ضبط أنفاس بانتظار يوم الاثنين... تخوف من الشارع وحظوظ الخطيب غير مؤكدة

ضبط أنفاس بانتظار يوم الاثنين... تخوف من الشارع وحظوظ الخطيب غير مؤكدة
ضبط أنفاس بانتظار يوم الاثنين... تخوف من الشارع وحظوظ الخطيب غير مؤكدة
يترنح المشهد السياسي ما بين التفاؤل باقتراب موعد الاستشارات النيابية، والقلق من الايام التي تفصل عن يوم الاثنين والتي من الممكن ان تؤثر سلباً على الاستشارات النيابية، إضافة الى الالتباس في مواقف بعض الكتل النيابية من تسمية سمير الخطيب لترؤس الحكومة المقبلة. 

وبانتظار ما ستحمله الايام المقبلة من تطورات ومواقف، تتواصل الاتصالات والمشاورات بين جميع الفرقاء السياسيين، كان لافتاً الموقف الذي أصدره رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والذي أعلن فيه عدم مشاركتهه في الحكومة المقبلة، وعدم التوجه الى تسمية اي رئيس للحكومة، كما جاء الاعلان نفسه من كتلة الكتائب النيابية.

الغموض يلف موعد الاثنين
اذاً، اتسمت المعطيات المتصلة بموعد اثنين الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديد بالكثير من الغموض والتساؤلات التي غلبت على الوضوح واليقين بما بدا معه صعباً جداً الجزم بأي سيناريو واضح وثابت لمصير يوم الاستشارات ونتائجه وتالياً مصير الأزمة الوزارية. وعكست هذه الأجواء من الغموض تأكيدات من معظم الجهات السياسية والكتل النيابية أن الأمور لم تحسم بعد لمصلحة تزكية سمير الخطيب لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة وإن يكن اسمه لا يزال مرجحاً "ولم يحرق بعد"، على حدّ تعبير مصدر بارز. وقالت المصادر المعنية لـ"النهار" إن الأفرقاء السياسيين سيتوجهون الاثنين مبدئياً الى الاستشارات عبر كتلهم النيابية من دون حسم مسبق للاتجاهات التي ستؤدي اليها الاستشارات، وهو الأمر الذي كان أساساً وراء تأخير رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد الاستشارات الى الاثنين وعدم تحديده إياه أمس أو اليوم مثلا.

وليس خافياً في هذا السياق أن نقطة التشكيك الاساسية المتصلة بالتكليف تتصل بالغطاء السني للخطيب الذي يفتقر بقوة اليه ويتعلق ترشيحه تالياً بموقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي لا يمكن بعد الجزم بما سيكون هذا الموقف قبل يوم الاستشارات. ولا تخفي المصادر عينها تشكيكها في ما قد يحمله اليوم الأول من الأسبوع من مفاجآت، ما لم يتبلور اتجاه الصوت السنّي في الاستشارات. ومعلوم أن هذا الصوت يتقاسمه الحريري (16 نائباً) مع "اللقاء التشاوري" (5 نواب) والأصوات المستقلة (ميقاتي، سلام، مخزومي، المشنوق، أسامة سعد) وبلال العبد الله من كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي. وقد تساءلت كيف سيكون اصطفاف الصوت السنّي في تسمية الرئيس المكلف وهل يصب في خانة من يسميه الحريري فعلاً أم يكون هناك تمايز، علماً أن غالبية هؤلاء النواب لم تفصح بعد عن توجهاتها، وهم عملياً لا يصبون في توجه سياسي واحد، ولكن هل تجمعهم مصيبة الاحباط والاستهداف الذي تتعرّض له طائفتهم في صلاحيات الرئاسة الثالثة؟

وفي هذا الاطار، رأى أكثر من مصدر سياسي عبر "الأخبار" أن "ترحيل موعد الاستشارات الى يوم الاثنين كانَ تكتيكاً خاطئاً، وأعطى فرصة للتراجع عن تكليف المهندس سمير الخطيب، ولا سيما للذين باتوا معروفين بتقلّباتهم، وأوّلهم الرئيس سعد الحريري، كما للشارع الذي عبّر، وربما سيعبّر في اليومين المقبلين، عن رفضه لهذا الخيار". على عكس مساء الثلاثاء الماضي الذي كانَ مُفعماً بأجواء تفاهمية، حملَ يومَ أمس الكثير من الحذر، ليسَ بسبب تراجع أيّ من الأطراف المعنية بالتفاوض عن الالتزام بالخطيب، وإنما الحذر من الأيام الثلاثة الفاصلة عن الاستشارات والتي يُمكن أن تكون ملغّمة بالكثير من التطورات تمنع الخطيب من استكمال طريقه الى نادي رؤساء الحكومات، إما بضغط من الشارع الذي بدأ منذ إشاعة مناخات الاتفاق بقطع الطرق، من بيروت الى البقاع، وصولاً الى الشمال، وتخوفت المصادر من حصول مفاجآت غير متوقعة في يوم الاستشارات وذلك "في حال عدم تسمية كتلة "المُستقبل" سمير الخطيب، لأن عدم التسمية "تعني رفع الغطاء السني عنه"، وهو غطاء غير مكتمل نتيجة عدم صدور بيان واضح من دار الإفتاء. وقد استغربت المصادر ترحيل موعد الاستشارات الى نهار الاثنين، إذ كان بالإمكان أن تُعقد أمس أو اليوم، وينتهي هذا الأمر للانتقال الى الخطوة التالية. ومردّ هذا الاستغراب كون المدة الزمنية قد تكون مفتوحة على سلبيات غير متوقعة من شأنها أن تزيد الأمور تعقيداً إن حصلت، وتعيدها الى السلبية الكبرى. وانتقدت المصادر ما سمعته عن أن "سبب التأجيل سفر الوزير باسيل الى الخارج، مع اعتبار عدم إصدار الحريري أي موقف علني وواضح من تسمية الخطيب مؤشراً غير مُطمئن، متخوفة من أن يكون "الحريري مستمراً في المناورة". 

ألغام الوضع الحكومي

وباستثناء "النقزة" السنية من طريقة تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة قبل الاستشارات النيابية الملزمة، لم يطرأ أي جديد على صعيد معالجات الوضع الحكومي، بانتظار هذه الاستشارات يوم الاثنين المقبل، والتي قد يقاطعها بعض النواب كنديم الجميل، وقد تمتنع بعض الكتل عن التسمية كحزبي القوات اللبنانية والكتائب، فيما لم يعرف بعد موقف كتلتي المستقبل واللقاء الديموقراطي من موضوع التكليف، مايعني حسب مصادر وزارية "وجود الغام امام التكليف قبل التأليف"، وإن كانت اسهم سمير الخطيب لا زالت الاعلى لكن لا شيء محسوما قبل ان تقرر الكتل النيابية موقفها بشكل رسمي.

واوضحت المصادر لـ"اللواء" ان مهلة الايام الاربعة امام النواب كفيلة بتظهير حقل الالغام وهل بالامكان تجاوزه، فيتم تكليف الخطيب بنسبة عالية في حال اعلنت كتلة المستقبل تسميته رسميا الى جانب الكتل الاخرى الكبيرة ( امل وحزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهم)، فيما بقيت مواقف كتل اخرى غامضة.
"بوانتاج" الخطيب

والثابت حتى الآن حصول الخطيب على ما بين 53 و58 نائباً، هم مجموع أصوات تكتل "لبنان القوي" مع كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير"، وحلفائهم، إذا ما صدقت الخيارات المعلنة، وقد يرتفع العدد إلى أكثرية مريحة في حال انضمت كتلتا "المستقبل" و"التقدمي" والكتل الأخرى، مثل "اللقاء التشاوري" والتكتل الوطني "المردة" وكتلة الوسط "الرئيس نجيب ميقاتي" إلى خيار تسميته.

موقف كتلة المستقبل
وفي حين كان من المنتظر أن تجتمع كتلة المستقبل للاعلان عن دعمها لمرشح الحكومة المقبلة، أرجأت اجتماعها وبيانها الرسمي في شأن ترشيح سمير الخطيب الى الأحد واستعيض عن الاجتماع أمس بمشاورات داخلية شارك فيها عدد من النواب. وتبلّغ الحاضرون قرار الرئيس الحريري دعم ترشيح الخطيب وأنه عندما التقاه لم يضع عليه أي شرط وأبلغه ان "المستقبل" لن يشارك في الحكومة واذا عرض عليه الخطيب أسماء جيدة فسيتبناها. واذ طرحت تساؤلات عما اذا كان الحريري واثقاً من أن حكومة برئاسة الخطيب ستنقذ البلد، فهم من المطلعين على موقفه أنه يفي بوعده بدعم أي مرشّح يتفق عليه تسهيلاً للحل. وتردّدت معلومات غير مؤكدة لـ"النهار" عن أنه أعيد تقديم عرض للحريري في الساعات الاخيرة ان يوافق على تكليفه شخصياً بالشروط التي تمّ التوصل اليها لحكومة تكنوسياسية وأنه رفضه.

ونقل زوّار بيت الوسط عن الرئيس سعد الحريري انه ما يزال على قراره بدعم المرشح سمير الخطيب، ونسب إلى مصدر مطلع لـ"اللواء" انه من المتوقع تشكيل الحكومة سريعاً، في ضوء التسوية التي جرى التفاهم حولها بين الأطراف الاربعة: أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل.

تسهيل رئاسي
إلى ذلك، اكدت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية عبر لـ "اللواء" ان هناك ارتياحا يبديه رئيس الجمهورية لتحديد موعد الاستشارات النيابية، مشيرة الى انه سهل التكليف والتأليف معا من خلال تقريب وجهات النظر والتفاهم لو بالحد الأدنى بين غالبية المكونات والأتفاق على اسم مرشح وتوحه الحكومة الجديدة، لافتة إلى ان هناك 4 كتل متفقة على تسمية سمير الخطيب لرئاسة الحكومة. واكدت انه في خلال مهلة الشهر حصل هذا التسهيل مشيرة الى انه في الأيام الفاصلة عن موعد الاستشارات سيتسنى للكتل من تحديد موقفها النهائي وبوضوح على ان تشارك في هذه الاستشارات وهي متفقة على الاسم ما يسهل عملية التأليف أيضا على ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سيجري ايضا استشاراته مع الكتل النيابية في ما خص التأليف وبرنامج الحكومة وعملها.

وأعادت المصادر التأكيد ان الحكومة ستكون تكنوسياسية وان 6 وزراء دولة يمثلون الطوائف الاساسية في البلاد. ولفتت الى ان امام الحكومة مهمات حول الأصلاحات ومكافحة الفساد ولا بد من ان تتحلى بغطاء سياسي خصوصا ان هناك اجراءات غير شعبية ستتخذ.

واستغربت المصادر ردة فعل الشارع بعد تحديد موعد الاستشارات خصوصا انه كانت هناك مطالبة بها وتحدثت عن تواصل مع بعض ممثلي الحراك المدني وتوقفت عند مشكلة البعض منهم في عدم الاقرار بأن ليس هذا أو ذاك  يمثلنا.

الحكومة في شكلها النهائي
وتشير مصادر وزارية مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية لـ"الشرق الأوسط" إلى أن لمسات أخيرة توضع على شكل الحكومة، مع إمكانية تبديل في توزيع الوزارات السيادية. وبينما يتوقع أن يحسم العدد النهائي للوزراء بين 18 أو 24 وزيراً، تلفت المصادر إلى أنه حتى الآن سيعود 4 وزراء من حكومة تصريف الأعمال إلى الحكومة المقبلة، وهم ندى البستاني من "التيار الوطني الحر"، وسليم جريصاتي من حصة رئيس الجمهورية، وعلي حسن خليل من "حركة أمل"، ومحمد فنيش من "حزب الله"، على أن يقوم "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" بتسمية شخصيات غير سياسية لتولي حصتهما من الوزارات.

وفيما يتعلق بالخلاف حول وزارتي الداخلية والخارجية، ومطالبة وزير الخارجية جبران باسيل بالحصول على الأولى، لفتت المصادر إلى أن البحث لا يزال جارياً في هذا الإطار، مرجحة أن تبقى الوزارات السيادية على حالها، أي الخارجية لـ"التيار"، والداخلية لـ"المستقبل"، في الوقت الذي لا يزال فيه رئيس البرلمان نبيه بري متمسكاً بوزارة المالية.

تصعيد الحراك في الشارع
في المقابل، توقعت مصادر قريبة من الحراك المدني، ان تشهد حركتهم طابعاً تصعيدياً، بدأ يتظهر منذ مساء أمس الأوّل، وصولاً ربما إلى منع وصول النواب إلى بعبدا الاثنين، اعتراضاً على أداء المعنيين بالتكليف والتأليف شكلاً ومضموناً، وتحديداً مع استمرار التداول باسم الخطيب المرفوض من قبلهم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟