خبر

بين المغرب والأردن.. لحظة مجد عربية لا تُنسى

عمت الصلوات في أرجاء استاد لوسيل في قطر ، وخارجه أيضًا؛ كل من كان يعشق المغرب صلى له، وكل من كان يحب الأردن دعا له، وكأن كرة القدم جمعت الشعوب العربية كافة في لحظة واحدة من الحماس والإثارة. نهائي كأس العرب 2025 لم يكن مجرد مباراة، بل كان احتفالا بالإصرار والعزيمة، حكاية "أسود الأطلس" و"نشامى" الأردن، وقصة بطولة تحمل في طياتها أرقى معاني المنافسة الرياضية والشغف الجماهيري.

المغرب يثبت هيمنته والأردن يصنع التاريخ
منذ صافرة البداية، بدا أن اللقاء سيكون أكثر من مجرد مباراة؛ فالمغرب دخل النهائيات بطموح كبير وإرادة واضحة، مدعومًا بتوازن تكتيكي استثنائي بين الدفاع المنضبط والهجمات السريعة، في حين جاء الأردن إلى الملعب بروح تاريخية، يسعى لكتابة فصل جديد في مسيرته الكروية بعد وصوله لأول مرة إلى نهائي البطولة. أسلوب طارق السكتيوي واضح منذ البداية: مشروع كروي متكامل يعتمد على تطوير اللاعبين الشباب ودمج الخبرات، بينما أظهر جمال السلامي أن منتخب "النشامى" قادر على قلب الموازين وإثبات ذاته في أقوى اللحظات.

الإثارة والدراما على أرض الملعب
اللحظة الحاسمة بدأت منذ الدقيقة الرابعة، عندما فاجأ أسامة طنان الجميع بهدف مذهل من مسافة بعيدة، مانحًا المغرب أفضلية نفسية مهمة. لكن "النشامى" لم ينهاروا فمع بداية الشوط الثاني سجل علي علوان التعادل، ثم تقدّم بعد ذلك من ركلة جزاء، في مباراة تحولت إلى معركة تكتيكية وعاطفية على حد سواء.
وفي اللحظات الحرجة، دخل عبد الرزاق حمد الله بديلا ليحول مسار المباراة، مسجلاً هدف التعادل للمغرب في الدقيقة 87، قبل أن يُسجل هدف الفوز في الشوط الإضافي، في لحظة أسطورية اختزلت سنوات من الصبر والعمل الجاد والإيمان بالنفس. وهنا تكمن الروعة في كرة القدم: اللاعب الذي يمر بأصعب الظروف يمكن أن يصبح بطلا في لحظة حاسمة، لتتحول رسالة صوتية من طرد سابق إلى رمز للتحدي والانتصار.

على الجانب الآخر، قدّم أبناء الأردن أداءً تاريخيًا؛ فقد سجلوا 10 أهداف في البطولة، مع تسجيل علي علوان لقب هدّاف كأس العرب لأول مرة في تاريخ الأردن، وكان يزيد أبو ليلى حارساً أسطوريًا، حاز على تقييمات مميزة في المباريات السابقة، ما جعل مشوار "النشامى" في البطولة نموذجًا للروح القتالية والإصرار على تحقيق المستحيل.

فخر مشترك ورسالة للأمام
انتهى النهائي بفوز المغرب 3-2 بعد وقت إضافي، ليُتوج "أسود الأطلس" باللقب للمرة الثانية، مع رسالة واضحة قبل انطلاق كأس أمم أفريقيا على أرضهم: المغرب جاهز للمنصة، وهو نموذج للكفاءة والاستمرارية. وفي المقابل، يظل فخر الأردن حاضرًا، حيث رسم المنتخب صفحة ذهبية في تاريخه، وأثبت أن كرة القدم العربية ليست حكرًا على أحد.

تلك المباراة لم تكن مجرد تسجيل أهداف أو توزيع جوائز، بل كانت احتفاءً بالإصرار والالتزام والعمل الجماعي، رسالة لكل عشاق الساحرة المستديرة في العالم العربي: القوة الفنية للمغرب، والإرادة الصلبة للأردن، قدما معًا درسًا في الشغف والكرامة الرياضية، وجعلتا من كأس العرب 2025 حدثًا يُروى لكل الأجيال المقبلة.

Advertisement

أخبار متعلقة :