حسنًا فعلت السلطة بجدارها العازل!

حسنًا فعلت السلطة بجدارها العازل!
حسنًا فعلت السلطة بجدارها العازل!

للوهلة الأولى قد يظنّ المرء أنّ الصورة التي تُظهر وجود جدار عازل في وسط بيروت، هي صورة مركّبة، قصد أصحابها من خلالها التعبير عن الهوة الكبيرة التي باتت تفصل بين الشعب والطبقة السياسية. والمفارقة أنّ الجدار الفاصل في بيروت والذي يشبه جدار الفصل العنصري في فلسطين المحتلة هو حقيقي، أقامته السلطة حول مبنى ممثلي الشعب بوجه الشعب، في شوارع هي في الأساس مقفلة منذ سنوات، بالحواجز الحديدية التي حولت وسط بيروت إلى مدينة أشباح. 

وهكذا بات المشهد في قلب بيروت على قساوته، أصدق تعبيرًا عن حال اللبنانيين المنتفضين بوجه السلطة منذ أكثر من شهرين. بالمقابل تعمد هذه السلطة بغالبية فروعها إلى إسكات شعبها وترهيبه، فتوكل المهمة إلى الجهة الأكفأ والأقدر على ذلك، لتمارس عناصرها ضغوطاً ليليّة بحق المتظاهرين سلمًّيا، على أعين القوى الأمنية وكاميرات التلفزة، غير آبهين بمحاسبة يعرفون أنّها لن تحصل في دولة "القانون والمؤسسات". وللمفارقة أنّ هذه السلطة نفسها كالت الإتهامات بحق متظاهرين حاولوا إقامة جدار عند نهر الكلب قبل أسابيع لقطع الطريق، ما لبثوا أن تراجعوا عن خطأهم وحطّموا الجدار.  

وفيما تستمر فصول ترهيب المعتصمين عبر حرق خيمهم ومهاجمتهم، ينصرف القيّمون على البلد لتكثيف جهودهم وتخصيص أوقاتهم ليس لتشكيل خلية أزمة تنقذ لبنان من الإنهيار الكبير، بل لتكريس أنانيتهم ومصالحهم في صيغ حكومية تضمن لهم حصصهم وصفقاتهم، ولو على أنقاض بلد يقترب من شبح الإفلاس والمجاعة يومًا بعد يوم، فتراهم يناورون ويسجّلون الأهداف في مرمى بعضهم البعض تمامًا كما كانوا يفعلون قبل الأزمة، ضاربين بنصوص الدستور عرض الحائط، وهم الذين اقسموا اليمين دفاعًا عن الدستور، فلا يخجلون من سعيهم  للحفاظ على ما تبقى من هيبة البعض، مفضلين إنقاذهم على إنقاذ البلد.

إقامة الحواجز الإسمنتية بذريعة الفصل بين المعتصمين والمعتدين، ومواجهات وسط بيروت، والتذرع بفتن مذهبية، وتزامن إقامة الجدار مع خبر التدابير الإمنية الإستثنائية، مؤشرات لا توحي بأنّ القادم من الأيام سوف يحمل فرجًا. 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى