الملفّ الحكومي بين الحريري وباسيل في باريس.. وتراجُع في الأجواء الإيجابية

الملفّ الحكومي بين الحريري وباسيل في باريس.. وتراجُع في الأجواء الإيجابية
الملفّ الحكومي بين الحريري وباسيل في باريس.. وتراجُع في الأجواء الإيجابية

صحيفة الجمهورية

 

 

يُنتظَر أن يرتفع منسوب الحرارة على مسار التأليف الحكومي مع عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى بيروت اليوم، حيث ستركّز المشاورات والاتصالات لجلاء الغموض حول المواقف الخارجية من الاستحقاق الحكومي، والعملِ على تذليل العقبات التي تعترض ولادةَ الحكومة، وإن كان بعض المعنيين بالتأليف يرَون أنّ جزءاً من هذه العقبات غير قابل للحلحلة، أو ما زال عصيّاً على الحلّ.
ومِن المقرّر أن يجتمع الحريري فور عودته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للاطلاع منه على رأيه في شأن التصوّر الذي كان قد رَفعه إليه قبَيل سفره إلى الخارج.

ولمسَت مصادر متابعة للتأليف تراجعاً في الأجواء الإيجابية التي كان قد أشاعها الرئيس المكلف، ومن علامات هذا التراجع سفرُه الى فرنسا بعد السعودية التي كان قد انتقل اليها من موسكو. وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية: «لو كان لدى الحريري حلحلة سريعة لكانَ عاد فوراً الى بيروت واستأنف التفاوض مع المعنيين، وهو يدرك انّ البلاد تحتاج الى حكومة امس قبل اليوم، الامر الذي ينذِر بضبابية حول امكانية تأليف الحكومة العتيدة في وقت قريب، خصوصاً وأنّ الرئيس المكلف سينشغل مع أركان الدولة بزيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل للبنان يومي الخميس والجمعة، فضلاً عن أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيغادر الى الخارج في إجازة تدوم اسبوعين». وتساءلت المصادر: «هل هناك من إشارات خارجية حول مشاركة «القوات اللبنانية» في الحكومة وكذلك مشاركة «حزب الله»، خصوصاً بعد التطورات الميدانية في اليمن؟

ليست سريعة
من جهتها، أكّدت مصادر سياسية تواكب عملية التأليف عن كثب: «أننا لا نزال ضِمن الفترة الطبيعية للتأليف، إذ لم يمضِ على تكليف الحريري شهر بعد، فيما تأليف حكومات أخرى استغرق أشهراً».

إلّا أنّ هذه المصادر شكّكت في أن تبصر الحكومة النور في القريب العاجل، وقالت لـ«الجمهورية: «نعتقد أنّ الولادة الحكومية ليست سريعة، وليس هناك من عقَدٍ داخلية، بل وضعُ في المنطقة غير طبيعي ولا يتلاءم مع تأليف حكومة غير متوازنة مئة في المئة في لبنان».

الحريري ـ باسيل
وفيما كان الجميع يستقصي عن مكان وجود الحريري في الخارج بعد زيارته موسكو والسعودية ويتساءَل عن سبب عدم عودته إلى لبنان بعد، ظهَر الرئيس المكلف في باريس، وعلمت «الجمهورية» أنه اجتمع مساء أمس الاوّل مع رئيس تكتل «لبنان القوي» الوزير جبران باسيل، وتناوَلا بالبحث الملف الحكومي برُمّته ولكنّهما لم يدخلا في الأسماء.

عون ينتظر
أمّا في قصر بعبدا، فلا يزال عون ينتظر عودة الحريري ليبحث معه في جديد مشاريع التشكيلات الوزارية انطلاقاً من الصيغة التي عرَضها الرئيس المكلف عليه قبَيل مغادرته الى موسكو وقدّم فيها توزيعةً للحصص الوزارية على القوى السياسية «الأكثر تمثيلاً» والتي في حال تمّ التفاهم عليها ينتقل البحث الى مرحلة توزيع ما تبَقّى من حقائب وزارية على القوى «الأقلّ تمثيلا». وقال أحد زوّار قصر بعبدا لـ»الجمهورية»: «إنّ لدى رئيس الجمهورية ملاحظات عدة على التوزيعة الحريرية ولم يتسنَّ له النقاش فيها مع الرئيس المكلف حتى اليوم. وهناك كلام كثير سيقال في الوقت المناسب».

«لبنان القوي»
في غضون ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ تكتل «لبنان القوي» الذي لا يرى أيّ سبب لتأخير ولادة الحكومة يُحمّل مسؤولية هذا التأخير لمن ينادي بمطالب يعتبرها «غير محقّة». ويشدّد «التكتل» على تأليف «حكومة وحدة وطنية تضمّ الجميع، وهو لا يضع فيتو على احد، بل يريد مشاركة كل الاطراف، شرط ان يتمثّل كلّ طرف بحسب حجمه النيابي الحقيقي». كذلك، يرفض «التكتل» التنازلَ عن ايّ حصة من حصته الوزارية، معتبراً أنّ من يريد منحَ أيِّ طرفٍ حصة اضافية فليَمنحها من حصته».

وفي المعلومات ايضاً أنّ نائب رئيس مجلس الوزراء الذي يسمّيه عرفاً رئيس الجمهورية، لن يُعطى هذه المرة لأحد وأنّ عون هو من سيسمّي الشخصية التي ستشغل هذا المنصب.

وكان تكتل «لبنان القوي» قد غَمز بعد اجتماعه الأسبوعي أمس من قناة «القوات اللبنانية»، محمِّلاً إياها مسؤولية العرقلة الحكومية، وقال أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان: «من المفروض الاحتكام لإرادة الشعب التي عبَّر عنها من خلال الانتخابات النيابية، وقال فيها كلمته وقرّر من خلالها الأحجام. وبالتالي، فباعتمادِ قواعد التأليف الدستورية ووضعِ الرئيس المكلّف قاعدةً واحدة للتعاطي مع الكتل النيابية، وتوزيع الحقائب بحسب الأحجام، عندئذٍ تتألّف الحكومة خلال ربع ساعة».

ورأى «أنّ مَن يريد حصة أكبر من حجمه النيابي هو المسؤول عن تعطيل تأليف الحكومة، والظرف لا يسمح بالتأخير لمعالجة الملفات والتحدّيات»، مشدّداً على انّ التكتل «لا يتمسّك بأيّ حقيبة، وما ينطبق علينا يجب ان ينطبق على سوانا من دون صيف وشتاء فوق سقف واحد».

مطالب سنّية
وقبَيل عودة الحريري، استضاف النائب عبد الرحيم مراد في منزله عدداً من النواب السُنّة في بيروت، في لقاء خلصَ الى تأكيد حق النواب من الطائفة السنّية من خارج كتلة «المستقبل» في أن يتمثّلوا بوزيرين على الأقلّ في الحكومة قياساً على تمثيل القوى الأخرى. وطالبوا بأن يؤخَذ هذا الموضوع في الاعتبار عند تأليف الحكومة «حرصاً على عدالة التمثيل والمشاركة الوطنية في العمل الحكومي لكلّ القوى السياسية صاحبةِ التمثيل الشعبي الوازن».

طعن بالتجنيس
ومع عودة الحريري، يتوقع أن تعود أزمة مرسوم التجنيس إلى الواجهة، خصوصاً بعدما تبيّن أنّ أعداداً كبيرة من المجنّسين ستُشطب بناءً على توصية المديرية العامة للأمن العام، كونها لا تستوفي الشروط المطلوبة.

ويتقدّم حزب «القوات اللبنانية» اليوم، وعدد من النواب في كتلة «الجمهورية القوية»، عبر رئيسة الدائرة القانونية في الحزب المحامية إليان فخري بالوكالة عنهم، بمراجعة إبطال لتجاوز حدّ السلطة، مع طلب وقفِ التنفيذ، طعناً بالمرسوم الرقم 2942 تاريخ 11-5-2018 (مرسوم التجنيس)، والذي ارتكزَ أساساً الى مخالفة أحكام الدستور والقوانين المرعية الإجراء.

إسحاق
وقال النائب جوزف اسحاق لـ«الجمهورية» إنّ «القوات» ماضية في هذا الملفّ حتى النهاية، وهي على تنسيق تامّ مع القوى التي رفضَته». وأكّد أنّ «ما سيقوم به نواب «القوّات» نابعٌ من حرصٍ على الجنسيّة اللبنانية»، معتبراً أنّ «من قام بهذا المرسوم طلبَ إعادة النظر فيه». ونفى أن يكون هذا الطعن «القواتي» ضرباً لإحدى صلاحيات رئيس الجمهورية، بل إنّه يريحه، لأنّ الرئيس طلب إعادة درس هذا الملفّ والنظر فيه». وشدَّد على رفض «القوات» لأيّ تجنيس إلّا في الحالات الإنسانية القصوى، ولذلك نطالب بإسقاط المرسوم الأخير».

مرسوم القناصل
أمّا مرسوم القناصل الفخريين فقد سَلك طريقه إلى الحلّ بعدما وقّعه وزير المال علي حسن خليل امس، وهو يقضي بتعيين 27 قنصلاً فخرياً، وأعاده الى وزارة الخارجية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ خليل ينتظر من وزير الخارجية أن يرسل إليه مجدّداً المراسيم السابقة المماثلة والتي تضمّنت تعيين 33 قنصلاً فخرياً ليوقّعها مرفَقةً مع اللائحة المتفَق عليها بين «حزب الله» وحركة «أمل»، والتي تضمَّنت 36 اسماً ليصبح العدد الإجمالي 96 قنصلاً فخرياً، علماً أنّ التفاوض حول بعض الأسماء لا يزال مفتوحاً، خصوصاً وأن لا اتفاق محدداً حول عدد القناصل، وذلك وفقاً للتسوية التي أخرجت أزمة المراسيم من عنقها.

إجراءات الأمن العام
ومن جهةٍ ثانية ستعود إلى واجهة الأحداث إجراءات الأمن العام في مطار بيروت الدولي في حقّ الرعايا الايرانيين، وكان قد لوّح وزير الداخلية نهاد المشنوق العائد من إسبانيا مساء أمس، بإبطال تدابير الامن العام في هذا الصدد، ما سيضيف إشكاليةً كبيرة الى المشكلات القائمة. وأكدت مصادر الامن العام لـ»الجمهورية» أنّ «هذا الامر هو من ضِمن صلاحياتها التي ترفض المسّ بها، خصوصاً أنّ هذا الإجراء قانوني ومعمول به لدى كلّ دول العالم، وللأمن العام اسبابُه في اتخاذ هذه الإجراءات القانونية التي لا تتعارض والسيادة».

ملف النازحين
على صعيد آخر، من المقرّر أن يحضر ملف النازحين في محادثات ميركل مع الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية. وعشيّة زيارتها، جدَّد لبنان مطالبته بعودة متدرّجة للنازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلادهم. علماً أنّ هذه القضية حضَرت امس في قصر بعبدا وبكركي. ودعا رئيس الجمهورية وفد المطارنة الكاثوليك في الولايات المتحدة الاميركية الذي زاره امس الى التحرّك لدى الادارة الاميركية لدعمِ موقف لبنان وتسهيلِ عودة النازحين، لافتاً الى العراقيل التي تضعها بعض الجهات الخارجية في طريق السعي اللبناني.

من جهته، أوضَح تكتل «لبنان القوي» بعد زيارة وفدٍ منه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّه يريد «أن تكون العودة آمنة ومتدرّجة»، مشيراً إلى أنّ زيارته للبطريرك «هي باكورة تحرّكٍ سيقوم به في اتّجاه القيادات الروحية ورؤساء التيارات والأحزاب والكتل النيابية لطرح مقاربة حقيقية وطنية لموضوع النازحين السوريين».

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أمس «أنّ عدد اللاجئين والنازحين نتيجة النزاعات في العالم بلغ 68,5 مليون شخص عام 2017، في رقمٍ قياسي جديد للسنة الخامسة على التوالي». وقال المفوّض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: «نحن عند لحظة حاسمة، حيث يتطلّب الرد المؤاتي لحركات النزوح القسري في مختلف أنحاء العالم مقاربةً جديدة وأكثرَ شمولية حتى لا تظلّ الدول والمجتمعات وحدها في مواجهة أوضاع كهذه». وأضاف أنّ «اللاجئين الذين فرّوا من بلادهم هرباً من النزاعات والقمع يشكّلون 25,4 مليون شخص من أصل 68,5 مليون نازح أي بزيادة 2,9 مليون بالمقارنة مع 2016 وأيضاً في ما يشكّل أكبرَ زيادة في عام واحد مسجَّلة لدى المفوضية».

وفي موازاة ذلك، ازداد عدد طالبي اللجوء الذين لا يزالون ينتظرون الحصولَ على وضع لاجئ في أواخر 2017 بنحو 300 ألف شخص ليبلغ 3,1 ملايين. أمّا النازحون، فعددهم 40 مليوناً، أي بتراجعٍ طفيف عن 40,3 مليوناً سجّلوا في 2016.

وفي ما يتعلق باللاجئين، فإنّ خمسهُم تقريباً من الفلسطينيين. أمّا البقية فغالبيتُهم من خَمس دول فقط، هي سوريا وأفغانستان وجنوب السودان وبورما والصومال.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى