عن ذهب لبنان في خزائن الأميركيين... هل فعلًا يريدون استعادته ولماذا؟

عن ذهب لبنان في خزائن الأميركيين... هل فعلًا يريدون استعادته ولماذا؟
عن ذهب لبنان في خزائن الأميركيين... هل فعلًا يريدون استعادته ولماذا؟

يتربع لبنان على قائمة الدول العشرين التي تملك أكبر إحتياطي ذهب في العالم، وحاله كحال هذه الدول لجهة حفظ موجوداته الذهبية في الولايات المتحدة الأميركية.

في الآونة الأخيرة وفي ظل المأزق المالي الذي تعيشه البلاد، بدأ الحديث عن وجوب استعادة الذهب، على رغم أنّ القانون اللبناني يمنع التصرّف به. 

مما لا شك فيه أنّ حفظ مخزون لبنان من الذهب وتحصينه قانونيًا حمى هذا المخزون على مدى عشرات السنين، لا سيّما بالنسبة إلى بلد عانى الحروب وويلاتها وتصدّر قائمة الدول الأكثر فسادًا، والحديث اليوم عن وجوب استعادته يطرح أسئلة عن جدوى ذلك، طالما أنّ هناك استحالة لبيعه أو رهنه، وفق القانون الصادر عن مجلس النواب اللبناني عام 1986 رقم 42  والذي ينصّ على "منع التصرّف بالموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان أو لحسابه، بصورة استثنائية، مهما كانت طبيعة هذا التصرّف وماهيته، سواء أكان ذلك بصورة مباشرة أم غير مباشرة". إلا أذا كانت هناك نية لتعديل هذا القانون ليتنسى للدولة اللبنانية التصرف بمخزونها من الذهب، لا سيّما وأنّ توقيت الطرح يتزامن والأزمة المالية.

في الواقع هذا الطرح ما زال مجهول الأبوين، بمعنى أنّ أيّ جهة سياسية لبنانية لم تطلب ذلك، إلّا أنّ إثارته في هذا التوقيت يطرح علامات استفهام، وعن جدوى استعادته يسأل الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة: هل وجود الذهب في لبنان أكثر آماناً من وجوده في الولايات المتحدة ؟ وفي حال أفلست الدولة ماذا كانوا سيفعلون به، وهو لا يكفي لسداد ديون لبنان ؟

وعن سبب إيداعه في الولايات المتحدة يقول عجاقة في حديث لـ"لبنان 24": "معظم دول العالم تضع مخزونها من الذهب في الولايات المتحدة الأميركية من منطلق الحماية بمعناها الأمني، كبريطانيا وألمانيا وتركيا وفرنسا ومعظم الدول".

ولكن هل يمكن أن يصبح الذهب في دائرة الخطر والمصادرة، في حال تخلّفت الدولة اللبنانية عن دفع مستحقات سندات الدين، ولجأ الدائنون حينها إلى رفع دعاوى قضائية في الولايات المتحدة ضدّ الدولة اللبنانية ؟

يلفت عجاقة إلى أنّ هذا الإفتراض بعيد عن الواقع، كون الدولة لم تتخلف إلى اليوم عن سداد ديونها وفي مواعيدها المحددة من دون تأخير، هذه من جهة، ومن جهة ثانية يعتبر أنّ هناك طرقًا أميركية أكثر فعالية في الضغط على لبنان في مثل هذه الحالات "إذ يكفي وضعنا على لائحة العقوبات الأميركية. وفي حال عجزت الدولة اللبنانية عن إيفاء ديونها، يمكن للدائن أن يطالب بالحجز على الذهب وسابقًا تمّ الحجز على طائرة "الميدل إيست"، ولكن هذا حال كل دول العالم وليس فقط لبنان".

بلغت الموجودات الذهبية التي كوّنها مصرف لبنان منذ الستينيات حوالى 286.5 طناً، قيمتها حالياً حوالى 14 مليار دولار، وعلى رغم أنّ العملات لم تعد مربوطة بالذهب منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، إلّا أن الذهب يشكل ثروة وطنية للبلاد كونه أكثر ثباتًا من العملات الورقية المعرّضة لمخاطر تقلّبات أسعار الصرف "وقيمته معنوية  كبيرة في الأسواق تتخطى تلك المادية، فمجرد وجود لبنان على لائحة الدول التي تملك احتياطًا من الذهب يريح الأسواق". وبنظر عجاقة وجود الذهب في الولايات المتحدة أفضل لأنّ الحماية هناك أكبر، لا سيّما وأنّنا في بلد يتعرض لحروب وهزّات أمنية بين الحين والآخر.

لا يستبعد خبراء الإقتصاد وجود عوامل سياسية خلف طرح هذا الموضوع بهذا التوقيت، قد لا تكون الحملة على حاكمية مصرف لبنان بمنأى عنها، ولا سيّما وأنّ القانون اللبناني يمنع استعمال هذا المخزون، مما يعني أنّ استرجاعه لن يفيدنا في تخطي الأزمة المالية، والسؤال هل من الأفضل أن نستعيد الذهب أم نبقيه هناك؟ وهل من جهات سياسية تقف خلف إثارة الموضوع؟ وما هي أهدافها؟ أم أنّه مجرد افتراضات إعلامية ليس إلّا؟

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى