تداعيات تطال القضاء.. التحقيق بانفجار مرفأ بيروت إلى الواجهة من جديد!

تداعيات تطال القضاء.. التحقيق بانفجار مرفأ بيروت إلى الواجهة من جديد!
تداعيات تطال القضاء.. التحقيق بانفجار مرفأ بيروت إلى الواجهة من جديد!

بمعزَل عن الأسباب والخلفيّات، فضلاً عن المحفّزات القانونيّة، إن وُجِدت، فإنّ الثابت انّ توقيف الناشط وليم نون، شقيق جو نون، احد ضحايا انفجار المرفأ، لأكثر من 24 ساعة، بناءً على إشارة قضائية، على خلفية تصريحات له وُصِفت بـ"الانفعالية"، أعاد "الزخم" إلى ملف انفجار مرفأ بيروت، المعلَّقة تحقيقاته منذ أكثر من عام، وسط معطيات عن زيارة مرتقبة لقاضي تحقيق فرنسي خلال أيام، للاستفسار عن بعض "الخبايا" المرتبطة بالملف.

 

فعلى الرغم من أنّ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يدأبون على تنظيم تحركات "دوريّة"، احتجاجًا على تعليق التحقيق والتدخلات السياسية المتكرّرة في قضيتهم، إلا أنّ معظم تحركاتهم تمرّ مرور الكرام، من دون أن تُحدِث خرقًا يكسر "جمود" الملف، ولو ترافقت في بعض الأحيان مع "استنفار أمني"، أو "توتر" في الميدان، ينجم عن "تدافع" بين الأهالي والقوى الأمنية، سرعان ما ينتهي في أرضه، من دون أيّ تداعيات تُذكَر.

 

وإذا كان "كفّ يد" المحقق العدلي القاضي طارق البيطار أضحى أمرًا واقعًا، رغم أنّه يستفزّ من حيث المبدأ أهالي الضحايا، كما الكثير من اللبنانيين الذين لم يستطيعوا بعد أن يطووا صفحة الانفجار المشؤوم، تمامًا كما تستفزّ بعضهم فكرة "القاضي الرديف"، فإنّ حادثة توقيف وليم نون أثارت لدى كثيرين "نفورًا"، ولو كانت مبرَّرة ومشروعة قانونًا، لجهة تحوّل "الضحية" إلى "جلاد"، في بلدٍ بات فيه غياب العدالة هو القاعدة، لا الاستثناء.

 

قصة "خيالية"؟!

 بالنسبة إلى كثيرين، فإنّ توقيف وليم نون مبرَّر من الناحية القانونية، ليس فقط انطلاقًا من أنّ القضاء "سيّد نفسه"، ولكن لكون الشاب الذي يتصدّر تحرّكات أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وبات يُنظَر إليه على نطاق واسع بأنّه "رمز" لقضية 4 آب التي ينطق باسمها، خرج عن طوره، فأساء للقضاء، وهدّد بـ"جريمة" كان على المعنيّين التحرّي بشأنها، ولو أنّ القاصي والداني كان يدرك أنّ كلماته كانت ناتجة عن "انفعال" هو أيضًا أكثر من مشروع.

 

من هنا، يرى البعض أنّ ما حدث مع نون هو "قصة خيالية" لم يكن أحد ليتوقع أنّها يمكن أن تحصل، فلأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت "رمزية" يرفض كثيرون التغاضي عنهم، ولا سيما أنّ "حرقتهم" أكبر من قدرة أحد على الاستيعاب، هم العاجزون حتى اليوم عن "تحريك" التحقيق بجريمة وصفها السياسيون بأنّها "جريمة العصر"، قبل أن يفاخر بعضهم بتعطيل التحقيق بها بكبسة زرّ، بذريعة "التسييس"، التي تصلح لكلّ الأزمنة والأماكن.

 

لذلك، كان توقيف نون لأكثر من 24 ساعة، برأي هؤلاء "رسالة" أكثر من كونه مجرّد "إجراء قانونيّ"، فاحتجاز الشاب كان يمكن أن ينتهي في ساعات، لكنّ بعض التفاصيل المرتبطة به بدت "محيّرة"، من طريقة الاستدعاء إلى دهم المنزل مرورًا بربط إطلاقه باستدعاء آخر، رسمت الكثير من علامات الاستفهام، التي قد تتخطّى في حيثياتها الأهالي بحدّ ذاتهم، إلى المحققين الأجانب الذين يزورون لبنان هذه الأيام، وخصوصًا الوفد القضائي الفرنسي المنتظَر.

 

القضاء متضرّر

 لكن، أبعد من اعتبارات كلّ ما سبق، التي يختلط على خطّها ما هو قانوني بما هو شعبويّ إلى حدّ بعيد، ثمّة من يعتبر أنّ التداعيات تضرب في الصميم "سلطة" القضاء، الذي كرّست حادثة توقيف وليم نون، انقسامًا على خطّه ليس وليد اليوم، يعود إلى بدء الحديث عن "القاضي الرديف"، الذي شلّ عمل المجلس الأعلى للقضاء، حيث باتت اجتماعاته تشكو غياب النصاب، في ظلّ رفض رئيسه للفكرة، مقابل تأييد عدد من أعضائه لها.

 

ولعلّ ما بدا جليًا على هامش توقيف نون، كان أنّ هذا الانقسام تعزّز أكثر، خصوصًا بعد صدور بيان باسم المجلس، نفض رئيسه يده منه، ليتبيّن بعد ذلك أنّه كان "مسودّة" إلا أنّها لم تحظَ بالإجماع حتى تصدر بصيغة بيان وفقًا للأصول، علمًا أنّ التحركات السياسية التي أحاطت بالقضية أعادت تسليط الضوء على ظاهرة قد لا تكون صحية، تتمثّل في "الضغط" على القضاء، وهو ما ظهر في لهجة بعض النواب، ولو جاءت عن "حسن نيّة".

 

وفيما يعتقد العارفون أنّ تداعيات حادثة التوقيف لم تنتهِ فصولاً بعد، وأنّ المعنيّين مدعوّون لبحثها في العمق، حرصًا على استقلاليّة السلطة القضائية ومناعتها بالدرجة الأولى، يرجّح متابعون أنّ التحقيق بانفجار مرفأ بيروت سيعود إلى دائرة الاهتمام، فالمراوحة على خطّه لم تعد مقبولة، والمطلوب إيجاد حلّ سريع يتيح استكمال التحقيقات، توازيًا مع البتّ بشأن الموقوفين الذين تخطّى بعضهم مدّة التوقيف اللازمة، أو المسموح بها قانونًا.

 

لعلّ المطلوب العودة إلى "جذور" الأزمة، قبل البحث بـ"التداعيات"، ففكرة "القاضي الرديف" لم تكن لتُطرَح لو أنّ التحقيق يسير كما يجب، ولما كان الأهالي ليستشيطوا غضبًا ويخرج عنهم ما قد يفسَّر خطأ، والأهمّ من كلّ ما سبق، أنّهم ما كانوا ليتوجّسوا من النوايا السيئة، لو أنّ السياسيين نفضوا يدهم من التحقيق. لذلك، فإنّ المطلوب معالجة جذرية، تسمح بـ"تحرير" التحقيق بجريمة يفترض أنّها هزّت لبنان بأسره، حتى ينال كلّ ذي حق حقه!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟