سيناريوهات ومعلومات.. هذا ما تُحضّره إسرائيل "عسكرياً" ضدّ لبنان

سيناريوهات ومعلومات.. هذا ما تُحضّره إسرائيل "عسكرياً" ضدّ لبنان
سيناريوهات ومعلومات.. هذا ما تُحضّره إسرائيل "عسكرياً" ضدّ لبنان

من المُتوقع أن تستمرّ فصولُ "الأخذ والرّد" في ملف ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل خلال الأيام القليلة المقبلة، باعتبارِ أن الأمور "لم تستوِ بعد" وتحديداً بعد الرفض الإسرائيلي للملاحظات اللبنانية على المقترح الأميركي الخاص بالترسيم. 


وخلال ساعات مساء يوم أمس السبت، حصل لبنان عبر الوسيط الأميركي في الملف آموس هوكشتاين، على الرسالة الإسرائيلية التي جاءت رداً على ملاحظات لبنان الأخيرة والمرفوضة من العدو الإسرائيليّ، وقد كشفت معلومات "لبنان24" أنّ تل أبيب ركزت مُجدداً على مسألة خط الطفافات الذي تعتبرهُ إسرائيل بمثابة "نقطة حمراء" لا يمكن تجاوزها، وتسعى لانتزاع اعتراف لبناني بها نظراً لاعتبارات أمنية. 


عملياً، فإنّ تلك الخطوة المرتبطة بالرسائل المتبادلة ترافقت مع لهجة إسرائيليّة تضمنت تصعيداً جديداً عالي النبرة، وقد جاء ذلك على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الذي هدد، أمس السبت، بـ"تدمير لبنان في حال مهاجمة حزب الله لإسرائيل". 


وإزاء ما يحصل من تطوّرات، ما يُمكن تأكيده بشكل تام هو أنّ الدور الأميركي في ملف الترسيم يُركّز على أمرين أساسيين: الأول وهو تثبيت فترة الهدوء لتمرير الإتفاق والثاني وهو عدم "كسر شوكة تل أبيب" أمام لبنان في الوقت نفسه. وعلى هذا الأساس، كانت النّبرة العالية إسرائيلياً في الآونة الأخيرة باعتبارِ أنّ واشنطن تُدرك أنّه لا مصلحة بجعل إسرائيل الطرف الأضعف في الملف ولهذا كانت هناك إشارات على أن أميركا تقفُ وراء تل أبيب في موقفها الأمني، لكنها في الوقت نفسه تعمل على "ضبط إيقاع" الأزمة الناشئة على خطّ الترسيم على قاعدة "الوساطة" المتوازنة لضمان تحييد المنطقة عن هزة أمنيّة وحرب شاملة بغنى عنها. 


"دعاية إعلامية" 


حالياً، وبحسب ما تكشفه التقارير، فإنّ إسرائيل تسعى إلى تثبيت أمرٍ واحد إعلامياً وواقعياً، وذلك من خلال إشاعة أخبار مستمرة عن أن العمل متواصل في حقل "كاريش". وخلال اليومين الماضيين، هذا ما حصل فعلاً، إذ ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ "القيادة الأمنية الإسرائيلية أجازت لشركة إنيرجيان بدء فحص إمكانية تشغيل الحقل المذكور". 


بشكل فعلي، فإنّ ما يجري هو أن أي خطوةٍ تحصل في الحقل يتمّ الإعلان عنها، ويرتبط ذلك بـ"دعاية إعلامية" لها أكثر من اتجاه وهدف. فضمنياً، تسعى تل أبيب للقول والمجاهرة بأنها مستمرة بالعمل في الحقل الخلافي بغض النظر عن الاتفاق مع لبنان، وهذه رسالة للداخل الإسرائيلي لتبيان أن القوة موجودة، ورسالة إلى لبنان بأن إسرائيل "لم ترضخ لشروط حزب الله". 


ماذا سيجري عسكرياً؟ 


وسط كل ذلك، فإن إسرائيل تعي تماماً أن أيّ ضخّ للغاز من الحقل قبل إنجاز الاتفاق يعني اندلاع معركةٍ مع "حزب الله"، وهو أمرٌ تبلغته تل أبيب من الفرنسيين مُجدداً أيضاً، وقد كان ذلك خلال الأيام القليلة الماضية، بحسب ما كشفت مصادر مقربة من الحزب لـ"لبنان24"


وفي حال حصولِ أيّ صدامٍ عسكري، فإنّ تل أبيب تخشى 3 سيناريوهات بالحدّ الأدنى وترتبط بالتالي: الأول وهو إطلاق "حزب الله" طائرات من دون طيار باتجاه المنصة العائمة في "كاريش". أما الثاني فيتمثل بإرسال زوارق مفخخة تحت الماء لضرب منصات الغاز، في حين أن الثالث ويرتبط بحصول حادثٍ أمني عند الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وهو الأكثر ترجيحاً في الوقت الراهن. 


واستناداً إلى كل ذلك، فإنّ ما لوّحت به تل أبيب مؤخراً بشأن التصعيد لم يكنُ مُفاجئاً  بل كان مُتوقعاً بدرجة كبرى. وفي ظل ذلك، تكشف التقارير أنّ جيش العدو سيزيد من الدوريات الجوية والبحرية حول منصة الغاز في "كاريش"، كما أنه سيغيّر من انتشار القوات على طول الخط الحدود البري، وسيُعزز من انتشار أنظمة الدفاع الجويّ على نطاق واسعٍ عند الحدود مع لبنان.  


على الجانب اللبناني، فإنّ توازن الرعب بين إسرائيل و"حزب الله" يرتكزُ بقوّة على العوامل العسكرية، وهذا أمر تحدثت عنه التقارير الإسرائيلية مؤخراً بإسهاب. وبمنأى عن إمكانية حصول اشتباكٍ مباشر بين قوات "حزب الله" وجنود الجيش الإسرائيلي وعن العمليات العسكرية المتوقعة التي قد تجري داخل العمق الإسرائيلي، فإنّ تلويح تل أبيب بـ"الرد الحاسم" على أي هجومٍ من قبل "حزب الله" لا يرتبطُ فقط ببنك أهدافٍ يتعلق بمنشآت عسكرية خاصة بالحزب. فعند هذا الأمر، ما يظهر وبشكل واضح هو أنّ تل أبيب تضعُ في طليعة أيّ عمل عدواني ضدّ لبنان استهداف المنشآت الحيوية بشكل عشوائي، وذلك في حالِ تم استهداف أي منصّة غاز عائدة لها، وهنا ستتحق الحرب الشاملة. أما في حال لم يحصُل استهداف تلك المنصات، فإنّه من المتوقع أن تبقى رقعة الصدام محصورة في إطار مُحدّد غير موسّع، أي أن "التدمير" الذي تُهدد به إسرائيل لن يتحقق ولن يتم السماح به أميركياً. إلا أنه في المقابل، سيكون هناك ردٌ لـ"تثبيت الاعتبار" الأمنيّ والعسكريّ. 


وما يمكن أن يؤجل أي صراعٍ عسكري هو أن تل أبيب باتت على عتبة الانتخابات التي ستُجرى في تشرين الثاني، وبالتالي فإنّ أي ضربة عسكرية "غير مضمونة" النتائج يمكن أن تؤدي إلى إخفاقات كبيرة ستساهم في حصول خضة داخلية كبيرة، وعندها سيكون التراجع كبيراً، سياسياً وأمنياً. أما في المقابل، فإنّ "حزب الله" يعي تماماً أن التصعيد الإسرائيلي الأخير "انتخابي"، ولهذا يبدو واضحاً أنه لن ينجرّ إلى ما يُحكى إسرائيلياً، والأمر الثابت لديه هو عدم ضخ الغاز من كاريش، لأن هذه الخطوة هي التي ستقلب المعادلة تماماً وتحديداً في حال لم يحصل أي اتفاق على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟