وعود استجرار الطاقة والغاز “في خبر كان”؟

وعود استجرار الطاقة والغاز “في خبر كان”؟
وعود استجرار الطاقة والغاز “في خبر كان”؟

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لم يكن وضع لبنان بائساً إلى هذا الحد،حتى في حمأة الحرب الاهلية المشؤومة، ولم يشهد البلد حالاً مأساوية مزرية، وازمات متسلسلة وضاغطة وضياعا ، وفوضى واهتراء في مؤسسات الدولة، كما يحصل في أيامنا هذه. لم يعانِ الناس قلّة وفقراً وحاجة، كما هي حالة معظم اللبنانيين في يومنا هذا. لم يفقد الدواء من الصيدليات، ويختفي مع الطحين في مستودعات المحتكرين، حتى ايام الحصار والازمات.

لم تظلل العتمة والظلام الكامل لبنان على هذا النحو، من أقصاه الى اقصاه، طوال ايام، بحجة نفاد الفيول، من دون حسيب او رقيب، بالرغم من صرف الملايين وقبلها المليارات من الدولارات، التي اودت الى الإفلاس العام دون طائل، او حتى مكاشفة الرأي العام بالاسباب، واستنفار المعنيين للتخفيف من المعاناة والسعي لتسريع خطى اعادة النور المفقود الى حين.

تلاشت سريعا كل وعود استجرار الطاقة من الاردن والغاز المصري وزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، وخيَّم الصمت الرسمي المطبق مكانها، وكأنها اصبحت في مهب الريح، وبأن كل ما حُكي عن اتفاقيات، وقروض وعروض من هنا وهناك، واغدق من وعود، على مدى الاشهر الماضية، كان مجرد مسكنّات ظرفية، لامتصاص نقمة الناس، لتقطيع الوقت سدى دون طائل أو نتائج ملموسة.

لم يتحرك المسؤولون استثنائيا طوال ازمة التعتيم الظلامي التي تظلل لبنان خلال الأيام الماضية، لمساءلة الوزير المعني عن الأسباب التي ادت الى الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، ولماذا لم يتخذ التدابير الاستباقية اللازمة، لتفادي اغراق البلد بالظلام الدامس، وكأن ما يحصل عادي ولا داعي لاهتمام ملحوظ واستثنائي للتخفيف من تداعياته واضراره، بل هو امر طبيعي تعوّد اللبنانيون على التعايش معه، بلا ضجيج او سخط.

لم يقتصر الفراغ الحاصل في التطنيش السلطوي على مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتواصل عن كل لبنان فقط، لان المسؤول عنها مباشرة، صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل الذي يهيمن على وزارة الطاقة لأكثر من عشر سنوات متتالية، هدرا وفسادا مشهودين، بل شمل كذلك تعثر ملحوظ في إخراج خطة التعافي الاقتصادي الموعودة من دهاليز المعرقلين المعروفين، وإدارة الظهر للتردي المتواصل في معالجة الازمة المالية واستمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وانعكاساته السلبية على اسعار السلع كلها، من دون معرفة الأسباب او ملاحقة المتسببين ،الامر الذي زاد في منسوب الضغوط المعيشية ومعاناة المواطنين التي باتت لا تحتمل.

لم يعد الاهتمام الحكومي بإجراء الانتخابات النيابية، يبرر اهمال السلطة للمتطلبات الاساسية للمواطن هذه الايام، ولا يعفي الحكومة من مسؤوليتها المباشرة في الايفاء بالوعود والالتزامات التي قطعتها على نفسها منذ توليها المسؤولية وحتى اليوم،وخصوصا تلبية الحاجات والمتطلبات الضرورية للمواطنين هذه الأيام.

ما فائدة الانتخابات النيابية، اذا جرت على وقع الانهيار الحاصل وزيادة معاناة اللبنانيين وافقارهم، بدلا من ان تكون جسر عبور، للنهوض بالوطن نحو الافضل، والتخفيف من معاناة الناس واذلالهم؟

في الايام الصعبة والازمات والحروب الاهلية المشؤومة، حرص المسؤولون ورجال الدولة يومذاك، على ابقاء قنوات التواصل مفتوحة بينهم برغم حدة الخلافات، للحفاظ على ديمومة المؤسسات السلطوية،وتأمين مصالح اللبنانيين، بالحد الادنى، برغم كل الخلافات القائمة، والتحديات والصعوبات على انواعها.

اليوم، لم يعد اللبنانيون يشعرون ان هناك دولة ومسؤولين يديرون السلطة ويهتمون بأمور الناس.بل مجرد اشخاص يتحركون هباء، لا يمتون بصلة إلى الحكام الفعليين،او رجال الدولة الحقيقيين وبات الضياع الكامل، والشعور بالفراغ الكامل،يخيمان على البلد كله، وبات الناس كلهم، وكأنهم متروكون لقدرهم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى