اللبناني والشارع والفرح!!

اللبناني والشارع والفرح!!
اللبناني والشارع والفرح!!

كتبت ليندا فايز التنوري: لا غرابة أن يتذمر اللبنانيون. التذمر جزء ثابت من مزاجهم.الطقس يعاندهم. تطل الشمس سريعا ثم تخلي مكانها للغيوم .منذ أيام صار للشوارع طعم آخر. الناس تواصل إحتجاجها دون خوف من تراجع جاذبية الحراك. خطابات الرؤساء أظهرت صعوبة إقناع اللبنانيين. لسنوات عشقنا الجدالات ورفضنا التغيير. أصابتنا الطائفية وجعلت بلدنا موعد لقاء بين الإخفاقات الإقتصادية والسياسية. إلتقت الخيبات الطائفية والحزبية، فبدا لبنان ثابتا في آلامه لا يتزحزح.

منذ 8 أيام، يرقص اللبنانيون وجعا،يبكون ويضحكون لا حزنا ولا فرحا.. الثورة عروس أحاديثهم. الغالبية منهم يبثون في كلامهم قدرا غير قليل من القلق.قلق حقيقي ناجم عن ولادة شيء عملاق يصعب التكهن بمستقبله. حراك يتقدم كل يوم وكل ساعة. يصور أن العهد ليس في أفضل أحواله ويسلط سيوف الآراء على أعناق أهل السلطة وصورهم. خطاب عام غير مسبوق في الجمهورية. يطرح كثيرا من الأسئلة حول العقد الإجتماعي الجديد أي شكل العلاقة بين المواطن والسلطة، وحول إحتمال المواجهة وإنقسام الشارع وحول أذرع الأخطبوط الذي لن تكون المواجهة معه سهلة وحول الرؤية البديلة عن سقوط النظام الحالي والمعطيات التي نملك لنذهب إلى الجمهورية الجديدة.

السياسيون يتابعون بقلق كيف يزيحهم الشعب من موقع القرار، وكيف يحث الخطى لإستعادة موقعه في تكوين السلطة وفي حرمانهم وأزلامهم من الطائفية، مفتاح قوتهم وهيبتهم.
يملك الشعب اللبناني فائضا مذهلا من القوة لا بد أن تضيق به صدور الساسة. السياسيون قلقون أيضا. يقلقهم شعورهم بغياب آليات قادرة على إحتواء صعود قوة من هذا النوع. الأوراق والضمانات واللعب على الوقت والجيش_الشرطي_هي الخيارات الوحيدة الوحيدة المتاحة حاليا للحفاظ على قدر من التوازن في مواجهة الحراك الثائر.

أغرق قليلا في تاريخ لبنان الرهيب. في الميليشيات الجوالة بين ساحات المواجهات. في حروب الماضي وكراهيات التاريخ. في البطالة والفقر وملايين المقيمين في وجع الكرامة.
هل كان لبنان يعاني ما يعانيه لو كان القلقون يحلمون بتحويله دولة مؤسسات من دون الرهان على ورقة الطائفة والحزب والدم؟
هل كان لبنان يعاني ما يعانيه لو ضبط الساسة أحلامهم ولم ينخرطوا في مشاريع لتغيير ملامح لبنان وإفقار شعبه وتجويعه؟
لسنوات كان الفرح في شوارعنا زائرا مزاجيا صعبا، يلوح أحيانا بالمجيء ولا يجيء.
حلم الفرح ليس سهلا.. حلم الدولة المدنية ليس سهلا ومثله حلم الديمقراطية والمواطنة وإحترام التعدد وحق الإختلاف.. إقامة الفرح عندنا لن تصير بغير إصرار الشعب القوي الحر على حلم الدولة المدنية وبغير إنحياز المؤسسة العسكرية للقبول بالأمر الواقع الجديد. وإلا ولو أعطيت للميليشيات فرصة الإنقضاض على الحالمين بالتغيير سنغرق في مواجهة بين شارعين وفي حرب مديدة. 

أيها الأمل بارك شوارعنا.. واجعلها معبدة بالحلم والإرادة والإصرار.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى