حركة الاعتراض بلغت ذروتها بين القيادات السنّية الغاضبة من هذا النهج، لا سيما لدى رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وتجلّى ذلك في البيان عالي السقف الذي أصدره سلام، واعتبر فيه أن "لبنان يشهد منذ ثلاثة أعوام مساراً انحدارياً مولّداً للأزمات، بات يستوجب من كل صاحب ضمير وطني حي وقفة جدية للتنبيه من تبعات هذا الواقع ومخاطره". وقال: "نعيش حالة من الفوضى السياسية المنظّمة والمدروسة، التي ترمي إلى ضرب الإطار الذي أنهى الحرب الأهلية ووضع قواعد جديدة للحكم في لبنان"، محذراً من أن "الدستور يتعرّض لسلسة من الاعتداءات بهدف فرض وقائع وأعراف جديدة واختراع مفاهيم تخل بجوهر النظام السياسي".
موقف سلام الذي سبقه كلام مشابه لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بدأ "يؤسس لمعارضة حقيقية لعهد الرئيس ميشال عون"، على حدّ تعبير المستشار السياسي لميقاتي، خلدون الشريف، الذي أكد لـ"الشرق الأوسط" أن "مواقف رؤساء الحكومات السابقين تدقّ ناقوس الخطر، حيال التمادي في هذه السياسة، التي تضرب صيغة لبنان"، لافتاً إلى أن "رؤساء الحكومات يمثلون مرآة شارع بكامله، وقد يتحوّل إلى معارضة حقيقية للعهد، ولو أن أحداً لا يرغب في خوض هذه التجربة إلا بالإكراه".
ونبّه الشريف إلى أن "هذه الممارسات تقلق شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين يشعرون بأن هناك تماهياً كبيراً بين مواقف رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي ما قد يؤثر على صورة الحَكَم، التي يجب أن تميز أداء الرئيس، وأظن أن الأمر قابل للتوضيح والتصحيح إذا صلحت النيات".
ولم يخفِ الشريف أن "القلق ينتاب الشارع السني، كما الشارع الشيعي والدرزي، وجزءاً كبيراً من المسيحيين، إزاء الضغوط التي يمارسها التيار الوطني الحرّ وتكتل لبنان القوي. ونبّه إلى "محاولات هذا الفريق تأجيج العصبيات، سواء بالتصريحات أو بالممارسات، ولعل المثال الأخير الصارخ كان عقد اجتماع وزاري في مقر رسمي، هو وزارة الخارجية، بدعوة من الوزير جبران باسيل، في الوقت نفسه الذي دعا فيه رئيس الحكومة سعد الحريري لجلسة لمجلس الوزراء، ما شكّل سابقة وتحدياً لرئاسة الحكومة، رغم محاولة التصحيح في اللحظات الأخيرة".
وقال الشريف إن "إصرار التيار الوطني الحرّ على المناصفة في كلّ الفئات الوظيفية يستحيل تحقيقه، في ظلّ التفاوت الديموغرافي الكبير".