خبر

القصة الكاملة للتمرد المسلح في عقر دار المخابرات السودانية

بشكل مفاجئ بالعاصمة السودانية، الخرطوم، صوت رصاص يطلق بشكل عشوائي ومستمر في سماء الضاحية الشرقية للعاصمة، ثم في منطقة أخرى في "كافوري"، بشكل أفزع السكان، واستنفر قوات الأمن أيضا.

لم يعرف في البداية، ما يجري بالضبط، وما أسبابه، لكن سرعان ما تواترت أنباء عن "حالة تمرد"، أبطالها عناصر من "هيئة العمليات"، الجناح المسلح في جهاز "الأمن والمخابرات" السوداني، ردا على قانون تسريحهم بتعويضات مالية يقولون إنها "هزيلة".


مسرح حالة "التمرد"، لم يظل حبيس مقريّن اثنين لـ "هيئة العمليات"، في ضاحيتي الرياض، شرقي العاصمة، ومقر آخر بمنطقة كافوري، بل سارع "المتمردون" المسلحون من جهاز المخابرات السوداني، السابق، إلى الشارع وواصلوا إطلاق الذخيرة الحية في الهواء، لساعات متواصلة.

وفي حدود منتصف الظهيرة، نشرت قوات الأمن جدارا أمنيا أمام الطرق المؤدية إلى مكان تمركز "المتمردين"، كمحاولة لتطويق محل تمركزهم.

لتبدأ فيما بعد المفاوضات معهم، ومحاولة إقناعهم بتسليم أنفسهم وأسلحتهم، مع تقديم وعود بتسوية "أوضاعهم المادية"، كون مطالبهم مادية في الأساس. فيما بعد، تقدمت قوات الجيش والدعم السريع إلى مقار تمركز المتمردين، محاولة اقتحامها للمقرين، بعد اشتباكات بين الجانبين.

إغلاق المجال الجوي

 
وإزاء أحداث التمرد، قررت السلطات السودانية، في أول رد فعل إزاء الأحداث، إغلاق المجال الجوي للعاصمة، كإجراء قالت إنه "احترازي"، بعد وقوع حالة التمرد.

قامت سلطة الطيران المدني بالتنسيق مع الشركة القابضة لمطارات السودان ومطار الخرطوم الدولي بتمديد تعليق الرحلات الجوية بمطار الخرطوم الدولي لمدة خمس ساعات أخرى اعتبارا من الساعة الثامنة من مساء اليوم.

وجاء هذا في تصريح للمتحدث الرسمي، في سلطة الطيران المدني، بإعلانه "إغلاق الملاحة الجوية بمطار الخرطوم لمدة 5 ساعات اعتبارا من الثالثة بعد ظهر الثلاثاء، بتوقيت السودان، على أن ينتهي الإغلاق الثامنة مساء". وشمل الإغلاق هبوط وإقلاع الطائرات.

"هيئة العمليات".. من تكون؟

تتشكل "هيئة العمليات"، وهي الجناح المسلح لجهاز "الأمن والمخابرات السوداني" السابق، من 12 جنديا، ورفضوا في كانون الأول الماضي، دمجهم في قوات "الدعم السريع"، وطالبوا بإحالتهم على التقاعد مع تعويض مالي.

ويأتي ذلك، عقب قرار للمجلس العسكري في السودان، في تموز الماضي، بتغيير اسم جهاز "الأمن والمخابرات الوطني"، إلى اسم "جهاز المخابرات العامة"، مع تسريح "هيئة العمليات" في الجهاز، وتجريدها من السلاح، وتحويل المؤسسة الأمنية كاملة، إلى جهاز لجمع المعلومات الاستخباراتية.

ومنذ ذلك الحين، يرفض عناصر "هيئة العمليات"، تسليم أسلحتهم، ما لم يتم تعويض نهاية خدمتهم، بشكل مناسب كما يطالبون.

 

من يقف خلف "التمرد"؟

 
ولأول مرة، يوجه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان حميدتي، تصريحات رسمية ومباشرة، ضد مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق، صلاح عبد الله محمد صالح، المعروف باسم "صلاح قوش"، متهما إيها بالوقوف خلف "المتمردين".

وحمله في مؤتمر صحفي، في أبوجا، الثلاثاء، مسؤولية تمرد أفراد "هيئة العمليات"، التابعين لجهاز المخابرات العامة، عبر "مخطط لإحداث تخريب في البلاد"، وطالب بـ "القبض عليه عن طريق الإنتربول".

وقال في معرض حديثه في المؤتمر: "إننا نعرف جماعة صلاح قوش في الأمن".

ولم يتوقف الاتهام عند رجل المخابرات القوي في عهد ولاية حكم الرئيس المخلوع، عمر البشير، بل واصل اتهامه أيضا إلى رئيس جهاز المخابرات الحالي، أبوبكر دمبلاب، بـ "التقصير".

وأضاف قائلاً: "إن دمبلاب مقصر في حسم تفلتات أفراده رغم تحذيرنا له بالأمس".

ووعد بحسم الدولة "مسيرات الزحف الأخضر"، مؤكداً بأنها جزء من "مخطط كبير، خلفه قيادات في جهاز الأمن، منهم من في المعاش، ومنهم ما يزال في الخدمة".

ومن جانب آخر، لم يذكر النائب العام في السودان، تاج السر الحبر، في بيان له، أمس الثلاثاء، أي من المسؤولين الأمنيين، ممن ذكرهم حميدتي، لكنه قال إن "القصور في إدارة المخابرات الذى ورد في تصريحات نائب رئيس المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يجب ان يؤخذ مأخذ الجد".

ووعد بـ "توجيه عقوبتا الإعدام والسجن ضد متمردي قوة جهاز المخابرات".