ليس المهم تأليف الحكومة.. بل ماذا ستفعل؟

ليس المهم تأليف الحكومة.. بل ماذا ستفعل؟
ليس المهم تأليف الحكومة.. بل ماذا ستفعل؟

الحكومة ستتألف عاجلًا أم آجلًا، على رغم التباينات في وجهات النظر بين الرئيس المكّلف حسّان دياب وبين "التيار الوطني الحر" من جهة وبينه وبين "حزب الله" وحركة "امل" من جهة ثانية، إذ يرفض المعني الأول بالتأليف عودة أي من الوزراء في الحكومة السابقة، فيما يصرّ الوزير جبران باسيل على إعادة توزير كل من الوزيرة ندى البستاني ومنصور بطيش، مقابل إصرار "امل" على توزير حسن اللقيس وكذلك يتمسك "حزب الله" بتوزير جميل جبق، في حال عدم تراجع باسيل عن فكرته، وهذا ما يؤخرّ ولادة الحكومة، التي كادت تبصر النور حتى قبل رأس السنة.

إلاّ أن هذه الإشكالية لا تبدو، في نظر المعنيين بالتأليف، مستعصية على الحل بعد كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أكد أنه سيبذل كل الجهود من أجل أن تولد الحكومة في أسرع وقت، وذلك لأن وضع البلاد لا يحتمل المزيد من المماطلة والتسويف.

وفي إعتقاد بعض الأوساط المقربة من قصر بعبدا أن الإشكاليات الطفيفة لن تكون سببًا جوهريًا في الحؤول دون قيام الحكومة اليوم قبل الغد، على رغم الضغوطات التي تمارس على الرئيس المكّلف في الشارع السني، الذي يعبّر عن رفضه له، وإعتباره غير ممثل له، الأمر الذي يمكن أن يكون عاملًا غير مساعد، في حال تأخر التفاهم على الصيغة النهائية للحكومة العتيدة.
وفي رأي هذه الأوساط أن ما يمكن إعتباره اليوم ممكنًا قد يتحوّل في الغد إلى مستحيل، ولذلك فإن المعنيين بالتأليف يعون هذه الحقيقة، وهم يبذلون أقصى الجهود من أجل تذليل ما تبقى من عقد من أمام ولادة طبيعية للحكومة.

وعليه، فإن حكومة دياب ستؤلف في النهاية وستنال ثقة مجلس النواب، ولو بنسبة متدنية نسبيًا، ولكن ليس هذا هو المهم، لأن الأهم من كل ذلك هو ماذا ستفعل هذه الحكومة ومن أين ستبدأ، في ظل الوضع المأسوي التي تعيشه البلاد، والذي يتطلب حركة دائمة على مدى 24 ساعة، من أجل إستعادة ثقة المواطن بدولته، وذلك من خلال ما يمكن أن تقوم به الحكومة من إجراءات تقنع المجتمع الدولي بجدّية عملها وسعيها إلى تحقيق إصلاحات سريعة من خلال خطة عمل مبرمجة وواضحة المعالم، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه أقله بالنسبة إلى الوضع المالي المتعثر وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وهو أمر لا يتم بكبسة زر، بل يتطلب مخاطبة المجتمع الدولي باللغة التي يفهمها أو يريد أن يسمعها من أجل مدّ لبنان بالمساعدات الضرورية، التي تُعتبر أساسية في مجال إعادة تعويم البلد بالعملة الصعبة، تمهيدًا لعودة الحركة الإقتصادية إلى دورتها الطبيعية.

كل ذلك يحتاج إلى عمل إستثنائي في ظروف إستثنائية جدًا، من أجل تعويض ما فات لبنان من مستلزمات الصمود والبدء تديريجيًا في إستيعاب المرحلة الدقيقة، وهذا يتطلب تعاون الجميع في ورشة طويلة وعريضة تفرض اللجوء إلى تدابير حاسمة يبدو أن ظروفها غير متوافرة راهنًا، الأمر الذي يستدعي الإنكباب على معالجات فورية، في إنتظار الفرج، الذي يبدو بعيدًا بعض الشيء.
ومع دخول لبنان مرحلة ما بعد إغتيال الجنرال قاسم سليماني تبدو الأمور غير ما كانت عليه ما قبل هذا الإغتيال، إذ أصبح السؤال عن إمكانية حكومة تكنوقراط تحمّل ما يمكن أن يتخذ من قرارات في مستوى ما تفرضه المرحلة الراهنة، وهل ستكون في المستوى المطلوب سياسيًا.

هذا السؤال يوضع في رسم الرئيس المكّلف وفي رسم القوى السياسية المعنية بمرحلة ما بعد إغتيال سليماني.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى