هكذا، وبينما تترنّح البلاد تحت ضغط الأزمة الاقتصاديّة، خَصّص الوزراء أكثر من ثلاث أرباع وقت الجلسة للنقاش في إمكانية محاكمة الصحافيين وتعديل قانون المطبوعات! ولـ"الحفاظ على ماء الوجه"، مَرّ هؤلاء مرور الكرام على الوضع الاقتصادي. خلال هذا الوقت المُستقطع، رَدّد بعضهم، وبينهم الحريري ووزير المال علي حسن خليل، أنّ "علينا أن لا نجلد أنفسنا، فنحن لم نفشل بعد".
يهوّن هؤلاء على أنفسهم أنّ قطار الوقت لم يَفتهم بعد. وأكثر من ذلك، ينوّهون أمام بعضهم بعضاً بعملهم في اجتماعات لجنة الإصلاحات الوزاريّة، على قاعدة "نِيّال اللي بيبوس إيد حالو".
في المقلب الآخر، كان وزير الاتصالات محمّد شقير في "كوكب ثالث". هو ليس مع السلطة في اهتماماتها الآنيّة بقمع الحريّات ولا مع الشعب في الحفاظ على لقمة عيشه، بل وجد فرصة للكلام بين المجتمعين ليردّ على لجنة الاتصالات النيابيّة التي لا يحضر اجتماعاتها وتهاجم فريقه السياسي، مُطالباً مجلس الوزراء بـ"مَد يَد العون" لإيقاف اجتماعات اللجنة، التي وصفها بـ"المسرحيّة".
وأشار شقير إلى أنّ "عمر هذه اللجنة 3 أشهر، وصارت تستدعي العاملين في شركتي "إم تي سي" و"ألفا" لتوجّه اليهم الإهانات و"تُبَهدلهم" وتدخل معهم في تفاصيل، كموضوع التردّدات، وهو أساساً لا يدخل ضمن صلاحيتها، وذلك بدلاً من تحسين أوضاع المؤسسات"، متسائلاً: "هل انّ هاتين المؤسستين تجنيان المال الذي تجنيه المؤسسات في البلدان الأخرى، والذي لا يعد بالمليارات، كـ"أوراسكوم للاتصلات" مثلاً؟".
وهذا ما استدعى من رئيس الجمهوريّة ميشال عون رداً أكّد فيه أنّ "هذا الموضوع ليس من صلاحيّات مجلس الوزراء، خصوصاً أنّ لدى مجلس النوّاب حصانة ونحن لا نستطيع الضغط عليه".
سريعاً، كانت لوزير المال علي حسن خليل إجابة، قال: "أخذونا على موضوع تاني، فلنعد إلى الحديث عن وجود حملة ضد الدولة".
عون: أنا نادم
في المحصّلة، كان ظاهراً الاختلاف في وجهات النظر في النقاشات بين فريق سياسي يريد مُقاضاة الإعلام وكلّ من يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، وبين فريق آخر يرفض الذهاب إلى سياسة كَمّ الأفواه وقمع الحريّات. فيما لخّصت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإداريّة مي شدياق الوضع، بمقولة للأخوين الرحباني في إحدى مسرحيّاتهم: "ما في حْبوس تساع كلّ الناس".
وكان عون على رأس الفريق الأوّل، فهو من طرح الموضوع على النقاش في كلمته الافتتاحيّة. إسترجع "فخامته" كلامه في منفاه الباريسي، ليعبّر اليوم عن ندمه من "الكلام الجارح الذي كان يقوله آنذاك".
بالنسبة الى عون، فإنّ حق التظاهر السلمي مسموح، ولكن الإهانات والشتائم ممنوعة، مُبدياً استياءَه من الشتائم المشينة التي وجّهت اليه والى السلطة عموماً، ومشدّداً على أنّه "لا يمكن السكوت عن مروّجي الشائعات، فأنا يهمّني الاستقرار الأمني كما النقدي والاقتصادي". وأضاف: "لا لضرب الليرة، ولو أنّ هناك بعض الأشياء المقتنعين فيها ويجب أن لا نقولها علناً لكي لا نضرب معنويات اللبنانيين".
ما يريده عون هو أن يُميّز القضاء بين القضايا التي يجب إحالتها إلى القضاء الجزائي، وبين ما يُحال إلى محكمة المطبوعات، داعياً إلى تقديم مشروع قانون يُطاول الذين يشتمون السلطة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومشروع قانون ينظّم الإعلام المرئي والمسموع.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا