وبالعودة إلى القراءات الداخلية لهذه الخطة فإن ما يمكن إستنتاجه من خلال ردات الفعل الأولية من قبل عدد من الخبراء، فإن ثمة قاسمًا مشتركًا بين هؤلاء جميعًا، وقبل إبداء الرأي في شكل تفصيلي، وهو أن لبنان لا تنقصه أوراق إصلاحية، إذ سبق أن تقدّم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعقب إنتفاضة 17 أكتوبر، بورقة إصلاحية عرضت على جميع الفعاليات السياسية في البلد، لكنها بقيت حبرًا على ورق ولم تبصر النور، وكذلك فعل الرئيس سعد الحريري قبل تقديم إستقالته، وقبلهما المشاريع الواردة في "سيدر" ومؤتمرات باريس.
إذًا وبكل بساطة ومن دون الكثير من الشرح والأخذ والردّ، فإن المطلوب أولًا وأخيرًا ترجمة عملية على أرض الواقع، والدليل أن في لبنان أفضل القوانين والتشريعات نظريًا، ولكنها تبقى قيمتها محدودة إذا لم تتواءم مع إجراءات عملية وواقعية تفضي إلى نتائج ملموسة تدريجية تظهر من خلال حسن الأداء.
وما يسأله اللبناني المكتوي بنار التجارب السابقة، التي لم تؤدِ إلى أي نتيجة على الأرض يسأل عنه الخارج أيضًا وبقوة أكبر، لأنه هو صاحب رأس المال، الذي سيمّول المشاريع الموضوعة في هذه الخطة، التي لا تزال تحتاج إلى مسار طويل، سواء داخل الحكومة نفسها أو عبر السلطة التشريعية لإقرار القوانين التي من خلالها يمكن الولوج إلى الإصلاحات المطلوبة، التي سيطّل لبنان بها إلى الخارج، في محاولة لإقناعه بضرورة مدّ يد المساعدة له، مقابل الألتزام بتطبيق ما ورد في هذه الخطة في اسرع وقت وعدم التحجج بجائحة الـ"كورونا"، إذ يمكن العمل بالتوازي مع إجراءات الوقاية.
وحدها جمعية المصارف عارضت خطّة الحكومة، وهي كانت في أجوائها، وتعرف الشاردة والواردة، وتعرف أيضًا أن ما بين سطور هذه الخطّة إستهدافًا للقطاع المصرفي، الذي لن يقبل به صندوق النقد الدولي، الذي سيأخذفي الإعتبار موقف الجمعية، بإعتبارها المعنية بكل ما هو وارد في الخطّة، وقد يكون لموقف المصارف تاثير مباشر على إمكانية تجاوب الصندوق مع مطالب الحكومة، وهكذا قد يتحوّل إلى "صندوق فرجة".