أيها السياسيون إسمعوا ما يقوله يان كوبيتش!

أيها السياسيون إسمعوا ما يقوله يان كوبيتش!
أيها السياسيون إسمعوا ما يقوله يان كوبيتش!

بصراحة مطلقة لم نفهم حتى الساعة لماذا تعثرّت مفاوضات تأليف الحكومة، وكذلك لم نفهم لماذا عادت الحياة إلى حركة الإتصالات من جديد، وكأن المكّلِفين والمؤلفين والملحنين يمارسون هواية "ببكي وبروح"، في الوقت الذي لم تعد تلك اللاعيب لتنطلي على أحد، خصوصًا أن المنتفضين الشرفاء، وليس المندسين والمخرّبين، أثبتوا أنهم لا يزالون رقمًا صعبًا في أي معادلة سياسية، وقد أظهروا أمس الأول، ومن خلال حركتهم الإحتجاجية أنهم لا يمزحون، وأنهم جادّون في مطالبهم، التي يعترف الجميع، وآخرهم رئيس الجمهورية في كلمته أمام السلك الدبلوماسي، بأنها محقّة وواجبة، وبالتالي يُفترض التعاطي معها على أنها أمر واقع لا يمكن التهرّب من مواجهته.

 

وبالصراحة نفسها لم نفهم كيف تبدّلت المعطيات، وقد أصبح المستحيل مقبولًا، وكيف أنقلب الأسود إلى الأبيض في أقلّ من 24 ساعة. حقيقة إن أمر سياسيينا أو الذين يشتغلون بالسياسة محيِّر، وبالتالي لا ينمّ عن حسّ بالمسؤولية وبمدى خطورة الأوضاع السياسية والمالية والإقتصادية في البلد، وهو مقبل على حالة إفلاس حتمّي، وذلك نتيجة هذه السياسة، التي نشهدها كل يوم، والطريقة التي يتمّ التعاطي بها مع أحداث في مستوى ما يعانيه المواطنون، والتي عبّر عنها المتظاهرون في الشوارع، وقد أثبتوا أن لديهم إحساسًا بالمسؤولية أكثر بكثير مما لدى بعض السياسيين، الذين يتصرّفون بخفّة، ووفق ما تمليه عليهم مصالحهم الخاصة والضيقة الأفق.

وهذه الخفّة في التعاطي مع الأمور المصيرية تحدّث عنها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وقال إن على السياسيين أن يلوموا أنفسهم على هذه الفوضى التي تعيشها البلاد، خصوصًا أن الذين يعرفون الرجل يعترفون بأنه ضليع بالوضع اللبناني أكثر من بعض السياسيين، وهو في حركة دائمة ويتنقل من مسؤول إلى مسؤول على الأقل مرّة كل يوم. وعندما يتحدّث كوبيتش عن فوضى فهو يعنيها، وبالتالي فهو يملك من المعلومات ما لا يملكه غيره، وهي التي تمكّنه من توصيف الوضع اللبناني على حقيقته من دون زيادة أو نقصان، وهو بالطبع يضمّن تقاريره إلى الأمم المتحدة كل تلك التفاصيل الدقيقة.

فهذه التفاصيل وغيرها الكثير تعكس الحالة التي يتعاطى فيها المسؤولون "وهم يتفرجون على البلد ينهار"، والتعبير لكوبيتش، الذي يعبّر تمامًا عمّا يعيشه اللبنانيون من أزمات متلاحقة، وآخرها مهزلة تشكيل الحكومة، التي دخلت "بازار" التسويات السياسية على وقع ضمان مصالح البعض في أي تركيبة، وهذا البعض كان من بين الذين وضعوا العصي في دواليب عربة الرئيس المكّلف، الذي كاد يرفع العشرة لولا تدّخل "حزب الله" في اللحظة الحرجة والحاسمة، وهو الذي يريد أن تتشكل الحكومة اليوم قبل الغد، وذلك لحسابات خاصة به، وقد يكون للعامل الإقليمي تأثير على ميله في تسريع قيام حكومة له ممثلون فيها، وإن كانوا من الصف الثاني أو الثالث.

هكذا ومن دون سابق إنذار تحوّل المشهد السياسي في ما خصّ تشكيل الحكومة من اللون الأسود إلى اللون الرمادي، فيما يبشرّ البعض بأنه سيتحوّل إلى أبيض، وهو لون الدخان الذي سيتصاعد من مدخنة القصر الجمهوري في الساعات المقبلة، بعدما تبلغ المعنيون رسالة الشارع، وبعدما أيقنوا أن هذا الشارع، بكل تلاوينه وحتى الفوضى التي تسود بعض الأحيان صفوفه نتيجة بعض التصرفات الفردية، مصمم على الذهاب إلى أبعد الحدود بعدما سقطت كل الإعتبارات الثانوية في الشارع.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى