها وزراؤنا في الأشهر المنصرمة وخصوصاً الوزير غسان حاصباني والتي سببها هو أن هؤلاء الوزراء كانوا في وزاراتهم “قوّات”، لذالك دأبوا على محاولة تشويه صورتهم ومن خلالهم تشويه صورة “القوّات” إلا أنه في نهاية المطاف لم يفلحوا بذلك باعتبار أنه حيث لا وجود للنار من المستحيل أن يكون هناك دخان، لذلك نحن في حزب “القوّات” نعتز بأننا لدينا تاريخ فعلي وحاضر فعلي ومستقبل فعلي ونأمل أن يقدّرنا الله على استكمال مسيرتنا على أفضل ما يكون”.

وتطرّق جعجع إلى المراحل التي مرّت فيها “القوّات” في العام المنصرم، وقال: “مررنا خلال الـ2018 بامتحان مهم جداً وهو الإنتخابات النيابيّة وبما أنه عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان فقد كان لنا الشرف بأن نخوض هذه الإنتخابات بانسجام تام مع طروحاتنا السياسيّة ومبادئنا وقناعاتنا من دون أي تحالفات باستثناء بعض الأصدقاء الذين أصبحوا اليوم “قوّات” أكثر منا وتمكنا من الحصول على نتيجة لم يكن يتوقعها أحد حيث أجمع الجميع من 8 و14 آذار على أن نجمة الإنتخابات كانت “القوّات اللبنانيّة” ونحن لن نقف عند هذا الحد وإنما سنكمل العمل كي نتمكن في الإنتخابات المقبلة من إيصال كتلة نيابيّة وازنة إلى البرلمان قادرة أن تؤثر بشكل كبير على مسار الأمور من أجل الخروج من الوضعيّة التي نتخبط فيها اليوم”.

وختم جعجع: “بالرغم من كل الصعوبات التي نمرّ بها يجب ألا يعتقد أي فرد منا أن الوضع في لبنان ميؤوس منه فالمرتكزات الرئيسيّة جيّدة جداً والعنصر البشري متوفر، حتى المقدرات الماليّة التي بين أيادي أرباب العمل ليست بقليلة وإنما المشكلة تكمن في إدارة الدولة والفساد لذا تأكدوا تماماً أننا يمكن أن نحل معظم المشاكل التي نعاني منها إذا ما وجد من يريد حلها من أشخاص مستقيمين ولديهم تصوّر للحل”.

من جهته ألقى متى كلمة قال فيها: “بعد أن أخفق الإنسان بحكمه في الأرض وأوصل بنفسه الى الحضيض، أيقن الرب أنه آن للإنسان أن يولد من جديد، فأرسل ابنه يسوع المسيح ليفتدي ويخلّص البشر. هكذا يعمل الرب، هكذا فعل الله من خلال من ابتكر هذا الوطن بمكوناته، حيث جعل من أرض لبنان ملتقى لشعبه على إختلاف إنتماءاته، ولكن بعد أن أخفق إنساننا وتحارب بالنار والحديد، أيقن الرب أنه آن للبنان أن يولد من جديد فألهم القيمين بالتحلّي بالروح الوطنية، لكن ثمة منهم من استفاض بالمطامع والأنانية وكثرمنهم من جاهر بالمكابرة والنبرة الإستعلائية والبعض منهم من استسلم للأمور الواقعية ،ومنهم من انتفض وثار واعترض… إنهم “القوات اللبنانية”.

ولفت إلى أننا “نفتخر أننا في القوات اللبنانية… نعمل، نؤكّد، نؤمن ونبشر بفرح عظيم جميع الأحزاب ومكونات هذا الوطن أنه آن للبنان أن يولد من جديد لكن كيف يمكن لمكوناتٍ أن تساهم بولادة وطن وهي مسلوبة حريتها، مقيّدة بقرارها، مرتهنة الى العائلة الحاكمة تفتقر الى النظام المنطقي وتتميّز بالقانون المتقلّب؟ كيف يمكن لمكوناتٍ أن تساهم بولادة وطن وهي ملحدة من حيث الإنتماء، مستقيلة من الوطنية، معتكفة عن التجذّر وتجاهر بأهدافها الخارجية التوسّعية ورؤيتها الإستعمارية؟ كيف يمكن لمكوناتٍ أن تساهم بولادة وطن وهي مشبوهة بشفافيّتها، مشكوك بنظافة كفّها، تعيش على مجد باطل، بكرامة مشوّهة وعزّة مكلّلة بالمرارة؟”.

وتابع: “على الرغم من كل ذلك لقد آن للبنان أن يولد من جديد بحريته وسيادته واستقلاله وبأنظمته واستراتيجيته وقوانينه. آن للبنان أن يولد من جديد بالإنتماء والوطنية والتجذر وبالنظافة والشفافية والتحرّر. آن للبنان أن يولد من جديد بالهدف والرؤية الواضحة، بالعزّ والمجد والكرامة ونحن نصبو أن نكون الضمانة، نعم “القوات اللبنانية” هي الضمانة لولادة هذا الوطن”..

وشدد متى على أن “القوات اللبنانية” هي الضمانة لإرث مزمن تناقلته الحركات النضالية الحقيقية المتّحدة مع العصب والروح، ولو لم تكن القوات إستمرارية لمسار طويل من التاريخ لولدت ميّتة. “القوات اللبنانية” هي الضمانة لقضية شعب ثابت في أرضه، جبلت دماؤه بتراب هذا الوطن وسالت منغمسة من أعلى تلاله إلى أسفل وديانه ولو لم تكن القوات قضية هذا الشعب، لتفكّكت بتعرّضها لعدّة صدمات وخضّات خاصةً في زمن التنكيل والإضطهاد والإعتقال. “القوات اللبنانية” هي الضمانة لرؤية واضحة تؤمن الثقة للبقاء في هذه الأرض مذخّرة بالإندفاع والطموح، ولو لم تكن “القوات” مستقبل ومصير لإنخرطت بتسويات مرحليّة وإرتبطت بمسارات خارجية. “القوات اللبنانية” هي الضمانة لنظام حقيقي ثابت ولو لم تكن القوات ثابتة بتنظيمها وبخطابها وبالتعاطي فيما بينها من أعلى الهرم الى أسفله لماعت ولذاب أفرادها ومسؤولوها وناسها وسط تجمعات الصدفة والإغراءات التي لا تنتهي”.

وتوجّه متى إلى مهندسي “القوّات” بالقول: “نحن شهود من زمن “القوات اللبنانية”، نحن أفراد من صلبها، نحن متطوعون، مناضلون، نحن أصحاب قضية. ها نحن نجتمع اليوم من كل الفئات العمرية وقد عايشنا “القوات” في كل مراحلها، من زمن الحرب والمقاومة وصولاً الى زمن السلم والحرية، فعايشنا شهداءها، شاركنا بنضالها ورفعنا راية انتصاراتها. وها هي الرؤية تتوضّح والفكرة تترسّخ أكثر وأكثر وتثبت أن “القوات اللبنانية” هي الضمانة الثابتة لمستقبل هذا الوطن”.

وختم متوجهاً إلى مهندسي “القوّات” في بلدان الإنتشار بالقول: “أنتم رسل القوات الى كل بلدان العالم. أنتم حملة الأمانة الى بلاد الإغتراب والإنتشار. أنتم الصورة الحقيقية لـ”القوات اللبنانية”. أنتم الأغصان التي تفرّعت من أرز لبنان وفاح عطرها وتوهّجت نضارتها في كل بقاع الأرض وبوجودكم المستمر والمواظب في هذا الوطن. أثبتم أن ما تفرّع من أرز لبنان مفرط بالجودة. أثبتم أن جذور هذه الأرزة لم تزل متشبثة في هذه الأرض بترابها وصخورها. كما أثبتم عن مدى  ثقتكم الكاملة بالقوات اللبنانية وبدورها الفاعل في رسم تفاصيل المستقبل كي يبقى لبنان حرّاً، سيّداً، ومستقلّاً على أن يبقى الوطن الأصيل”.