فبعد ما يقارب الأربعين يوم تعطيل قسري عادت الحكومة إلى العمل بعدما أنهكتها ديمقراطية التعطيل ونهشت في جسدها الهزيل أساسًا، ولكن عودتها كانت ناقصة، إذ لم تعقد سوى جلسة "رفع عتب"، على أمل أن تعاود نشاطها بعد عطلة الأعياد، وبعد عودة رئيسها من زيارة واشنطن، التي كانت في الأساس خاصة، وتحّولت لاحقًا إلى عامّة.
ما ينتظر الحكومة هو أكثر من قدرتها على التحمّل في دولة "معيّدة على طول الخطّ"، خصوصًا أن تكوينها الهجين لا يسمح لها بـ"تكبير حجرها"، وهي تعترف بأن الإستحقاقات الكثيرة لا يمكن مواجهتها بحكومة منقسمة على نفسها، إذ أن كل وزير ينتظر الآخر على "غلطة" صغيرة حتى يعمل من الحبة قبة، وتوضع العصي في الدواليب، الأمر الذي يكربج العمل الحكومي ويجعل الإنتاجية اقل من المأمول وأقل بكثير مما هو مطلوب منها، إذ أن المطلوب إنمائيًا يتطلب نمطية مغايرة لما هو عليه الواقع الحكومي اليوم.
ويقول بعض الغيارى من "أهل البيت" أنه في حال إستمّر الواقع على ما هو عليه فإن العملية الإنتاجية لن تتخطى في أحسن الأحوال ما نسبته 10 %، وهو أمر لا يتناسب وحجم الإستحقاقات الداهمة على صعيد مواكبة مشاريع "سيدر"، التي من دونها تدخل البلاد في شلل دائم لا تنفع معه المعالجات العادية القائمة على المسكنات الموضعية والمؤقتة.
المطلوب قبل أي شيء آخر أن تحيّد الحكومة نفسها عن الخلافات الكبيرة، وأن تنكّب على معالجة الملفات الحياتية العالقة، وأن تنصرف إلى إجراء تعيينات في أكثر من موقع، وبالأخص في الهيئات الناظمة، من دون كيدية سياسية ومن دون محاصصة غير عادلة، لما لهذه الهيئات من دور أساسي في ضبط الفلتان المستشري في أكثر من قطاع حيوي. فإذا لم تراعِ هذه التعيينات معيار الكفاءة أولًا، بغض النظر عن إنتماء الأشخاص الذين سيعينون، وعلى أساس الرجل المناسب أو المرأة المناسبة في المكان المناسب، نكون كمن يصب الزيت على النار، وبدلًا من أن نكحّلها نعميها.