حياتنا رهينة الشائعات

حياتنا رهينة الشائعات
حياتنا رهينة الشائعات
حياتنا باتت رهينة الشائعات. والشائعة، في حالتنا اللبنانية الراهنة، لها وقع الخوف والرعب. ذلك أنها ليست من النوع المعروف في أوساطنا العربية. أي تلك التي تخص غالباً عالم الفنانين والنجوم، وهم على أي حال، لهم جمهورهم المعتبر والمتابع في ظل أكثر الأزمات صعوبة.

الشائعات التي نتحدث عنها هنا، ليست من النوع الذي يثير فضول المتابع من دون أن تمسه، بل تلك التي تصيبه في الصميم. تفاقم خوفه، وتضاعف رعبه وقلقه.
منذ الإنتفاضة الشعبية الواسعة أواخر العام الماضي، صرنا نهباً للشائعات على أنواعها. شائعات إقتصادية وأمنية بالدرجة الأولى، ومنذ نحو شهرين، بتنا أمام موجة جديدة مضافة هي الشائعات الصحية.

كيف نعيش في ظل الشائعات؟ من المؤكد في حالتنا أننا لا يمكن أن نتعاطى معها بلا مبالاة. ولعل الدليل الامثل تلك الشائعة التي انطلقت أمس حول نفاد مادة البنزين وارتفاع سعرها، ما دفع بأعداد ضخمة الى محطات الوقود للتزود بهذه المادة لسياراتهم وآلياتهم. اقفلت محطات ابوابها، وقال عمال محطات أخرى إن الآتي لن يسرّ اللبنانيين.


حصل هذا كله حتى أتى النفي، متأخراً نسبياً، ما يطرح الكثير من علامات السؤال حول ما جرى. ولعل أبسط هذه الاسئلة، تأخر نقابة موزعي المحروقات في الرد على الشائعات، علماً أن الاخيرة لم تتأخر لتصلهم. فالشائعة في عصر الانترنت تصل بسرعة النار، أما الردّ "الثلجي" عليها فغير مفهوم. أذ نعتقد أن عملية النفي كان يمكن أن تكون في السرعة نفسها، عبر تدبيج بيان سريع يرسل لوسائل الإعلام (ولديها مواقع الكترونية لحظة بلحظة)، بدلاً من الإنتظار لساعات.

الهلع يدفع ثمنه في ظل هكذا إشاعة بعض اللبنانيين مع آلياتهم. ففي هكذا وضع، تعمد بعض المحطات الى استخدام أسوأ ما لديها من الوقود المتبقي في خزاناتها، ما يتسبب في أحداث أعطال كثيرة في السيارات والشاحنات وحتى الدراجات النارية.

هذا ما كشفه لنا في "لبنان 24" اكثر من شخص عاشوا التجربة نفسها خلال الإشاعات التي أطلقت خلال الشهور السابقة حول احتمال فقدان الوقود. حينها هرعوا الى المحطات وحصلوا على الوقود الرديء (ما يتبقى في أرضية المستودعات النفطية)، فكلفهم ذلك لاحقاً الكثير من المال لإصلاح الأعطال الناتجة عن الأوساخ المختلطة بالوقود على المحرك وما يتصل به من قطع.

من يحمينا من الشائعات؟ قد يبدو الجواب "كليشيه"، لكن هذا لا يقطع ولا يخفف من المسؤولية على اصحاب المسؤولية. انها الدولة ووزاراتها وهيئاتها صاحبة الصلة بما يجري. تلك التي يتوجب عليها المراقبة ودحض الشائعات والأهم .. معاقبة مطلقيها. وليس نحن الذين نترك نهباً للمحتكرين والتجار واللصوص.
ففي بلد قائم على المضاربات والإحتكار، بتنا شبه متيقنين أن لا شائعة من دون غاية، كما أن لا دخان من دون نار.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان