لا حكومة قريبًا... و'تصريف الأعمال' طويلة العمر!

لا حكومة قريبًا... و'تصريف الأعمال' طويلة العمر!
لا حكومة قريبًا... و'تصريف الأعمال' طويلة العمر!

ما شهدناه في الفترة التي تلت تقديم الرئيس سعد الحريري إستقالة حكومته لا يوحي بكثير من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى التوافق على التكليف. وفي حال تمّ التوصل إلى الإتفاق على شخصية سنّية، والمرجح أن يكون الرئيس الحريري بعد موقف دار الفتوى، الذي أطاح بسمير الخطيب، فإن فترة التأليف قد تطول بحيث يتعذّر على الأفرقاء السياسيين الوصول إلى الحدّ الأدنى من التفاهم على شكل الحكومة العتيدة والأسماء التي ستتولى الحقائب الوزارية، وسط جدلية سياسية تشبه المراوحة عند نقطة محدّدة، مما يجعل هذه المهمة شبه مستحيلة، وذلك نظرًا إلى تمترس كل فريق وراء مواقفه الثابتة غير القابلة للتحرّك من مكانها الجامد. ومن بين هذه المواقف، المعلن منها والمستور، تتضح الصورة التالية، التي تجعل من حظوظ مهمة تأليف الحكومة شبه معدومة إن لم تكن معدومة في المطلق:

 

أولًا: موقف الرئيس الحريري وفريقه السياسي، وهو بات معروفًا ولا لبس فيه، ويتمثل بتمسّك هذا الفريق بخيار حكومة تكنوقراط تغيب عنها الوجوه السياسية المعتادة، خصوصًا أن الحراك الشعبي يحمّل كل الأحزاب مجتمعة مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد منذ أن توالى ممثلوها على السلطة منذ ثلاثين سنة حتى الآن، وقد أورث أداؤهم البلاد والعباد دينًا عامًا لامس حدود المئة مليار دولار.

 

ومما زاد من غضب الشارع ما شهدته مختلف المناطق اللبنانية من كوارث نتيجة هطول الأمطار بغزارة فتسببت بفيضانات لم تسلم منها منطقة لبنانية مما يعيد طرح السؤال على المعنيين عن هدر الأموال التي كان مخصّصًا قسم كبير منها لتحسين البنى التحتية، ليتبين أن هذه الأموال لم تصرف في مكانها الصحيح والدليل أن لا بنى تحتية ولا من يحزنون، وأن هذه الأموال المرصودة إنما ذهبت إلى جيوب المتنفذين، بالتكافل والتضامن في ما بينهم.

 

ثانيًا: تمسّك "التيار الوطني الحر" والثنائي الشيعي ("حزب الله" وحركة "امل") بخيار حكومة تكنوسياسية، بمعنى أن تضمّ هذه الحكومة وزراء من ذوي الإختصاص إضافة إلى بعض الوجوه السياسية، وذلك من أجل ضمان حصولها على ثقة المجلس النيابي، كممر إلزامي لا بدّ منه في مشهدية الديكور الديمقراطي والدستوري. وهذا الأمر مرفوض من الحراك الشعبي إذا سلمّنا جدلًا بأن أهل السلطة يقرّون حقيقًة بمفاعيل هذا الحراك وأهميته، وأن ما بعد 17 تشرين الأول ليس كما قبله، خصوصًا أن موعد الإستشارات النيابية الملزمة المؤجلة يتزامن مع إنطواء الشهر الثاني على قيام هذا الحراك – الإنتفاضة في وجه السلطة.

 

ثالثًا: إعادة إحياء معادلة الحريري – باسيل، أي معادلة "معًا في الداخل ومعًا في الخارج"، إذ أن الوزير باسيل، "الذي قدم تضحية" من خلال قبوله بأن يكون خارج الحكومة من ضمن صفقة الخطيب – الثنائي الشيعي – "التيار الوطني الحر"، يعود مجدّدً إلى الساحة عندما أعيد طرح إسم الحريري كمرشح وحيد محتمل للتكليف، وهذا الأمر من بين الأمور التي ستجعل مهمة التأليف متعذرة بل شبه مستحيلة، ويحكى أن باسيل، الذي سيكون له لقاء مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، سيتخذ موقفًا يُقال بأنه سيكون مفاجئًا للجميع.

 

أمام هذه المعطيات يمكن الإستنتاج أن لا حكومة في القريب المنظور، وإن تم تكليف الحريري، وأن عمر حكومة تصريف الإعمال سيطول أكثر مما كان متوقعًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟