جاء في “الجمهورية”:
ورد في تقرير سياسي – اقتصادي – معيشي، أنجزته جهات ديبلوماسية تضمّن “تقديراً شديد التشاؤم حيال مستقبل لبنان”، ما حرفيّته: “مع توالي ايام الازمة التي اشتعلت في لبنان قبل اكثر من سنتين، دخلَ هذا البلد في انهيار هو الاسرع من نوعه من بين دول العالم، ما يعني انّ لبنان قام في ظل سلطة حاكمة أسسها مُتداعية منذ سنوات طويلة، والعجز كانت تتوارَثه الحكومات المتعاقبة، ويتم حجب هذا العجز بالتسلح بالخلفيات الطائفية والمذهبية”.
ويضيف التقرير: “على الرغم من الاندفاعة الايجابية والصديقة الدولية تجاه لبنان، فإنّ لبنان أحبطها بعدم التجاوب معها، ومع كل ما أُسدي من نصائح دولية تحثّ المسؤولين فيه على التعجيل في سلوك طريق العلاجات الاصلاحية”.
ويلفت التقرير الى “انّ وضع لبنان مُستغرق في التحضير للانتخابات النيابية، وهو امر يؤجّل اي بحث في حلول سريعة لبعض المعضلات الاقتصادية الكبرى فيه”. ويشير الى انّ “مسؤولي صندوق النقد الدولي ليسوا واثقين من بلوغ برنامج تعاون سريع مع الحكومة اللبنانية بالنظر الى تأخّر إنجاز خطة التعافي من قبل الحكومة، وكذلك الى التباينات السياسية حيال بعض الامور الاساسية التي تشكّل ركيزة لأي اتفاق تعاون، ولا سيما قانون الكابيتال كونترول والسرية المصرفية اضافة الى امور علاجية مُلحّة اصلاحية وادارية”.
ويضيف التقرير “انّ قيامة لبنان من أزمته باتت تُقارب الاستحالة، لمجموعة عوامل متداخلة بعضها ببعض، أوّلها ان السلطة السياسية بدءاً من رأسها، هي المانعة لأي محاولة انقاذ، وتسدّ بيدها الابواب التي يمكن ان تنفذ منها رياح علاجية للأزمة في لبنان، سواء ما يتصل بالتشكيلات القضائية المحجوزة من قبل رئيس الجمهورية، والتي لا يمكن لبلد ان ينجو ويصبح دولة سليمة بإدارة سليمة الّا من خلال قضاء نزيه وسليم وبعيد عن التدخلات السياسية. وايضاً ما يتصل بالملف الكهربائي، عبر الاصرار على التمسّك بهذا الملف رغم الفشل الذريع الذي مُني به، وأهدر ما يزيد عن 40 مليار دولار على كهرباء غير موجودة”.
ويحدّد التقرير “موقع لبنان في هذه الفترة، بين فكّين يضغطان عليه بشدة. الأول: فكّ الانانية الحزبية التي لا تنفكّ تظهر لبعضها البعض دواخلها الالغائية وجنوحها الى التحكّم وتصدّر المشهد السياسي والنيابي والحكومة والرئاسي، فقط لتبقى هي وحدها المهيمنة، والجاثِمة على صدور اللبنانيين. وفكّ الازمة الخانقة التي تقود اللبنانيين جميعهم الى موت بطيء، وانّ استمرار استفحال الازمة من دون مبادرة السلطة السياسية الى توفير العوامل التي ترسّخ شيئاً من الاستقرار سواء على الصعيدين السياسي او الاقتصادي والمالي، فإنه في دولة كلبنان بلغت حداً عميقاً من الانهيار، قد لا يطول معه الوقت حتى تعلن جولة فاشلة”.
وفيما قاربَ سياسيون هذا التقرير من زاوية كونه ينطوي على مضمون تيئيسي للبنانيين، وتأكيد على انسداد الافق امام لبنان، قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ”الجمهورية”: “ليس في ما تضمّنه هذا التقرير ما يُجافي حقيقة ما هو حاصل، ومن هنا لا يبدو في مضمونه اي منحى تيئيسي للناس، بقدر ما هو توصيف دقيق للواقع الاقتصادي والمالي ودور السلطة او السلطات المتعاقبة في مُفاقمته الى الحدود التي بلغها، فالناس تَخطّت اليأس وقيّدها الجوع والوجع في زاوية البؤس، وتكفي نظرة الى وجه الناس ليُقرأ كل ذلك”.
وأضافت المصادر: “امّا السلطة فقد سبق لها ان حسمت أمرها منذ زمن طويل وخلعت ثوب المسؤولية، ولبست ثوبها الحقيقي كـ”ختيارة” فقدت عكّازيها. وأمّا احزاب الحواصل والمقاعد، فقد ذوّبت الانتخابات الثلج عن نواياها، وبات حقيقة هدفها السامي، وهو العبور على جسر آلالام الناس الى مجلس النواب، إن كانت هذه الانتخابات ستجري في موعدها”.