كلمة لغير اوآنها... لماذا أفعال التسويف؟

كلمة لغير اوآنها... لماذا أفعال التسويف؟
كلمة لغير اوآنها... لماذا أفعال التسويف؟

تسمرّت أمام الشاشة الصغيرة تمامًا كما فعل الصغير قبل الكبير لسماع كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

 

إستمعت إليها بإصغاء كلي، بعيدًا عن كل التأثيرات الخارجية والخلفيات المسبقة والهفوات التقنية في التسجيل والتأخير من الثانية عشرة إلى الواحدة والنصف مما زاد شوقنا وفضولنا لمعرفة ما ستتضمنه كلمة الرئيس، وكنا نتوقع الكثير والإستثنائي، لأننا نعيش في وضع إستثنائي وغير مسبوق، ولأن الوطن يعيش على كف عفريت ويقف على برميل من البارود لا يعرف أحد متى يكون الإنفجار الكبير، وهذا ما لا نتمناه، بعدما شهدنا ما شهدنا في الأوطان القريبة منا، والتي بدأت فيها الشرارة يوم خرجت الجماهير تطالب بإسقاط النظام.

 

لم أكتفِ بالإستماع، بل ذهبت إلى النص. قرأته مرة ومرتين قبل أن اسمح لنفسي بتسجيل ما بدا لي صوابًا ملاحظات، منها ما يصب في خانة من يرى نصف الكأس ملآنًا، ومنها نظرت إليها بعيون المتظاهرين، الذين ربما لا يريدون سوى رؤية نصف الكأس الفارغ.

 

ففي النصف الملآن ما قرأته إقرار فخامته بأن"المشهد الذي نراه، يؤكد أن الشعب اللبناني هو شعب حي، قادر على الانتفاض، والتغيير، وايصال صوته. ويؤكد ايضا ان الحريات في لبنان ما زالت بألف خير".

 

ومن بين المواقف التي تملأ نصف الكأس، وإن كانت في غير آوانها، الإعتراف بأن "الفساد نخرنا حتى العظم، وقد تركنا من اوصل البلد الى الهاوية بدون محاسبة".

 

وكاد الرئيس عون يلامس، في كلمته، الخط الرفيع الذي يفصل بين بقاء المتظاهرين في الشوارع وبين إنسحابهم منها عندما تحدّث عن "ضرورة اعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي كي تتمكن السلطة التنفيذية من متابعة مسؤولياتها، وطبعا من خلال الاصول الدستورية المعمول بها"، لكنه لم يفعل ما كان يجب أن يفعله، ويقول بما معناه "لقد قررنا إجراء تعديل وزاري على الشكل التالي وأخترنا عددا من الوزراء الذين تثقون بها ويمثلون طموحاتكم ويحققون آمالكم". فلو فعل لكانت الطرقات المقطوعة قد فتحت اليوم، ولكان المواطنون ذهبوا إلى أعمالهم ولكانت زحمة السير قد عادت إلى سابق عهدها.

 

أما الذين لا يرون سوى النصف الفارغ فوجدوا هذه المرّة في الكلمة الكثير من أفعال الماضي والـ"يجب" والـ"سوف"، وهي مصطلحات لا تخرج المتظاهرين من الشوارع ولا تروي غليلهم، وهم الذين كانوا ينتظرون من رئيسهم (القوي) أن يضمّن كلمته الكثير من أفعال الجزم والأمر، وهي ترجمة لأفعال الحزم.

 

صحيح أن "الحوار هو دائما الطريق الاسلم للإنقاذ"، ولكن للحوار أوقاته، وهو بالتأكيد لا يصلح في هذه الحالة، التي يرفض فيها الشعب ليس الحوار فحسب، بل يرفض الإستماع إلى الرأي الآخر، الذي لا يتوافق مع نظرته للحلول المرتقبة، وقد حدّد المتظاهرون سقفها مسبقًا، وهو أن لا حوار قبل إسقاط الحكومة وقبل محاسبة الجميع تحت شعار "كلن يعني كلن".

 

فهل يمكن أن تسقط الحكومة من تلقاء نفسها بمجرد إعلان رئيسها هذه الإستقالة، أم أن الأمور سائرة نحو مزيد من التأزيم، على رغم الحديث الجدّي عن "إعادة النظر بالوضع الحكومي"، الذي يعني بالنسبة إلى أهل الحكم تعيين بدلاء عن وزراء "القوات اللبنانية"، وهذا ما لا يرضي الشارع، الذي يريد تغييرًا جذريًا والذهاب إلى حكومة جديدة خارج القيد الحزبي، وهو أمر يؤيده معظم الذين لا يريدون أن تصل أمور البلد إلى ما لا تُحمد عقباه.

 

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى