الليرة أنقذت لبنان!

الليرة أنقذت لبنان!
الليرة أنقذت لبنان!
قبل التسوية السياسية لحادثة قبرشمون كان الوضع ينذر بأوخم العواقب، لما تركته من إنعكاسات خطيرة على الواقعين الإقتصادي والمالي، في ظل تعطيل عمل الحكومة، التي صرّفت الأعمال لمدة أربعين يومًا من دون أن تلوح في أفق الأزمة المفتوحة ما يوحي بالإنفراج حتى جاء البيان الأميركي، الذي كان بمثابة الإنذار الأخير قبل إضطرار الجانب الأميركي إلى إستخدام الورقة الحمراء بعدما أستنفدت الأوراق الصفراء، التي لم تؤتَ ثمارها.

وقبل هذا وذاك، كان تحرّك صامت وهادىء لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، الذي أطلع المسؤولين على خطورة الوضع المالي، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية، وذلك نظرًا إلى أن السياسة المتبعة حتى الآن لتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، وقد أثبتت هذه الساسة جدواها حتى تاريخه، لا يمكن الإستمرار بها إلى ما لا نهاية، خصوصًا أن حجم الضغوطات، الخارجية والداخلية، كبير جدًا، وهو ما يجعل المعالجة بالمسكنات غير ذي فائدة وجدوى على المدى الطويل.

وقد تكون الأسئلة التي طُرحت في هذا المقام قد ساهمت في تسريع الحل السياسي لعودة الحكومة إلى عملها الطبيعي، ومن بين هذه الأسئلة المقلقة أن المصرف المركزي قادر إلى حدود معينة على مواجهة الأزمات الكبرى، ولكن هذه القدرة بدأت تُستنزف ما لم تقم الحكومة بما عليها من إلتزامات تجاه دول "سيدر"، في ضوء المعلومات التي تتحدّث عن ضمور همّة هذه الدول، التي بدأ صدرها يضيق، الأمر الذي يجعل تمويل المشاريع الإستثمارية في مهب الريح، فتطير معها آمال اللبنانيين الذين ينتظرون هذه المشاريع لإعادة تحريك الدورة الإقتصادية والحدّ من البطالة، التي تطاول الشباب أكثر من غيرهم، بعدما بلغت نسبتها الـ 52 في صفوف المتخرجين من الجامعات والمعاهد، التي أصبحت تخرّج عاطلين عن العمل.

وقد يكون من بين الأسباب التي تساهم في الحفاظ على سعر صرف الليرة أن ديون الدولة الداخلية هي بالعملة الوطنية، الأمر الذي يدعو المودعين بالليرة مطمئنين إلى ثباتها وقوتها في مواجهة الأزمات المالية التي تهب من كل حدب وصوب، في ضوء كثرة الإشاعات التي تصب في خانة الحروب النفسية المؤثرة.

ما عرضه حاكم مصرف لبنان في الإجتماع المالي، الذي سبق المصالحة، جعل جميع المعنيين يتهيبون الواقع، وهذا ما حداهم إلى إتخاذ بعض الإجراءات الإنقاذية قبل فوات الآوان، وقبل "يوننة" الواقع المالي الداخلي. فما هو ممكن اليوم قد يصبح متعذرًا، بل مستحيلًا في الغد، خصوصًا إذا لم تواكب جهود المصرف المركزي وجمعية المصارف إصلاحات جذرية من قبل الحكومة، وإذا لم ينتظم العمل السياسي بما تفرضه التطورات من تحدّيات جمّة، وإذا لم تُتخذ تدابير تحدّ من "دلع" السياسيين ومن أخذ لبنان أسيرًا في شباك مصالح البعض، الذين يبدّونها على مصلحة الوطن، وهم يتناسون أنه إذا غرقت السفينة فسيغرق معها الجميع من دون إستثناء.

ما سمعه الرئيس سعد الحريري في واشنطن من كلام إيجابي عن سلامه له دلالات كثيرة، منها ما هو مالي، ومنها ما يتخطّى المرحلة الحالية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى