بعد 34 سنة: 'مجزرة' برج حمود تتكشف.. هذه قصة أكبر عملية سطو في تاريخ لبنان

كتبت "العربية": بعد 34 سنة من بحث دولي في كل مكان، تم العثور على 3 إخوة لبنانيين من أصل أرمني، وهم أقاموا ويقيمون في فيينا، وبهويات مزيفة، تغطية لما ارتكبوه في ماض بعيد، وهي جريمة قضى فيها بالرصاص 5 أشخاص، وسماها اللبنانيون "مجزرة برج حمود" حين حدثت بعد ظهر 28 آذار 1985 . وبعد القتل بدم بارد قام الأشقاء الثلاثة بأكبر عملية سطو في تاريخ لبنان: سرقوا مجوهرات قيمتها 20 مليون ليرة، تعادل مليوني دولار ذلك الوقت، أو 10 ملايين بقوتها الشرائية حالياً على الأقل.

 

بعد أسبوعين اعتقلت الشرطة اثنين من القتلة السارقين: بانوس نهابيديان، البالغ 27 سنة وقت الجريمة، إضافة لمن عثروا في بيته على قسم كبير من المجوهرات، وهو "رافي" الأصغر سنا من أخيه بعامين، وعثر الإنتربول في مطار مدينة لارنكا بقبرص على الثالث، واسمه هراتش، وكان ينتظر الطائرة لمغادرة الجزيرة إلى بلد أوروبي، فقبض عليه وسلمه للأمن العام اللبناني بعد 4 أيام من اعتقال شقيقيه في حي زقاق البلاط ببيروت.

 

ومن مطار بيروت اقتادوا الثالث وزجوه مع شقيقيه وراء قضبان "سجن رومية" البعيد 9 كيلومترات عن بيروت، إلا أن "استضافتهم" فيه كانت قصيرة العمر، لأنهم تمكنوا بعد 3 أعوام من الفرار وسط فوضى الحرب الأهلية، فتدلى كل منهم من نافذة السجن بحبل صنعوه لهم من الشراشف وما تيسّر، ولاذوا بالاختفاء ولم يعد يظهر لأي منهم أي أثر، كأن الأرض ابتلعتهم، ثم تذكرهم القضاء اللبناني بعد نهاية الحرب الأهلية، وأصدر في أواخر 1994 حكما غيابيا شنقا، علما أن أحدهم كان مجندا بالجيش وقت الجريمة، ومن المفترض إعدامه بالرصاص.

 

القتلى وما نهبه القتلة من مجوهرات

من ملف التحقيق الذي شمل اعترافهم بكل ما حدث، اتضح أن "هراتش" البالغ 20 سنة، هو الذي أطلق الرصاص على الضحايا كلهم، في وقت انشغل شقيقاه بسرقة المجوهرات وغيرها، وكانت 3244 دولاراً، إضافة إلى 3172 قيراطا من الذهب المتنوع العيارات، مع قطع وزنها 495 غراماً من الماس، تعادل 2400 قيراط، إلى جانب أحجار كريمة مختلفة الأحجام والأنواع، قيمتها وحدها كانت 700 ألف دولار.

 

أما ضحايا المجزرة فهم: هاني زمار، الأب بعمر 28 لثلاثة أطفال، أعمارهم 1 و4 و5 سنوات، كما وخاتون تيكيان، البالغة 27 سنة، إضافة إلى أفيديك بويادجيان، الأب بعمر 60 لأربعة أبناء، إلى جانب ماريا حنا ميخائيل، وكان عمرها 32 عاما، ثم أشهر الضحايا، وهو "هرانت كوركدجيان" البالغ 60 سنة، والمعروف بلقب "لولو" دلعا، وكان مالك أكبر قسم من شركة Middle East Diamond Company لصقل المجوهرات، حيث حدثت الجريمة الخماسية في مقرها بضاحية برج حمود، المعروف أن معظم سكانها لبنانيون من أصل أرمني، أما القتلى فكانوا موظفين بالشركة، ويملكون قسما صغيرا منها.

 

 

الجديد الذي طرأ

الجديد الذي طرأ في ملف هذه المقتلة الدموية، وجدته صحيفة El Mundo الإسبانية، ونشرت عنه الأحد تحقيقا في ملحقها المعروف باسم Crónica المخصص لتحقيقات مكثفة تجريها، مضافا إليه معلومات منها، وهي Publico الإسبانية أيضا، وفيه ذكرت أن بعض الأخوة نهابيديان "على قيد الحياة الممتعة، ويقيمون أتقياء ومحترمين في فيينا، ولكن بهويات مزيفة" وفق تعبيرها عمن نجد عنهم ما قد يفيد في الفيديو المعروض أدناه.

 

من أفراد عائلة أحد الأخوة، علمت الصحيفة أنه توفي في 12 كانون الأول 2012 باسم Haroutioun Dayan Nahabedian ودفنوه في قبر رقمه 1050 في مقبرة Margaretenstrasse بفيينا. أما حقيقة، فان الراقد تحت التراب هناك، ليس إلا رافي نهابيديان الذي تبين بأنه دخل إلى النمسا بعد فراره وإخوته من السجن بأشهر قليلة، وفي 1992 حصل على جنسيتها، كما افتتح محلا في 2006 باسمه المزيف "مجوهرات هاروتيون ديان" بفيينا. أما جواز سفره، ففيه أنه ولد في نيسان 1950 بينما المحفور 1962 على شاهد قبره، وهو تاريخ ميلاده الحقيقي.

 

 

ومنحتهم النمسا جنسيتها بأسمائهم المزيفة

شقيقه بانوس، تبين أيضا أنه دخل في 1988 إلى النمسا، بجواز سفر قريبة له اسمها أسدغيك مازبانيان، من دون معرفة السلطات أن Asdghik مؤنث، وفي 2005 طلب من السلطات النمساوية تغيير اسمه الآول إلى روبرت، متذرعا أن أسدغيك صعب اللفظ على النمساويين ويسبب له بعض العراقيل، وبهذا الاسم يقيم بانوس حاليا في فيينا، المالك فيها لمحل مجوهرات فاخرة، عنوانه الرقم 4 من شارع Führichgasse بالمدينة، في حين علمت "إل موندو" أن ثالث الأشقاء، وهو "هراتش" المطلق النار بمسدسه على الضحايا الخمسة في بيروت، لا زال حيا، إلا أنها لم تورد معلومات عنه في النمسا، ثم انتهى التحقيق بما هو غريب.

 

الغريب أن القضاء النمساوي، كان على علم بالكثير مما ذكرته الصحيفة في تحقيقها، وفقا لما تكشفه الآن، خصوصا المجزرة التي ارتكبها الأخوة الثلاثة في برج حمود. أما عن القضاء النمساوي، فقالت الصحيفة إنه "كان يعرف الأسماء الحقيقية للأخوة، مع ذلك سمح لهم بالبقاء والعيش في النمسا بأسماء مزيفة، وبأسماء مزيفة حصلوا على الجنسية النمساوية وجوازات سفر نمساوية أيضا" علما أن الإنتربول الدولي كان يجهد بحثا عنهم في كل مكان، ولا بد أن القضاء النمساوي تسلم مذكرات من الإنتربول بشأنهم، إلا أنه تجاهلها على ما يبدو.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى