أسعار اليوروبوند تتهاوى: المصارف تبيع سندات آذار.. هل يتعثّر لبنان؟

أسعار اليوروبوند تتهاوى: المصارف تبيع سندات آذار.. هل يتعثّر لبنان؟
أسعار اليوروبوند تتهاوى: المصارف تبيع سندات آذار.. هل يتعثّر لبنان؟
تحت عنوان "أسعار اليوروبوند تتهاوى: الخوف من التعثّر والحاجة إلى السيولة" كتبت صحيفة "الأخبار": " يستحقّ خلال عام 2020 نحو 4.68 مليار دولار من سندات الخزينة بالدولار (يوروبوندز) من ضمنها 2.5 مليار دولار أصل و2.18 مليار دولار فوائد. الاستحقاق الأكبر لأصل السندات هو في آذار المقبل ويبلغ 1.2 مليار دولار، وقد استحوذ على انتباه واسع بعد العرض الذي قدّمه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمصارف لاستبدال سندات يوروبوندز يحملها في محفظته بفائدة 11.5% و12% وتستحقّ في تشرين الثاني 2029 وتموز 2035، مقابل سندات تستحقّ في آذار المقبل بفائدة 6.375% وتحمل المصارف نحو 55.2% منها. وزارة المال اعترضت بالاستناد إلى تحذير تلقته من وكالة ستاندر أند بورز تشير فيه إلى أن الاستبدال يدفعها إلى خفص تصنيف لبنان إلى درجة التخلّف الانتقائي عن السداد. نوقش الأمر في لقاء بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واتُّفق على إبقاء العرض سارياً لتبتّه الحكومة المقبلة، وأن يبقى مصرف لبنان على ستعداد لتطبيقه إذا لم تتشكّل حتى وقت استحقاق السندات في آذار. وفي المقابل بدأت المصارف تبيع سندات آذار التي تحملها في محفظتها بشكل يوحي بأنها ترفض العرض أصلاً وأن أولوياتها للحصول على السيولة بالدولار.

حرص مصرف لبنان دائماً على مصلحة الدائنين من خلال استخدام احتياطاته بالعملات الأجنبية لتسديد استحقاقات سندات اليوروبوندز وفوائدها، وكان يحصل في المقابل على سندات يوروبوندز جديدة بآجال أطول. وتجلّى هذا الحرص في أصعب المراحل التي شهدت استنزافاً في الاحتياطات، كما حدث في شهر كانون الأوّل الماضي عندما سدّد 1.5 مليار دولار من استحقاقات سندات اليوروبوندز، مقابل اكتتابه بسندات أخرى وضمّها إلى محفظته. هذا النوع من العمليّات المبالغ فيه بالحرص على الدائنين، يثير الاستغراب. فبينما كان أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسّطة الحجم يعجزون عن سحب الدولارات من حسابتهم، أو تحويلها إلى الخارج، كان مصرف لبنان مستعدّاً لدفع كامل قيمة السندات من دون تأخير، بينما كان عليه استخدام هذه الاحتياطات لتخفيف هلع المودعين في المصارف وتسديد قيمة ودائعهم.
ومع ارتفاع الضغوط على احتياطات مصرف لبنان وانعدام تدفّق رؤوس الأموال بالدولار إلى لبنان، بدأت تضيق خيارات مصرف لبنان. في نهاية تشرين الثاني الماضي بلغت قيمة احتياطاته بالعملات الأجنبيّة 30.15 مليار دولار، وهو رقم لا يعتدّ به ولا يمكن اعتباره الاحتياطات القابلة للاستخدام لأنه يتضمّن، على سبيل المثال، 5.7 مليار دولار من سندات اليوروبوندز التي يصعب تسييلها عند الحاجة ولو عُرضت بأسعار بخسة، فضلاً عن أنه يشمل الاحتياطات الإلزامية على المصارف والبالغة 19 مليار دولار، وهي مبالغ لا يمكن استخدامها عند الحاجة في عمليّات السوق التي ينفذها مصرف لبنان. رغم ذلك، أصرّ الحاكم سلامة على تفادي أي سيناريو يمسّ مصالح الدائنين (وأبرزهم المصارف اللبنانيّة)، وعمد إلى استكمال سياساته العشوائية الرامية إلى شراء المزيد من الوقت وتفادي سيناريوهات التعثّر وتبعد شبح المسّ بالأرباح المحققة من التوظيف في الدين العام.

وبدلاً من أن تتجه الدولة نحو التفاوض مع حملة الدين السيادي في ظل التعثّر الذي أصاب النظام المالي مؤخّراً لإعادة جدولة الدين وفق آليّة تخفّض قيمته وكلفة خدمته، اتّجهت خطط سلامة إلى عروض تستبدل السندات القائمة حاليّاً بأخرى ذات فوائد مضاعفة. إلا أن حسابات سلامة لم تطابق حسابات الأسواق، لأن تحذير وكالة ستاندر أند بورز من هذه الخطوة، باعتبارها تشكّل تبعاً لمعاييرها، تخلّفاً انتقائيّاً عن الدفع، أدّى إلى عروض لبيع السندات وتراجع أسعارها من 87.47$ في 13 كانون الثاني الماضي إلى 79.6$ يوم الجمعة الماضي بحسب وكالة بلومبيرغ، أي إنها خسرت 9% من قيمتها خلال أربعة أيام فقط وعلى بعد أقل من شهرين على الاستحقاق.
انخفاض السعر جاء بعد عرض سلامة للمصارف، ما أوحى بأن حمَلة السندات سارعوا إلى عرضها للبيع بسبب عدم رغبتهم في السير بعمليّة المبادلة. ولعلّ أبرز عامل يدفع بهذا الاتّجاه اليوم يكمن تحديداً في حاجة المصارف اللبنانيّة الماسّة إلى السيولة بالدولار ما يحفّزها على بيع هذه السندات قبل إجراء عمليّة التبادل التي ستربطها بسندات جديدة لآجال أطول بدلاً من قبض قيمتها عند الاستحقاق. كذلك تشير عمليّة التبادل المطروحة إلى ضغوط ماليّة متزايدة ترفع احتمالات التعثّر في السداد مستقبلاً، وهو ما يدفع حملة السندات - وبشكل متزايد - إلى عرض السندات للبيع.

وبمعزل عن مصير هذا العرض، فمن الأكيد أنّ أولويّات حاكم مصرف لبنان ما زالت تركّز على نقطتين: شراء الوقت وتأجيل أيّ حديث يعيد النظر في أصل وكلفة خدمة دين الحكومة، وحماية مصالح الدائنين وخصوصاً المصارف. وحتّى اللحظة، لا يوجد أي اتجاه إلى معالجات على مستوى الدين العام تتلاءم مع واقع الانهيار، وتعيد النظر في كلفة هذا الدين وحجمه والعبء الذي يشكّله على اللبنانيين".


اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى