ولأنّهم لم يعودوا يصدّقون الوعود، وهي كانت كثيرة في السنة الماضية وما قبلها وما قبل قبلها نرى اللبنانيين يلجأون إلى العرافين والعرّافات والضاربين في الرمال والملهمين لمعرفة ما يخبىء لهم المستقبل من مفاجآت وأحداث وتطورات، وهم ينساقون لا إراديًا لتصديق ما لا يُصدّق، وهم يعرفون أن المنجمين يكذّبون وإن صدقوا أحيانًا، وذلك لكثرة ما تعرّضوا له من خيبات أمل نتيجة ما يلمسونه يوميًا من إنعكاسات سلبية على المستويات السياسية والإقتصادية والمالية، خصوصًا أن لا بوادر لإمكانية الخروج من نفق الأزمات المتراكمة والمتفاقمة، على رغم ما يُحكى عن قرب ولادة الحكومة العتيدة، وإن كانت التجارب السابقة مع الحكومات المتعاقبة في الفترة الأخيرة غير سارّة ولم تحمل إلى اللبنانيين المن والسلوى.
فمع بداية العام الجديد تبقى الأمنيات مجرد أمنيات، وكأنه كُتب على اللبناني أن يفتش عن فرص ضائعة في المتاهات السياسية وفي زواريب لا تزال مظلمة لا يعرف أحد من وما يختبىء في العتمات وما يُحضّر من أحاجي لا تجد من يفك طلاسمها وألغازها، مع ما فيها من غموض وإلتباسات مستعصية على الفهم والتحليل والإستنتاج.
فالحل لأزمة الأزمات يبقى بعيدًا عن متناول اليد، وما يعزز هذا الإعتقاد أن أهل السلطة لم يقدّموا حتى هذه اللحظة ما يمكن أن يطمئن وما يبعد القلق على المصير وما يفتح من نوافذ أمل تدخل منها اشعة المبادرات الجريئة وتقدّم الدواء للداء المستعصي.
وعلى رغم كل هذا لا يسعنا إلاّ أن نتمنى لوطننا المعذّب ولجميع اللبنانيين، أن يحمل الـ 2020 ما يخفّف عن كواهلنا بعضًا من مسلسل طويل من العذاب، لأننا نؤمن أنه بعد الظلمة سيشرق نور الحق والحقيقة. وعلى هذا الأمل نطوي سنة ونستقبل عامًا جديدًا.