الحريري مفاوضاً: تعجيز 'حزب الله' لإخراجه؟

الحريري مفاوضاً: تعجيز 'حزب الله' لإخراجه؟
الحريري مفاوضاً: تعجيز 'حزب الله' لإخراجه؟

كتبت غادة حلاوي في "نداء الوطن": لا جديد جدياً على مستوى المشاورات الحكومية سوى بعض المعلومات المسرّبة التي بدت وكأنها لتقطيع الوقت، فيما الأزمة مكانك راوح، اللهم إلا إذا صحّت المعلومات هذه المرة عن استشارات مرتقبة قد يدعو إليها رئيس الجمهورية بداية الأسبوع. مصدر القلق أن "حزب الله" وحلفاءه لم يلمسوا بعد مؤشرات جدية من الرئيس سعد الحريري تجاه المرشح سمير الخطيب.

 

يوم سمي ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي كان الطرح جدياً للغاية. عرض "حزب الله" شروطه فقبل الحريري بها، في المقابل طرح الحريري ما عنده وتم الاتفاق على تسمية الصفدي وقال الحريري: أسمّيه وأعطيه الثقة وأخرج برفقته من منزلي تأكيداً على الترشيح. مقارنة مع الصفدي، لم يخطُ المرشح الخطيب كامل خطواته بعد. التقى الحريري ولم يصدر بيان حول اللقاء يوحي بأن الحريري منح الخطيب ثقته. كل ما حصل أن رئيس مجلس النواب نبيه بري التقى الخطيب وطلب منه زيارة الحريري لنيل موافقته، وحين زار الحريري طلب منه نيل موافقة بري على هذه وتلك من الشروط.

 

هي المراوحة نفسها بين الشروط والشروط المقابلة مع فارق في الأسماء، من دون أن يعلن أي فريق الاتفاق ليطلق صفارة الانتقال نحو مرحلة الاستشارات النيابية الملزمة. وعلى عكس تفاؤل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والوزير جبران باسيل، لا تزال تراود "حزب الله" الشكوك حول إمكانية ان تبلغ المشاورات مسارها المفترض طالما أنها لم تتجاوز لعبة الشروط بين بري والحريري بعد. علماً أن الخليلين سبق والتقيا الخطيب وتشاورا معه، وكان مطلبه أن يحصل التوافق حول تسميته والتعاون في مجال الحكومة خصوصاً في ظل الأزمة الحالية.

 

ما تلمسه القوى المفاوضة مع الحريري أن شروطه تتغير بين الحين والآخر، وأنه يلجأ في كل مرة إلى طرح شروط إضافية، بدليل أن هذه القوى توصّلت إلى تفاهم أولي حول حكومة فيها الحد الأدنى من التمثيل السياسي والحزبي وحقائب هامشية للوزراء السياسيين على أن يتولى وزراء تكنوقراط الحقائب الأساسية. رفض الحريري، فرشّح الوزير السابق بهيج طبارة، لكن الحريري اشترط للموافقة تشكيل حكومة تكنوقراط وانتخابات نيابية مبكرة وصلاحيات استثنائية وحقيبة المالية. كان الجواب أنه من المستحيل أن تأخذ ما رفضنا إعطاءه للآخرين.

 

وبينما كانت المعلومات تتواتر عن أن الحريري تراجع عن هذه الشروط خلال المفاوضات مع الخطيب، إذا به يقول العكس في الاعلام ويفاجئ الفريق الآخر، ومن آخر شروطه الحصول على حقيبة المالية والعودة إلى صيغة التكنوقراط في الحكومة، وهذا ما كان قد تجاوزه في المفاوضات الأخيرة مع "حزب الله" بحسب ما تؤكد مصادر 8 آذار: "انتقلنا الى نقاش شكل الحكومة التكنو - سياسية"، مشيرة إلى أن الأمر نفسه حصل بعد ترشيح الصفدي: "تنازل عن الصلاحيات الاستثنائية مع الصفدي، ورحنا الى التفاوض على تفاصيل الحكومة، فإذا بالصفدي يسقط في الشارع". وعلى هذا الغرار "يعلن الحريري بيان اعتذار عن التكليف ويقول: ليس أنا بل شخص آخر، وعندما يتم ترشيح الخطيب، ينصحه الحريري بالتفاوض مع رئيس الجمهورية وبري فيما يصرّح نائب تيار المستقبل سمير الجسر أن مرشحنا هو سعد الحريري"!

 

كل هذا التفاوض بين "حزب الله" وبري مع الحريري انما يجري بشكل غير مباشر ومن خلال الخطيب في الوقت الراهن في ظلّ استمرار قطع العلاقات المباشرة بينهم. فمؤشرات عدة لا تقدم انطباعاً لدى "حزب الله" وحلفائه بأن الأمور تسير بشكل جدي بخصوص ترشيح الخطيب، والمفارقة أن البيان الذي أعقب زيارة الخطيب الى الحريري صدر عن الخطيب وليس عن الحريري ما يعني أن المباركة بشكلها الرسمي لم تحصل بعد.

 

وعن صحة ما تناقلته مصادر الحريري من أنه وافق على تكنو - سياسية شرط المجيء بوزراء غير محازبين من أمثال الوزير جميل جبق، سألت مصادر مطلعة على موقف "حزب الله" هل يجب أن يسمي الحريري وزراء الآخرين؟ لتقول إن "المتفق عليه أن تكون أسماء الوزراء السياسيين حسب التشكيلة وطالما أنها حكومة تكنو - سياسية فالوزراء وعددهم لا يتجاوز ستة أو سبعة وزراء من السياسيين حكماً، ثم كيف نتحدث معه عن وزراء سياسيين فيقول تكنوقراط، ثم كيف يطالب الحريري بحكومة تكنوقراط وهو ليس تكنوقراطاً؟".

 

من الواضح، في ظل هذا السجال غير المعلن، أن الأوضاع لم تنفرج حكومياً بعد، وكلما سلكت عقدة ما طريقها الى الحل ولدت عقدة ثانية مختلفة. لدى بعض قوى 8 آذار انطباع أن الحريري إنما يقدم تسميات لتمرير المرحلة لأنه يريد العودة الى رئاسة الحكومة ضمن قرار أميركي بتشكيل حكومة من دون سياسيين، أو بشكل أدق لتشكيل حكومة من دون "حزب الله"، لكن الأخير يعتبر أن تمثيله الشعبي يخوله التمثل في الحكومة. هي حالة "حرب سلمية" عنوانها ما لم يأخذوه بالحرب لن ينالوه بالسلم والمقصود من كل ما يجري الانقلاب على اتفاق الدوحة حيث حصل زواج استراتيجي بينهم وبين "حزب الله".

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى