غسان شبارو.. ماذا تخبئ للقارئ العربي؟

غسان شبارو.. ماذا تخبئ للقارئ العربي؟
غسان شبارو.. ماذا تخبئ للقارئ العربي؟

كتب عبدالفتاح خطاب تحت عنوان "غسان شبارو.. ماذا تخبئ للقارئ العربي؟" في صحيفة "اللواء": "يعيش غسان شبارو (من خلال موقعه في الدار العربية للعلوم – ناشرون) بشكل يومي وآني مع الحرف والكلمة، ويتابع مراحل مخاض وولادة الكتب تنضيداً وفرزاً للألوان وإخراجاً وطباعة وتجليداً، حتى خروجها متوهجة إلى الحياة والملأ، فتحتل موقعها في إيدي الناس، وتتربع شامخة على رفوف المكتبات الخاصة والعامة.

أطلّ علينا غسان شبارو روائياً مميزاً عبر باكورة رواياته "بيروت 1982" المنشورة عام 2007، فنقل المأساة والمعاناة التي عاشها كل من كان محاصراً داخل بيروت من مختلف الأعمار والطوائف والجنسيات زمن الإجتياح الإسرائيلي. وتنقّل بأسلوب رشيق ومميز من مشهد إلى آخر حيث تكتمل لوحة الحرب بمآسيها وبطولاتها، وتترابط موضوعاتها المختلفة بحبكة متينة، على بساطة في التعبير وقدرة في تجسيد المشاعر المكنونة. وعلى الرغم من أنها رواية سردية إلا أن الحوادث والنواحي السياسية موثّقة فيها ولا سيما تلك التي كان لها تأثير كبير على مسار تاريخ لبنان الحديث خلال الغزو الإسرائيلي له واقتحامه بيروت وحصاره لها.

ثم انتقل غسان شبارو إلى التحذير من تلوث البيئة في روايته العلمية "2022" المنشورة في عام 2008 حيث تُصوّر أحداثها وتفاصيلها الواقع اللبناني، وطبقات المجتمع والفساد السياسي والإقتصادي والتضليل الإعلامي. كما أطلق الكاتب في روايته رسالة توعية موجهة إلى الشباب بالدرجة الأولى لتلمّس الأخطار المُحدقة، وطرح بدائل مناسبة وحلولاً منتقاة ومستقاة من أبحاث علمية متخصصة في مجال الحفاظ على البيئة.

الرواية الثالثة نُشرت في عام 2011 وهي "كوكب الجرذان". يقول الكاتب "تعيث الجرذان خراباً في البنية التحتية المدنية والإقتصادية، ولكن حجم هذا الأذى لا يقارن بما يسببه بعض الجرذان البشريين الفاسدين، الذين يعمل بعضهم في الإدارات العامة، مستغلّين مراكزهم الرسمية لإرضاء نزوات أمثالهم الجشعين، وذلك على حساب صحة ورخاء وطمأنينة المجتمع. على خلفية صناعة وتجارة ما يسمى "الأدوية والعلاجات العُشبية"، يدور صراع مرير في "كوكب الجرذان" بين أفراد المجتمع وهؤلاء الجرذان البشريين، تتكشف عنه الممارسات القاتلة التي يلجأون إليها لمراكمة ثرواتهم، مطيحين بجميع مبادئ الأخلاق والقوانين".

الرواية الرابعة نشرت في عام 2015 وهي "جمرُ المستنقع"، ويقول غسان شبارو عن روايته: "الشباب هم جمر المستنقع الذي يعيش فيه الشعب، والرواية هي صرخة منهم ولهم تدعوهم لعدم السكوت عن حقوقهم الشرعية والنضال السلمي لاستعادتها، وتشجيعهم على الإنخراط في العمل الإجتماعي والحفاظ على البيئة والتمسك بالعلاقات الأسرية وعدم الهجرة".

الرواية الجديدة "النورس" صدرت حديثاً، في قالب روائي يشدّ القارئ ويحفّزه على المتابعة، يتعرّض فيها غسان شبارو إلى الفساد السياسي والإداري والأخلاقي والإنتهازيّة والوصوليّة، والحراك ضد الفساد، والعلاقات العائلية المضطربة والخيانة الزوجية، وعمليات التهريب الجمركي، والأدوية الزراعيّة والمواد المضرّة بالبيئة، والرشوة وشراء الذمم والشهادات الجامعيّة، والاضطهاد والمعاناة التي يتعرّض لهما الشرفاء، وإلى موضوع يقضّ مضاجع المواطنين ويتسبب في موتهم ألا وهو غشّ وتزوير الأدوية والمستحضرات الطبيّة والزراعيّة. هذه المواضيع وغيرها تأتي تباعاً في الرواية دون تنظير أو تنفير أو استطراد مُمل، بل تتسلل في طيّات الأحداث وعبر حبكة الرواية والتشويق، وتأسر القارئ وتشدّه حتى خاتمتها.

ويُحسب للكاتب غسان شبارو (بالتعاون مع الفنان بلال بصل) إصداره كتاباً موجهاً لفئة الناشئة نشره عام 2011 بعنوان "كتابي" وفاء منه للكتاب الورقي، وللوشائج التي تربط البشر به منذ مئات السنين. والكتاب مرفق بمجموعة من الرسوم بمقاسات سينمائية وأجواء تراثية، تُسلّط الضوء من خلال محادثة ممتعة بين صديقين، يمثّلان شريحة كبيرة من الشباب، لإبراز جوانب عدّة إيجابية ومفيدة، من دون تهميش الكتاب الإلكتروني، بل بتأكيد وجوده كخيار وليس كبديل. كتاب يستفيد منه الأطفال والناشئة والكبار على حد سواء.

إضافة إلى ما تقدم، ساهم غسان شبارو في ترجمة وتحقيق العديد من الكتب في مختلف المجالات.

يلفتنا مقدار الإحترام الذي يكنّه غسان شبارو لذكاء القارئ، وهو بارع في مخاطبة فئة الشباب بما يستهويهم ويشدّ انتباههم، ومتمكن من عرض قضاياهم واهتماماتهم ومطالبهم وهمومهم. وتأتي الحبكة في رواياته مليئة بالمفاجآت التي تحبس الأنفاس، وهو خلال سرده لأحداث الرواية لا يكتفي بطرح العديد من التساؤلات والمعضلات، بل يقدّم الكثير من الحلول، وبين هذا وذاك يضع في متناول القارئ معلومات وتفاصيل قيّمة وممتعة، فريدة ومذهلة.

في كل مرّة تصدر رواية جديدة لغسان شبارو، نتلقفها ونغوص في خضمّها ونعيش أحداثها وخباياها، لحظة بلحظة، وسطراً سطراً، حتى نقطة النهاية في المقطع الأخير من الصفحة الأخيرة، وحين نرفع رأسنا عن الكتاب نتساءل بانبهار ودهشة: أين كان "الروائي" غسان شبارو قبل العام 2007، هذا الكاتب ذو الأسلوب االخاص والنكهة الفريدة، الغني الكريم بأفكاره، المُقلّ بإصداراته .. وماذا يُخبئ للقارىء العربي في الاعوام المقبلة؟".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان