العقوبات الجديدة... رسالة أميركية 'مشفّرة' إلى حلفاء 'حزب الله'

العقوبات الجديدة... رسالة أميركية 'مشفّرة' إلى حلفاء 'حزب الله'
العقوبات الجديدة... رسالة أميركية 'مشفّرة' إلى حلفاء 'حزب الله'

كان ينقص الحكومة لكي يكتمل النقل بالزعرور ما فرضته الخزينة الأميركية من عقوبات جديدة طاولت هذه المرّة أسماء قياديين كبارًا في "حزب الله"، مع عدم تفريق الإدارة الأميركية ما بين جناحيه السياسي والعسكري، إذ ألصقت صفة "الإرهاب" بكل مكوناته، من دون أن تأخذ في الإعتبار أن أثنين ممن فرضت عليهم هذه العقوبات، وهما النائبان في البرلمان اللبناني الحاج محمد رعد وأمين شرّي، منتخبان من قبل شريحة واسعة من الشعب اللبناني، وكذلك لم تأخذ في الإعتبار وضعية لبنان الداخلية والقائمة على التوازنات الدقيقة، التي قد يؤدي التلاعب بها إلى هزّ التركيبة اللبنانية، مع ما يعني أن لبنان مقبل في الفترة الزمنية القريبة على مزيد من الخضّات غير المحسوبة النتائج، خصوصًا أن ثمة فريقًا سياسيًا لا تتوافق توجهاته مع توجهات الحزب.

إلاّ أن ذلك لا يعني بالضرورة دخول الأطراف اللبنانية في مواجهة مفتوحة ومكشوفة، لأن الجميع من دون إستثاء يدركون مدى خطورة الوضع المستجدّ، خصوصًا بعد حادثة قبرشمون، التي وضعت البلاد من جديد في فوهة الإستهدافات الأمنية، مع إستشعار الجميع بالخطر المحدق بلبنان، الذي أستطاع على مدى سنوات تحييد نفسه عن صراعات المنطقة.

وتترافق هذه العقوبات، التي يحاول "حزب الله" التعامل معها بالسياسة بإعتبارها تكملة لحلقة الضغط التي تمارسها واشنطن على طهران، مع تأزم واضح على جبهة الحكومة نتيجة الخلافات الظرفية التي فرضتها عليها حادثة قبرشمون، مع تزايد الضغط الدولي وما يُفرض على لبنان من خطوات لازمة لكي يُفرج عن مشاريع "سيدر"، بعدما توصلت الحكومة إلى تخفيض العجز إلى ما دون السبعة في المئة في موازنة العام 2019، والتي سيقرّها مجلس النواب في هيئته العامة الأسبوع المقبل، بعدما وضعت لجنة المال والموازنة لمساتها الأخيرة عليها.

ولكن يبقى السؤال، الذي لم يجد أحد حتى الآن جوابًا عليه، وهو كيف ستتعامل الحكومة مع الإجراءات الأميركية الجديدة، وهي تعرف أن واشنطن لا تمزح في مثل هذه الحالات، خصوصًا أنها رمت بين يديها قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار في أي لحظة.

في معلومات تقديرية وغير رسمية عن كيفية تعاطي الحكومة مع هذه المستجدات، فإن رئيس الحكومة، وبحكم موقعه المسؤول وحرصه على السلم الأهلي والإستقرار السياسي والأمني والإقتصادي، سيحاول من خلال علاقاته الدبلوماسية، التواصل مع عواصم القرار، والتي يهمّها إستقرار لبنان وتقدّمه وإزدهاره، ليشرح لها حساسية التركيبة اللبنانية، خصوصًا أن "حزب الله" يمثّل شريحة واسعة من اللبنانيين وله تمثيل وازن، وهو ممثل في حكومة لبنان الجامعة مختلف التيارات السياسية والطائفية، وأن أي إخلال في هذه المعادلة قد يعرّض وحدة لبنان للخطر، وهذا ما لا تقبل به الدول الصديقة له، ومن بينها حتى الولايات المتحدة الأميركية، التي تحرص على هذه الوحدة وعلى إستقراره.

وفي إعتقاد البعض أن المساعي التي سيقوم بها رئيس حكومة كل لبنان ستلقى نجاحًا، على رغم صعوبة هذه المهمّة، خصوصًا إذا دخلت على الخط أطراف قد يكون من مصلحتها صبّ الزيت على نار الأزمة، مع العلم أن الإدارة الأميركية، التي قصدت من خلال هذه العقوبات، توجيه رسائل "مشّفرة" إلى جميع القوى السياسية التي تؤّمن غطاءً شرعيًا لنشاط "حزب الله"، على دراية بأن ثمة قوى لبنانية قد تتماهى معها، وإن كانت المجاهرة بهذه المواقف قد تزيد من تأزيم الوضع الداخلي، وهو أمر لا يجسر أي فريق لبناني السير به، على رغم عدم موافقته على السياسة التي يتبعها الحزب داخليًا وإقليميًا.


اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى