جرّة الحريري – باسيل إنكسرت...ولا عودة إلى الوراء!

جرّة الحريري – باسيل إنكسرت...ولا عودة إلى الوراء!
جرّة الحريري – باسيل إنكسرت...ولا عودة إلى الوراء!
في قراءة سياسية لتجاوب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع تمني رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بتأجيل الإستشارات النيابية الملزمة من يوم أمس إلى الخميس المقبل يعني الكثير من الأمور غير المشتركة بين الرجلين، وما فيها من هواجس ومخاوف، أقله بالنسبة إلى تأمين الأجواء المؤاتية لعملية تأليف الحكومة في مرحلة لاحقة تلي عملية التكليف مع ما يمكن أن تفضي إليه إتصالات الحريري التي ستتواصل في سباق مع الوقت لتوفير تسمية وازنة له، وبالأخص من الجانب المسيحي ذات الثقل، وفي إنتظار ما سيحمله معه مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل من أجواء عن نظرة الولايات المتحدة الأميركية إلى الوضع اللبناني وكيفية تعاطيها مع الملفات الساخنة.

فما هي النقاط التي لا يلتقى عليها الرجلان (الرئيس عون والرئيس الحريري)، على رغم تجاوب رئيس الجمهورية مع تمني رئيس حكومة تصريف الأعمال بتأجيل الإستشارات فقط ثلاثة أيام بدلًا من سبعة أيام كما كان يتمنى الحريري.

 

إن الموقف الذي أتخذته "القوات اللبنانية" بعدم تسميتها أحدًا في الإستشارات، أي أنها لن تسمّي الحريري بالذات قد أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، حيث وجد الحريري نفسه من دون غطاء سياسي مسيحي وازن، وأن من سيسميه من النواب المسيحيين، سواء في "التكتل الوطني" (فرنجيه) أو من خلال بعض النواب في كتلة "المستقبل" أو في كتلة "اللقاء الديمقراطي" أو في كتلة "التنمية والتحرير"، أو "الكتلة الوسطية" لن يعطيه الغطاء المسيحي الكافي والوازن المتمثل بتكتل "لبنان القوي" وتكتل "الجمهورية القوية" وكتلة حزب الكتائب.

 

وعليه، فإن الإتصالات التي سيجريها الحريري مع "القوات اللبنانية" ستركز على ما يجمع "بيت الوسط" بمعراب، إنطلاقًا من مقولة "الصديق وقت الضيق"، لعل وعسى التوصل إلى ما يقنع "القوات" بتعديل موقفها المبدئي، على أن تبحث أمور ما بعد التكليف في شكل واضح وشفاف.

إلاّ أن عملية إقناع "القوات" ليست سهلة كما يتصورّها البعض، الذي لم يقرأ جيدًا في موقف معراب بعض المؤشرات الإقليمية والدولية، وكذلك فإن التصادم مع "التيار الوطني الحر" هو أمر حتمي، مع ما في مرحلة ما بعد التكليف من تناقض في المواقف لناحية شكل الحكومة، بحيث أن الحريري في هذا الأمر يبدو أقرب من "القوات" منه إلى "التيار الوطني"، لأنه و"القوات" يلتقيان على مطلب واحد في ما خصّ حكومة التكنوقراط، وإن كان رئيسها سياسيًا بإمتياز، وهذه هي نقطة الخلاف بين الطرفين، لكن حلّها يبقى أهون من الحل الممكن والمستحيل في آن مع "التيار الوطني"، إلاّ إذا قرر السير بغير قناعاته وسار بحكومة تكنوسياسية كما يطالب بها رئيس الجمهورية والتيار العوني.

 

وفي هذه الحال يكون الإفتراق مع "القوات" حتمًا، إذ من المستحيل أن يضمن موافقة الطرفين المسيحيين الأقوى تمثيلًا في آن واحد، ووضعهما في سلّة واحدة.

وأمام هذه المعضلة التي تستوجب على الرئيس الحريري إتخاذ خياره لناحية شكل الحكومة تتوقف عملية التكليف، سواء بغطاء من "القوات"، أو بغطاء من "التيار الوطني"، وفي كلا الحالتين يبقى القرار رهنًا بمدى التجاوب معه سواء من قبل معراب أو من قبل "ميرنا الشالوحي"، مع ترجيح الخيار الثاني، وإن لم يكن يرضي الشارع المنتفض، وهنا يأتي دور رئيس الجمهورية في التوفيق بين رؤيتي العهد من جهة ورؤية الوزير جبران باسيل من جهة أخرى، على رغم تناغم الموقفين.

أما إذا لم يوفّق الحريري في مهمة الـ 72 ساعة، ولم يلمس تجاوبًا ميثاقيًا

من كلا الطرفين فأنه سيتجه إلى إبلاغ من يعنيهم الأمر بأن يفتشوا عن غيره، لأنه من غير الوارد أن يقبل بأن تتم تسميته من دون غطاء مسيحي وازن، والذي ستنعكس سلبياته على عملية التأليف.

إلاّ أن الأجواء التي عكستها بيانات "بيت الوسط" وقصر بعبدا و"ميرنا شالوحي" تشي بأن الجرّة بين العهد والحريري قد أنكسرت، وأن العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة، وبالتالي فإن حظوظ رئيس تيار "المستقبل" تراجعت بعدما أحترقت ورقة التسوية الرئاسية، وأصبحت أثرًا بعد عين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى