توافُق على موازنة إصلاحية.. وتشجيع فرنســي للإستفادة من سيدر

توافُق على موازنة إصلاحية.. وتشجيع فرنســي للإستفادة من سيدر
توافُق على موازنة إصلاحية.. وتشجيع فرنســي للإستفادة من سيدر

صحيفة الجمهورية

 

عندما نالت الحكومة ثقة المجلس النيابي منتصف شباط الماضي، كان إجماع على كل المستويات بأنّ هذه الثقة برغم رصيدها العالي الذي بلغ 111 صوتاً، تبقى شكلية وبلا أي مضمون، إن لم تسارع هذه الحكومة الى نيل ثقة المواطن اللبناني، وخريطة الطريق الى هذه الثقة تبدأ بنزولها الى ارض الواقع، الى هموم الناس وأزماتهم، والشروع في تطبيق برنامج علاجي لكل ملفات الأزمة المتشابكة من الصحة إلى النفايات، إلى الكهرباء، إلى الهدر، في كل مرافق الدولة.
وتشير المعلومات الى انّ الرؤساء الثلاثة اتفقوا على الاسراع في بت الموازنة كمدخل اصلاحي، وان تكون أرقامها واقعية ومتقشفة وشفافة، كما نقل عن رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أبلغ جهات مسؤولة سياسية واقتصادية أنّ «كل الأفرقاء السياسيين يريدون تطبيق «سيدر»، والمهم أنّ الكل سيحارب الهدر والفساد، ولا شيء يوقف مسيرة الإصلاحات والإنجازات».

وطمأن الحريري انّ «خطة الكهرباء ستجهز قريباً، وانّ الموازنة ستقرّ بأقرب وقت ممكن وستحمل طابعاً إصلاحياً»، كاشفاً التوصّل الى اقتراحات «للنهوض بكل قطاع من القطاعات الاقتصادية، وهي في صلب خطة النهوض التي نعمل لتحقيقها».

واكدت المعلومات انّ هناك اتفاقاً بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري والحريري على إقرار كل قوانين «سيدر» وإصلاحاته خلال فترة تترواح بين شهرين وثلاثة اشهر كحد أقصى.

«سيدر»

الجديد في هذا السياق، هو تزايد الإشارات الخارجية، التحذيرية والتحفيزية في آن معاً، في اتجاه لبنان، وآخرها كلام واضح من المسؤولين المعنيين بمؤتمر «سيدر»، تمّ إبلاغه الى شخصيات اقتصادية لبنانية يتضمن تشجيعاً للحكومة اللبنانية للاسراع في الاستفادة من هذا الاستحقاق، تنفيذاً لما قطعته من وعود، وتجنّب تضييع مزيد من الوقت.

وقالت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ هذه الشخصيات تبلّغت من السفير المكلّف متابعة مؤتمر «سيدر» بيار دوكان، اقتناعه بأنّ الحكومة اللبنانية قادرة على إثبات جدّيتها في مقاربة «سيدر» ومتطلباته الضرورية، وخصوصاً الخطوات الاصلاحية التي يتوجب القيام بها على طريق استفادة لبنان من تقديمات هذا المؤتمر لإنعاش الاقتصاد اللبناني.

فوشيه
الى ذلك، برز أمس كلام السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، حيث قال خلال جلسة نقاش مع مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم: «إنّ تنفيذ مقررات «سيدر» يقع على عاتق الحكومة اللبنانية وإجراءاتها التي ينبغي أن تتخذها حيال مكافحة الفساد والحوكمة في القطاع العام، إضافة إلى الإصلاحات الإقتصادية الضرورية. إنه شأن لبناني داخلي صرف حيال اتخاذ هذه الإجراءات الإقتصادية الضرورية من قِبل هذه الحكومة.

أمّا من جهة فرنسا فهي قدّمت المساعدة من خلال تنظيم مؤتمر «سيدر» في باريس، وما نجم عنه من قروض وهبات للقطاعات الإقتصادية اللبنانية، والتي تبلغ نحو 12 مليار دولار».

وقال: «إنّ لبنان بحاجة إلى طمأنة المستثمرين لإدارة حساباته العامة بصرامة، وانّ مجتمع الأعمال يتوقع إصلاحات هيكلية كبيرة لزيادة الشفافية الإقتصادية والكفاءة».

بري: أوتوستراد سريع

واذا كان الطارىء الصحي الذي ألَمّ برئيس الحكومة سعد الحريري قد جمّد عمل الحكومة الى حين عودته الى بيروت، الّا انّ نقاشاً جرى في الايام القليلة الماضية بين مستويات رسميّة وسياسيّة، وكذلك على خَطّي بعبدا وعين التينة، تمحور حول ضرورة التوجّه السريع نحو فعالية حكومية نوعية اعتباراً من الاسبوع المقبل، حيث يُصار فيه الى وضع الحكومة على سكة الانتاج، خصوصاً انّ وضع البلد لم يعد يتحمّل الصعوبات التي يعانيها.

وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ»الجمهورية»: «وضع البلد لا يتطلّب فقط وضع الحكومة على الطريق الصحيح وعلى سكة الانتاج، بل يتطلب ان تسلك الاوتوستراد السريع لتتمكن من اللحاق بالأزمة قبل ان تسبقنا ويصعب علاجها».

فعالية حكومية

وحول هذا الموضوع، جرى تواصل هاتفي بين الرئيس عون والرئيس بري، وجرى التأكيد على أولوية إقرار الموازنة. وأبلغ رئيس المجلس نواب الاربعاء قوله: «حبذا لو كانت الموازنة قد أُقرّت قبل تأليف الحكومة، لأننا كنّا أمام فرصة ذهبية لإنجاز هذا الاستحقاق. وكما عبّرتُ سابقاً، على مجلس الوزراء الاسراع في إقرار الموازنة التي أنجزها وزير المال بأسرع وقت، وفي إحالتها على مجلس النواب»، منبّهاً الى انه «اذا لم تخفّض الموازنة العجز بنسبة تزيد على 1% فإنّ ذلك يعني انّ البلد سيكون في وضع غير جيد».

2300 مليون دولار

وفي هذا السياق، قالت مصادر اقتصادية لـ«الجمهورية» انّ حاكم مصرف لبنان أطلق تحذيراً من باب تشخيصه للواقع الذي نعيشه، والذي يتطلب مسارعة الحكومة الى العلاجات المطلوبة وعدم تضييع الوقت.

وأكدت انّ «هناك فرصة متاحة للانتقال بلبنان من حال الانكماش الاقتصادي الذي يعانيه الى حال الانتعاش، وأول اجراء جدي وفعلي وحاسم على طريق العلاج ينطلق من اقرار موازنة العام 2019 التي يُفترض ان تكون إصلاحية، تخفّض العجز المرتفع في المالية العامة، وترسل إشارات ايجابية الى مؤتمر «سيدر» والاسواق المالية العالمية ووكالات التصنيف الدولية.

ويُفترض، في هذا السياق، المبادرة الى إنقاذ قطاع الكهرباء. فهناك خطة موجودة حالياً يجب نقاشها بشكل جدّي وشفاف والانطلاق منها، لأنّ وضع هذا الملف على سكة العلاج من شأنه أن يعالج مشكلات متعددة تنعكس ايجاباً على المالية العامة والنمو الاقتصادي والوضع النقدي والمالي».

سنة مفصلية

وقال الخبير الاقتصادي غازي وزني لـ«الجمهورية»: «ما لم تتوافر العلاجات والاصلاحات المطلوبة، فإنّ سلبيات الازمة ستظهر خلال الاشهر المقبلة، وسنة 2020 سنة مفصلية، اي انها ستكون سنة الأزمة الكبرى إن لم يتم تداركها من الآن».

اضاف: «أمامنا عدة اشهر، يتطلب من الحكومة العمل وعدم إضاعة الوقت والشروع في المعالجات، وحتى الآن المعالجة ممكنة ومتوفرة وواضحة، تنقصها الارادة والقرار السياسي، وهنا مسؤولية القوى السياسية التي لا تستطيع ان تهرب من المسؤولية، ولم تعد ثمة إمكانية للاختباء خلف الاصبع، فإن لم تعالج هذه القوى الأزمة في عام 2019، فإنّ هذا الأمر سيدفع الناس وكل المجتمع الوطني الى الشارع».

الإصلاحات المطلوبة

ورداً على سؤال قال وزني: «الاصلاح يُفترض ان يبدأ بالمالية العامة اي بالموازنة، حيث تستطيع الدولة خفض العجز اكثر من 2% من حجم الاقتصاد، وايضاً بتجميد كلّي للتوظيف في عام 2019، وبالمباشرة فوراً بإصلاح نظام التقاعد، حيث ارتفعت معاشات التقاعد من 1400 مليار في عام 2010 الى اكثر من 3200 مليار في عام 2018، والامر نفسه بالنسبة الى الكهرباء التي تتطلب قرارات جريئة.

وثمة نقطة اساسية تتعلق بخدمة الدين العام، حيث تستطيع الحكومة بالتفاهم بين مصرف لبنان والقطاع المصرفي تقليص معدلات فوائد خدمة الدين العام على غرار ما حصل في مؤتمر باريس 2».

جمود وسجال

سياسياً، هناك جمود ملحوظ يسود المشهد الداخلي، رئيس الجمهورية عاد من روسيا فجراً من دون ان يسجل اي نشاط رئاسي أمس، ورئيس المجلس النيابي حصر نشاطه بلقاء الاربعاء التقليدي مع النواب، فيما يمضي رئيس الحكومة فترة نقاهة بعد خضوعه لعملية قسطرة في القلب.

وهذا الجمود يبدو انه سيستمر على مدى الاسبوع الحالي، فلا جلسة لمجلس الوزراء، ولا جلسة للأسئلة والأجوبة في المجلس النيابي في انتظار عودة رئيس الحكومة، على ان تظهر الحيويّة السياسيّة والحكومية الاسبوع المقبل.

لكنّ اللافت للانتباه في ظل هذا الجمود، هو اندلاع سجال كهربائي بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، وهو الأمر الذي يؤشّر الى انّ خطة الكهرباء المطروحة على بساط البحث مُحاطة بتباينات وشكوك، وانّ التوافق عليها دونه عقبات ومطبّات.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى