خبر

هل هناك مرشح قادر بالفعل على خلافة بوتفليقة؟

رغم كلّ الظروف التي تحيط مسألة ترشّح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، تبقى هوية بديله على "كرسي الرئاسة"، تشكل علامة استفهام محورية. وقد شرع المجلس الدستوري في الجزائر، الإثنين الفائت، بدراسة ملفات الترشيحات للإنتخابات الرئاسية المقرّرة في الثامن عشر من نيسان المقبل، والتي وصل عددها إلى 21 ملفاً.

هل هناك مرشح قادر بالفعل على خلافة بوتفليقة؟
هذا السؤال حصد ردود فعل مختلفة من عدد من ساسة الجزائر، واللافت أنّ "الإستنتاج" المثير للجدل، كان موحّداً، وذلك بعد استطلاع أجرته شبكة "سكاي نيوز عربية".

وكان الأمين العام للحركة الديمقراطية في الجزائر، فتحي غراس، على وشك أن يصبح رسمياً أصغر مرشح في الانتخابات الرئاسية، إلا أنه لم يفلح في جمع النصاب القانوني من التوقيعات (60 ألف توقيع).

وعن عملية الترشح أمام بوتفليقة، وفرص المرشحين الحقيقية في الفوز، قال غراس: "من يريد الترشح في انتخابات الجزائر، فعليه أن يحول مسألة الترشح لمسألة كفاح، فهو لا يترشح داخل منظمة ديمقراطية، بل هي عملية كفاح. وفي حال كان المرشح قادراً على تعبئة الجماهير، فسيكون هناك أمل في تغيير الرئيس".

واعتبر غراس أنّه "لا بد من تحرير الصندوق"، قائلاً: "في الجزائر هناك منظمة سياسية تتحكم في العملية السياسية، لذا علينا أن نحول مسألة الصندوق إلى عملية للكفاح السياسي السلمي". وأضاف: "الجزائريون استعادوا فضاءهم العام الذي سلب منهم قبل 18 سنة، عندما منعت التظاهرات في العاصمة بقرار تعسفي من السلطة آنذاك، لكنهم الآن استطاعوا فك قيودهم واستعادة فضائهم العام المسلوب، من خلال مظاهراتهم السلمية".

وشدد على "ضرورة أن تعتمد العملية السياسية على قوى التغيير الديمقراطي، وقدرتها على خلق ميزان قوى لصالحها وتعبئة الجماهير، لتطلب من النظام أن يتنازل". 

كما تطرق إلى أهمية دور أحزاب المعارضة في العملية السياسية، قائلا: "لا بد من أن يكون للمعارضة وزنا حقيقيا، وهذا لن يتحقق إلا بتعبئة الجماهير، فالعمل السياسي للحزب يتركز على خلق ميزان قوى للوصول إلى السلطة، سواء بمفرده أو بالتحالف مع أحزاب أخرى".

وعن السبب الذي يمنع أحزاب المعارضة من التوصل لمرشح موحد يواجه بوتفليقة، بيّن غراس: "لا نستطيع أن نجتمع لأن مشاريعنا مختلفة، القاسم المشترك بين الأحزاب المختلفة هو رغبتها في استرجاع الصندوق المسلوب، لكننا لا نستطيع أن نتفق على مرشح واحد، لأننا نمثل ألوانا سياسية مختلفة".

وتابع: "لا بدّ من أن نحافظ على هذه التعددية، وأن نحقق الأمر الجوهري هنا، واستعادة الصندوق من السلطة، التي سيطرت عليه بأساليبها السياسية".

واستطرد قائلاً: "الحس الجبهوي غائب عن الطبقة السياسية، وهذا ما ندعو إليه، علينا أن نعبئ الجماهير، التي قررت الخروج بمفردها.. علينا أن نوجه هذه الطاقة وهذا الزخم، نحو تحرير الصندوق من هيمنة المنظومة السياسية الحالية". كما أكد على أنه لا بد من أن يركز المرشحون، والاحزاب السياسية، على قضايا الاقتصاد المتدهور في البلاد، "القائم على سلب أموال الجزائريين"، على حد قوله.

"لا للانتخابات"
من جانبها، رأت عضو المكتب الوطني في حزب "جيل جديد"، مريم سعيداني، أنه لا بد من "وقف الانتخابات والبدء بمرحلة انتقالية في البلاد". وقالت: "في الجيل الجديد، فقد خرجنا من المسار الانتخابي، لعدم وجود ظروف مناسبة لإجراء انتخابات حرة، ونطالب المرشحين أيضاً بالانسحاب". واعتبرت أنّه في حال قبول ملف ترشح بوتفليقة (وهو الأمر المرجح حدوثه)، فإن هذا يعني أنه "لا توجد شروط عادلة للمنافسة، وأن بوتفليقة سيفوز"، مضيفة: "لنجعل الشعب هو من يختار".

وتابعت: "ما يحدث الآن هو تكرار لما حدث في انتخابات 2014.. يجب أن تُطبق المادة 102 من الدستور الجزائري، التي تنص على أن حالة الشغور الرئاسي تتم بالموت أو بالمرض المزمن الذي لا يسمح للرئيس القيام بمهامه. وكان يتعين على المجلس الدستوري أن يسعى لإثبات وجود حالة شغور، لذا نطالب بوقف الإنتخابات والدخول في مرحلة انتقالية لإقامة انتخابات حرة ونزيهة".

"القول الفصل للمجلس الدستوري"
أما عضو مجلس الأمة من الحزب الحاكم، عبد الوهاب بن زعيم، فقد رد على دعوات انسحاب المرشحين ووقف الانتخابات بالقول: "الأحزاب السياسية حرة في تصورها وفي قراراتها بشأن الانسحاب أو عدمه. الملفات الآن لدى المجلس الدستوري وهو الوحيد المخول دستوريا بفرز المرشحين وإقرار من سيخوضون غمار الانتخابات".

وتابع: "كل الكلام السياسي مقبول، لكن المجلس هو من يقرر فقط من سيكون المرشح، حتى مرشحنا بوتفليقة وضع ملفه كمواطن عادي. نحن نحترم المؤسسات".

وتعليقاً على المادة 102 من الدستور، المتعلقة بالشغور الرئاسي، قال بن زعيم: "المادة 102 أكل عليها الدهر وشرب، فهي تكون قبل وضع ملف الترشيح في المجلس الدستوري، والملفات الآن هناك ولا مجال لتطبيق المادة".

واسترسل قائلاً: "المجلس الدستوري طالب المرشحين جميعاً بتقديم ملفات طبية، وهو من يفحصها، وسيعلن من سيكون مرشحاً أم لا، وبالتالي فإنّ ليس هناك فراغاً في السلطة".

وفيما يتعلق بالتقارير التي تناولتها وسائل إعلام سويسرية، الأربعاء، بشأن تدهور صحة الرئيس بوتفليقة، قال بن زعيم: "هناك أيضا متحدث باسم المستشفى في جنيف، أكد أن المستشفى لا تسمح بإخراج أي معلومات طبية".

ولدى سؤاله عن السيناريوهات المحتملة في حال وفاة الرئيس، بصفته أحد المرشحين للانتخابات، رد بن زعيم بالقول: "في حال وفاة الرئيس المترشح، فإن الحزب أو التحالف الرئاسي سيقدم مرشحا آخر".

وعن هوية المرشح الذي قد يرشحه التحالف الرئاسي ليكون خلفا لبوتفليقة، لم يقدم بن زعيم اسماً معيناً، لكنه قال: "هناك إطارات أولى للتحالف الرئاسي لاختيار المرشح البديل، من بين آلاف القيادات، وليس هناك إشكالية في تواجد أي مرشح، كما يمكن للمعارضة أن تقدم مرشحا قويا".   

دستوريا.. ماذا يحدث إذا توفي أحد المرشحين؟
للإجابة على هذا السؤال، قال الخبير الدستوري الجزائري، عامر رخيلة، إنّ "الدستور وقانون الانتخابات واضح تماماً، ففي حال وفاة أحد المرشحين، لا يمكن وقف المسار الانتخابي، بل يتم تأجليه 15 يوماً لتمكين الجهة التي قدمت هذا المرشح، لتقديم مرشح بديل".

ومع تباين الردود والتصريحات، فإنّ الإجابة بشأن هوية المرشح القادر على منافسة بوتفليقة في الإنتخابات والتربّع على كرسي الرئاسة، تبدو واضحة، إذ تشير المعطيات حتى الآن إلى أنّ بوتفليقة سيكون ماضياً في مسيرته نحو الولاية الخامسة، فيما تبقى الكلمة الأخيرة للشعب، سواء بالاستمرار في التظاهرات لحين تحقيق مطلبهم، أو بدعم مرشح بارز، يكون قد نجح في حشد أصواتهم.