"إنها لكارثة فعلية، إنها لجريمة حقيقية، لقد أضاع المعنيون حتى الآن حوالي الثلاثة أشهر وهم يبحثون في جنس الملائكة، في الوقت الذي تتردى فيه الأوضاع المعيشية يوما بعد يوم، وتغلق سبل العيش في وجه المواطن اللبناني.
لقد فقد المواطن حتى إمكانية الاستعانة بمدخراته، كما فقد رجل الأعمال كل إمكانية لإدارة أعماله بأبسط القواعد المصرفية المتعارف عليها في كل مجتمعات العالم، مما دفع الكثيرين منهم إلى إغلاق مؤسساتهم وإيقاف أعمالهم، وبالتالي زيادة عدد العاطلين عن العمل في لبنان.
إن المستشفيات تطالب وتحذِّر، وتجار المحروقات يصرخون، ومستوردي المواد الغذائية يستنجدون، والمدارس في حالة يرثى لها، والمواطن العادي متروك لشأنه ومصيره لا حول ولا دولة له، بينما المسؤولون الرئيسيون على كوكب آخر يتباحثون حتى اللحظة لمن يجب ان تكون وزارة الخارجية او من يجب ان يسمي وزير الدفاع، او لمن سيكون الثلث المعطِّل في الحكومة العتيدة، في الوقت الذي يجري كل هذا ضمن الفريق الواحد بعد ان جرى تكليف حسان دياب لتشكيل الحكومة.
هل هذا مقبول ومعقول ويحمل الحد الأدنى من المنطق؟ لقد تخطى تصرف المسؤولين كل الحدود على الإطلاق. فعند توزيع الحصص يتنطّح البعض منهم للقول بانهم رؤساء أكبر تكتلات نيابية، بينما يرد البعض الآخر باستحضار الميثاقية، وعند تحمل المسؤولية يلقون التبعات على بعضهم البعض.
ان الانتفاضة الشعبية هي أقل ما كان يمكن للشعب اللبناني القيام به بوجه مسؤولين من هذا النوع. بورك الشعب اللبناني لأنه بأخذ مصيره بين يديه سلك الطريق الوحيد الذي ممكن ان ينقذ البلاد."