لا تكمن خطورة البندين الرئيسيين في مشروع الموازنة القابعة حالياً في لجنة المال والموازنة، والمتعلقين بإصدار الـ12 الف مليار بفائدة 1%، وزيادة رسم الـ2% على المستوردات، في الجدل القائم حول إمكان تنفيذهما. بل انّ الأخطر يرتبط بطبيعة البندين. أحدهما مجرّد عملية "سواب" تنقل حوالى 450 مليون دولار من كمبيالات مُستحقة، من دفتر وزارة المال الى دفتر مصرف لبنان. والثاني مجرّد ضريبة غير مباشرة يدفعها الفقير بالتساوي مع الميسور، وستتراوح بين 3 و5% ارتفاعاً في اسعار كل السلع تقريباً، وتدرّ حوالى 350 مليون دولار للخزينة. وكل ضريبة في فترة الركود تتحوّل تراجعاً اضافياً في حركة الاقتصاد التي وصلت الى مرحلة قريبة جداً من الانكماش.
يُستدلّ من هذا الواقع، انّ مشكلة البلد المالية بنيوية، فيما المعالجات تركّز على نقاط تفصيلية متفرّعة من الأزمة الأساس، وهي العجز الذي راكم الدين العام خلال سنوات، ووصل اليوم الى مرحلة أصبحت معها الدولة شبه عاجزة عن سداد فوائد هذا الدين.
هذه النتيجة كانت متوقعة طبعاً، لمن كان يتابع المسار المالي العام للدولة، لكن التوقيت جاء أسرع قليلاً من التوقعات بسبب تطورين ساهما في دفع الأزمة الى الامام:
اولاً- إقرار سلسلة الرتب والرواتب في 2017.
ثانياً - حادثة إعلان استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية في تشرين الثاني 2017".
وأضاف: "ما لا يدركه البعض، هو انّ نمو كلفة الفوائد بات اسرع بكثير مما كان عليه قبل 2017. اولاً، لأنّ حجم نمو الدين سنوياً ازداد كثيراً، وثانياً لأنّ معدل اسعار الفوائد ارتفع حوالى 400 نقطة أساس. وهذا يعني انّ البلد بات يدفع كل سنة حوالى 10% على كتلة الدين الجديد(عام 2018 بلغت حوالى 6 مليارات دولار كلفتها حوالى 600 مليون دولار)، وبات يدفع ايضاً فارق السعر في الفائدة على المبالغ المستحقة التي يضطر الى إجراء عمليات (سواب) لتأجيل سدادها.
هذا الواقع الصعب، في ظل المقاربة السخيفة التي جرت حتى الآن على مستوى الموازنة لمعالجة الأزمة، وتحاشي الانهيار، قد يزداد تعقيداً في المرحلة المقبلة، بسبب المستجدات المرتبطة بالتوتر القائم حالياً في المنطقة. صحيح انّ لبنان لا يملك ناقلات نفط ليخاف على مصيرها في مضيق هرمز، ولم يبدأ بعد في استخراج الغاز أو النفط لكي يقلق حول كيفية ضمان تصديرهما، لكن لبنان "يملك" «حزب الله". فهذا الواقع يجعله في قلب المواجهة. وهو ما يفسّر النكبة التي أصيبت بها السندات الحكومية اللبنانية عقب حادثة ضرب ناقلتي نفط في بحر عُمان. وفي حين كان مفهوماً ان ترتفع كلفة التأمين على السندات الحكومية الخليجية، CDS (Credit Default Swap) الى 88 نقطة اساس بالنسبة الى السعودية، و66 نقطة لسندات قطر، لم يكن مفهوماً للبعض في المقابل، لماذا ارتفعت كلفة تأمين الدين اللبناني بسبب هذه الحادثة الى 910 نقاط، بارتفاع حوالى 100 نقطة. الجواب على التساؤل هنا يرتبط بدور لبنان في أي حرب شاملة قد تقع في المنطقة من خلال دور "حزب الله" المُرتقب في هذه المواجهة".
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.