ماذا ينتظر لبنان بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الدولة؟

ماذا ينتظر لبنان بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الدولة؟
ماذا ينتظر لبنان بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الدولة؟
كتب د. ناصر زيدان في صحيفة "الأنباء" الكويتية: "تأسس الكيان اللبناني منذ مئات السنين، وحمل خصائص ميّزته عن محيطه الذي توزع بين الامبراطوريات والولايات والدول، ولكنه ترعرع على الدوام في كنف الإسلام والعروبة.

وبعد أن كانت الإمارة التنوخية اللبنانية وكيلة عن المواجهة الإسلامية للغزوات الصليبية، تحولت وريثها الامارة المعنية الى حالة سياسية وعسكرية مؤثرة على أحداث المنطقة برمتها، وفيما بعد فقد أخطأ الشهابيون في توريط الإقطاعات اللبنانية في التجاذبات بين الولاة العثمانيين وفي صراع هؤلاء مع ولاة مصر الى أن حصلت فتنة ما بعد العام 1823 التي أسست لصراع طائفي لم يكن موجودا في السابق، واستفادت الدول الاستعمارية من هذا الصراع لتوسيع نفوذها وتدخلاتها، مما أدى الى تقسيم الإمارة اللبنانية الى قائمقاميتين، ومن ثم أنشأت متصرفية جبل لبنان التي أمنت استقرارا اقتصاديا، ولكن معها ألغي التأثير السياسي للكيان، الى أن أعلنت دولة لبنان الكبير عام 1920 بمساعدة فرنسا، بعد ضم مدينة بيروت كعاصمة، وأقضية الشمال والجنوب والبقاع الى مساحة المتصرفية، ومن ثم سميت الجمهورية اللبنانية في دستور العام 1926.

بعد 100 عام على تأسيس الدولة الحديثة، تشهد البلاد مخاضا مؤلما على وقع تطورات خشنة هشمت الكيان، وزرعت اليأس في نفوس اللبنانيين، وتترنح الجمهورية بآلامها المعلقة بحبال فريق حاكم استقدم كل أنواع الفشل والخيبة من جهة، وبجنازير التدخلات الخارجية الحديدية الصلبة من جهة ثانية.

وبين هذه وتلك، عادت فرنسا لتلعب دور المساعدة في إنقاذ «لبنان الكبير» المعرض للزوال وفقا لتعبير وزير خارجيتها جان إيف لودريان. وقد حضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد يومين من كارثة المرفأ التي دمر نصف بيروت في 4 أغسطس، وهو عاد الى بيروت ليشهد احتفالية مئوية تأسيس الدولة مطلع سبتمبر، وفي جعبته الكثير من الأفكار، منها المعلن ومنها غير المعلن.

يتطلع اللبنانيون الى أن تحمل المناسبة خطة طوارئ تنقذ البلاد من الغرق المالي والاقتصادي والإداري والأمني الذي تعيش فيه.

خصوصا كون زيارة ماكرون تترافق مع عملية تشكيل حكومة جديدة، يؤمل منها أن تكون حكومة إنقاذ بعيدة عن نفوذ القوى المهيمنة على قرار الدولة.

وبقدر ما ترحب قوى لبنانية متعددة بدور فرنسا المساعد، يخشى بعضها الآخر من مراعاة باريس لمصالحها الإقليمية التي تتأثر بالخلاف مع تركيا في المتوسط وليبيا من جهة، وبالعلاقات التجارية المتطورة مع إيران من جهة ثانية.

مجموعة كبيرة من الطروحات الجديدة تطفو على السطح وتهدف لحل المعضلة اللبنانية المعقدة، تبدأ من فكرة توليف عقد اجتماعي جديد لتطوير الطائف كما كان قد اقترح أمين عام حزب الله، وتمر بمشروع الحياد الإيجابي الذي طرحه البطريرك بشارة الراعي، وصولا الى فكرة تأسيس دولة مدنية أو علمانية كما تطالب قوى المجتمع المدني ومعها العديد من الأحزاب، بما في ذلك إلغاء الطائفية السياسية في مؤسسات الدولة، باستثناء مجلس الشيوخ الذي يضمن حقوق الطوائف المختلفة، ويلغي هواجس الخائفين من الغلبة العددية.

من المؤكد أن الأجواء المضطربة السائدة في البلاد ليست مثالية لتنفيذ مشاريع تغييرية كبيرة، لأن التوتر بين المكونات اللبنانية على أشده، خصوصا على خلفية ربط لبنان بمحور «الممانعة» وبوجود السلاح المتفلت عند المجموعات التي تدور في فلك هذا المحور، وبالتالي يخشى أن لا تنجح الرعاية الدولية في لجم الجنوح عند البعض، مما يؤدي الى الفوضى أو الى حرب أهلية.

ولكن بالمقابل فإن الوضع اللبناني المتهالك لا يمكن أن يستمر فيما هو عليه من ردة، على أمل أن تنجح الرعاية العربية والدولية الجديدة، ومعهم إرادة العقلاء، في إنتاج تسوية جديدة تنقذ الدولة من خطر الاندثار، وتؤسس لانطلاقة جديدة في مطلع المئوية الثانية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان