أخبار عاجلة

الدولة لم تقترض دولارات المودعين.. دَين المصارف 'قنبلة' قيمتها 34.6 مليار دولار

الدولة لم تقترض دولارات المودعين.. دَين المصارف 'قنبلة' قيمتها 34.6 مليار دولار
الدولة لم تقترض دولارات المودعين.. دَين المصارف 'قنبلة' قيمتها 34.6 مليار دولار
كتبت ليا القزي في "الأخبار": في محاولةٍ منها لحماية نفسها من غضب الناس المُحقّ، تستخدم المصارف أسلوب الابتزاز: «فلتدفع لنا الدولة لندفع لكم أموالكم». هو حرف للأنظار عن باب الهدر الأساسي للودائع، لا سيّما بعد أن اعترف الأمين العام لجمعية المصارف بأنّ الأخيرة أقرضت الدولة «نسبة ضئيلة من إجمالي إمكاناتها». وحتّى هذا «الضئيل» تُصارع المصارف لكي لا يخضع لإعادة هيكلة، مطالبة بـ«تعويضات» من الأملاك العامة تفوق قيمة الدين.

الدَّين هو «أوكسيجين» المصارف التجارية... وواحدة من أدوات «الحرب» التي تخوضها في وجه «الدولة اللبنانية». فبعدما راكم أصحاب المصارف وكبار المودعين ثرواتهم الشخصية من الفائدة التي دفعتها «الدولة» لقاء ما اقترضته، أصبحوا يستخدمون الدَّين لتوجيه غضب المودعين صوب القطاع العام. وعِوض أن تعترف المصارف للمودعين بأنّها لا تدفع لهم حقوقهم لأنّها أساءت الحفاظ على الأمانة وهي اليوم مؤسسات مُفلسة، يختبئ مالكوها وإداراتها خلف حجّة أنّ الدولة تسبّبت بالأزمة لدى المصارف.

قبل أشهر، أصدرت «جمعية المصارف» بياناً «اعتذارياً» من المودعين، مُتأسّفةً على «شعور الكثير المُبرّر بأنّه يستجدي حقّاً له من مصرف تسبّب به عجز الدولة عن دفع ديونها. كما تعتذر المصارف لأنّها أقرضت الدولة لدعم تطبيق إصلاحات بنيوية في القطاع العام تعزيزاً لقدرات القطاع الخاص ولرفع مستوى معيشة المواطن عبر فرص العمل والنمو»... الكلام المُكرّر في كلّ المناسبات وعلى لسان جميع أعضاء شبكة المصالح المُرتبطة بـ«حزب المصرف»، ليس أكثر من كذبة. والإفصاح عنها أتى عبر أحد أعضاء الجمعية الحاليين، تحديداً أمينها العام مكرم صادر. في لقاء عبر الإنترنت مع «مجلس التنفيذيين اللبنانيين» بالشراكة مع «نداء لبنان الاغترابي»، أعلن صادر قبل يومين من انفجار 4 آب أنّ المصارف «أقرضت الدولة 25 مليار دولار (مجموع ما أقرضته المصارف بالدولار الأميركي والليرة اللبنانية) من أصل الودائع الموجودة لديها والتي تبلغ 150 مليار دولار، وبالتالي هي نسبة ضئيلة من إجمالي إمكاناتها. أما الأموال المُتبقية، فتوزّعت بين الاقتصاد اللبناني وودائع لدى المصرف المركزي». السؤال الواجب طرحه على صادر - بما يُمثّل - أنّه إذا كانت تسليفات المصارف تُشكّل «نسبة ضئيلة»، فكيف تبدّدت الأموال حتى أصبحت المصارف عاجزة عن تسديد الأموال المستحقة عليها؟ ولماذا تطلب المصارف من الدولة تعويضها بعقارات تبلغ قيمتها 40 مليار دولار؟ ولماذا تتعمّد المصارف الخلط بين ما أقرضته للدولة وما أودعته في مصرف لبنان، رغم الاستقلالية التامة التي يتمتّع بها الأخير، قانوناً، والتي يُدافع عنها «حزب المصرف» بشراسة؟

«الاعتراف» الثاني الذي نطق به صادر أنّ «زيادة كمية ضخ الليرة اللبنانية في السوق قد تخلق تضخّماً في الأسعار، وبالتالي تؤدّي إلى تراجع القيمة الشرائية للمواطنين». هي «اللعبة» التي يقوم بها الحاكم رياض سلامة، حين يغري المودعين بسحب دولاراتهم من المصارف، بالليرة، على سعر صرف يبلغ 3900 ليرة للدولار الواحد، فيُخفّف بذلك من أعباء البنوك، ويفرض حسماً على الودائع، إذ يُفقد الأموال قيمتها بعدما بلغ سعر الدولار في السوق السوداء قرابة الـ 8000 ليرة. وصل الأمر حتّى خلق مصرف لبنان «نقداً إضافياً في السوق في الأشهر السبعة الأولى من الـ 2020 بقيمة 11001 مليار ليرة، بمعدل شهريّ يبلغ 1571 مليار ليرة» («الأخبار»، ملحق رأس المال: 10/08/2020).

حين تدّعي المصارف أنّها ساهمت في تنمية الاقتصاد اللبناني، فهي تعجز عن ذِكر مثال واحد، بمعزل عن محاولاتها اللجوجة لإقناع الناس بقروض لعمليات التجميل أو رحلة استجمام أو شراء عقار. سياستها الدائمة تمثّلت في الغَرف من المال العام عبر إقراض الدولة. ومنذ عام 2011، انغمست أكثر فأكثر بتوظيف قرابة 71.62% (بحسب نشرة «بلوم انفيست»، الصادرة في 4 آب الماضي) من أموال الناس لدى مصرف لبنان، ليس لأنّ الأخير آمنٌ تجاه المخاطر، بل لأنّه قدّم للمصارف فوائد مرتفعة جدّاً.

عام 2018 وحده، حصلت المصارف على نحو 6 مليارات دولار من مصرف لبنان كفوائد (بالدولار) على الأموال التي أودعتها لديه، بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي توفيق كسبار. وعام 2016، أقرّت المصارف بتحقيق أرباح استثنائية (تحديد الأرباح يعني أنّ المداخيل كانت أكثر من ذلك) تجاوزت عتبة الخمسة مليارات دولار في تلك السنة فقط نتيجة إيداعها أموالاً في مصرف لبنان ضمن ما سُمّي بالهندسات المالية. ربحٌ جنته المصارف لسنوات، يُضاف إلى نحو 90 مليار دولار حصلت عليها من الدولة كفوائد على الدَّين العام منذ عام 1992. أما في موازنة الـ 2020، فقُدّرت مدفوعات الفائدة بنحو 6.1 مليارات دولار، أي 36% من النفقات و48.5% من الإيرادات، بحسب أرقام وزارة المالية. كان هذا «العزّ» قبل أن «تتأفّف» المصارف من ثِقل الدَّين عليها.

الدَّين لم يكن قَدَراً على المصارف
المشكلة الرئيسية هي في الدَّين بالعملات الأجنبية. تبلغ قيمة هذه «القنبلة» 34.6 مليار دولار أميركي، مُقسّمة إلى:
- قرابة المليارَي دولار أميركي ديون طويلة الأمد.
- 32.6 مليار دولار أميركي سندات «يوروبوندز»، يحمل منها الدائنون «الأجانب» (منهم من قد يكون لبنانياً مُغترباً، أو أجنبياً يشتري السندات لمصلحة طرف لبناني)، 14 مليار دولار، والمصارف التجارية اللبنانية 11.5 مليار دولار، ومصرف لبنان 5.3 مليارات دولار.
حين أعلنت حكومة حسّان دياب نيّتها التوقّف عن سداد سندات «اليوروبوندز»، سارعت مصارف تجارية إلى بيع ما تحمله من سندات. لا يوجد أرقام دقيقة حول قيمة ما تخلّصت منه، لكنّها بحسب تقديرات مصرفية ما بين الـ 3 والـ 4 مليارات دولار. المصارف التي لطالما اعتبرت إقراضها الدولة «واجباً» لا يمكنها «التنصّل منه»، سارعت إلى بيع السندات، أي التخلص من عبء الدّين، حتى لا يطاولها التخلّف عن الدفع. ما يعني أنّها منذ البداية لم تكن أبداً مُلزمة بالاقتراض بسندات «اليوروبوندز»، إنما فعلت ذلك طمعاً بالفوائد التي تُسدّدها الخزينة العامة. لا بل على طرف نقيض من المصلحة العامة، رمت المصارف بـ«الدولة» بين فكّي الدائنين الأجانب حين رفعت حصّتهم من السندات المُستحقة في الـ 2020 إلى 76.7%، ما يعني خلق مشاكل قانونية للدولة، وتدفيعها غالياً ثمن تخلفها عن الدفع.

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى الاقتصاد الروسي... في مواجهة العقوبات