أخبار عاجلة

بعد قضية 'بائع الصيصان'.. من يعتذر من غنى نحفاوي؟

بعد قضية 'بائع الصيصان'.. من يعتذر من غنى نحفاوي؟
بعد قضية 'بائع الصيصان'.. من يعتذر من غنى نحفاوي؟
لم يكن بلاغ الناشطة في مجال حقوق الحيوانات غنى نحفاوي عن "بائع الصيصان" الأول وحتماً لن يكون الأخير، وذلك من خلال"منشن" لقوى الأمن الداخلي عبر حسابها الشخصي على "تويتر" ما دفعهم للتحرّك فوراً لمتابعة الشكوى التي تقدّمت بها ضد "أبومحمد" - 61 عاماً الذي يسترزق من "بسطة" في احدى مناطق الجنوب يعرض عليها ألواناً من الصيصان تشدّ انتباه الأطفال الذين تهافت اهلهم لشرائها لهم عوضاً عن الألعاب، لكنّ محكمة التواصل الاجتماعي أطلقت حكمها المبرم على نحفاوي فانهالت عليها الشتائم من كل حدب وصوب، وعُلّقت لها المشانق الافتراضية وكيف لا؟ إن كان قطع الارزاق من قطع الأعناق! 

استوقفتني شكوى نحفاوي حين أرفقها أحد المغردين بصورة لرجل "معتّر" طاعنٍ في الهَمّ كاتباً فوقها عبارة "الله لا يسامحك"، فلم أستطع أن أتمالك نفسي من هول الحسرة وشاركت مع المعلقين على ما اعتبرته حينها استعراضا على حساب الضعفاء! تغريدة واحدة كانت كفيلة بفتح بوابة القدح والذم على مصراعيها، حتى يُخيّل إليك وكأنك أطلقت رصاصة في الهواء لتشعل من بعدها جبهة حرب لم تكف ساعات النهار الطويلة لإخمادها، بل استمرت حتى بعد منتصف الليل. 

لماذا تمّ إحضار "أبو محمد" الى المخفر؟ وهل قانون "حماية الحيوانات" يسمح بتوقيف "بائع صيصان" متجول ربما لم يصل الى مسامعه القرار الذي أصدرته وزارة الزراعة في العام 2015 والذي يقضي بمنع بيع الحيوانات الأليفة والطيور على الطرقات؟ 

بحسب بعض المعلومات فإن عناصر قوى الأمن الداخلي كانوا قد توجّهوا الى المنطقة، مكان البلاغ، لتوجيه إنذار لبائع الصيصان وإعلامه بالقرار الصادر، الا أنه ومن سوء الحظ، لم يكن يحمل أكثر من صفة "نازح" بلا هوية او إقامة تعرّفان عنه إذ تمكّن الفقر أيضاً من سلبه حقّه في إثبات نفسه، ما اضطر عناصر الأمن الى توقيفه ريثما يتمّ تسوية أوضاعه التزاماً بالقوانين. 

وفي اتصال لـ"لبنان 24" مع "ابو محمد" شرح لنا تفاصيل معاناته مع الضعف وقلّة الحيلة، فزوجته المصابة بالسرطان تحتاج الى دواء بكلفة باهظة والذي توقفت مكاتب منظمة الأمم المتحدة عن منحه، إضافة الى أن الرجل عاطل عن العمل وبالكاد يستطيع تأمين قوت يومه من خلال تجارة الصيصان، والتي يستحصل على نسبة من ثمن بيعها من احد الباعة اللبنانيين الذي أوكله ادارة احد أعماله على "بسطة الصيصان" وقد خرج أبو محمد بكفالة شاب من أهل الخير الذي تعهّد باستكمال أوراقه من اجل تجديد الإقامة. 

ماذا علّقت غنى نحفاوي على خبر توقيف "بائع الصيصان"؟ 

التزاماً من موقعنا بمبدأ الشفافية والموضوعية بنقل الخبر، أجرى "لبنان 24” اتصالاً مع الناشطة غنى نحفاوي للوقوف على ما اعتبره بعض رواد "تويتر" بالفضيحة الانسانية. نحفاوي التي شرحت تفاصيل ما حدث لفتت الى أنّ الصورة قد ارسلت اليها من قبل أحد الاصدقاء النشطاء في مجال رعاية الحيوان، عبّرت عن أسفها من القسوة التي وصل اليها البعض الكثير في مجتمعنا، مشيرة الى أن الإنسانية لا تتجزأ "فكيف تثور ثائرة الناس بسبب حرمان رجل كبير في السن من عمله كبائع صيصان ملونة؟ ولا يتألم هؤلاء لأجل طائر او حيوان عاجز عن التعبير عن جوعه او عطشه تحت اشعة الشمس طوال اليوم الى أن يساق كالعبد الى منزل احدى العائلات التي تُرفِّه اولادها بهدايا من هذا النوع من دون أن تعلّمهم معنى العطف على كائن ضعيف؟ فيتسلّى الطفل برميه من مكان عالٍ او بتقطيع جناحيه او بركله او خنقه وهذه حالات تحدث كثيراً لا سيما وان الطفل في عمر معين لا يمتلك حس الادراك الكافي ليعي حجم الأذى الذي يلحقه بأرواح لا تبكي لتقول "كفى"! 

وبصوت ممتزج بالدموع تابعت نحفاوي الحديث عن خيبتها من ردود الفعل التي تلقّتها في تعليقات المغردين على "تويتر"، مشيرة الى أنّ التجريح وصل إلى ذروته واجتاز جميع الخطوط الحمراء وأضافت: "اهدروا دمي من أجل رجل وصوص!! هالأد نحنا رخاص عند الناس؟" وعبّرت عن الحزن الذي أصابها حين علمت بتوقيف البائع، مشيرة الى أنها لو كانت تعلم بأن ذلك سيحصل، لذهبت بنفسها لتحذيره من مخاطر المادة الملونة التي تُصبغ بها الصيصان، ومدى تأثيرها على الإنسان اولا وعلى الصوص ثانياً، موضحة بأنها تواصلت مع القوى الامنية لمتابعة اوضاعه حتى تأكدت من اخلاء سبيله. 

من جهة اخرى، دعت نحفاوي كافة الجمعيات التي تعنى بحقوق الانسان، اضافة الى جميع النشطاء في الحقل المدني للتعاون من أجل مجتمع معافى انسانياً، لافتة الى أنه "مش ضروري تحبوا الحيوان بس ما تئذوه"، وأردفت بأنها تدرك جيدا عاطفة الشعب اللبناني وتضامنه مع أولئك الذين لم يجدوا لهم سنداً في الحياة، الأمر الذي يشعرها بفرح كبير لأن الانسانية هي أساس مجتمع سليم ينبذ الأحقاد ويعاقب على الجريمة ويحمي كل نفس ضعيفة سواء كانت لإنسان او حيوان او حتى نبات! وختمت حديثها باعتذار من "عمو ابو محمد ومن اي حدا انزعج مني، سامحتُ الجميع على ردود فعلهم، يمكن كان معن حق ولكن يعذروني ويحترموا عاطفتي ومش مطلوب اكتر من هيك" 

ليلتُها فقط عرفتُ غنى، تلك المرأة التي تحمل خلف مواقفها المتشنجة في الدفاع عن الحيوان قلباً ضعيفاً لا يحتمل وجع كائن حي، وانسانية مفرطة تجعلها في كثير من الأحيان محط سخرية من أولئك الذين لا يملكون في صدورهم مكاناً كافياً للرأفة والرحمة. ليلتها فقط عرفتُ كم عليّ أن اعتذر من غنى، فمن يعتذر معي؟ هل يعقل أن تقسو على انسان من تترفق بحيوان فتقطع عمداً رزق من قست عليه الحياة وأجبرته على استهلاك نفسه لساعات طويلة في الحَرّ كي يقتل نفساً بغير حق؟!  
 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى