حبيش: من علامات الازمنة مثول حكومة من دون ثقة لتعطي رأيها بموازنة لا ثقة بأرقامها

حبيش: من علامات الازمنة مثول حكومة من دون ثقة لتعطي رأيها بموازنة لا ثقة بأرقامها
حبيش: من علامات الازمنة مثول حكومة من دون ثقة لتعطي رأيها بموازنة لا ثقة بأرقامها
ألقى النائب هادي حبيش مداخلة في الجلسة العامة لمناقشة موازنة 2020 في مجلس النواب، جاء فيها:

"تأتي موازنة هذا العام ونحن نقف على واحدة من اخطر المحطات التي يمر فيها وطننا الحبيب لبنان، وحالتنا تنتقل من سيئ الى اسوأ، نحض الخطى نحو الامام، غير أن لا ضوء يلوح في نهاية النفق.

ان الخطر الذي يحيق بمستقبل الاجيال اللبنانية هو اكبر بكثير من اجراءات موازنة وهمية، اعدتها واقرتها ثورة الاجيال، ونوقشت وعدلت على انقاض الوحدة التي تتضعضع والبناء الذي يتهدم والبرج الذي يترنح ايذانا بسقوط الدولة في لحظات.

ان قدر لبنان ان تهب عليه العواصف في كل حين، وتعتو عليه الامواج من كل حدب وصوب، فمن مناخات اقليمية تنذر بالويل والثبور، الى ازمات اقتصادية تنذر بثورة الجياع، الى عدالة مهيضة الجناح مصابة الوهن، الى امن تتجاذبه الصراعات فيقع في المحظور، الى قرارات وحلول للمشاكل تعجز عنها العجائب حتى السموات.

كنت اتمنى ان اقف امامكم من على هذا المنبر مخاطبا حكومة تحظى بثقة الناس اولا ومجلس النواب ثانيا والرأي العام العربي والدولي ثالثا.
لكن، للأسف، فرضت علينا الظروف ان تمثل امامنا حكومة لم تعرف بعد رأيها حتى في الموازنة العامة المطروحة امامنا اليوم.

فرضت علينا الظروف ان تمثل امامنا حكومة لم نعرف بعد رؤيتها الاقتصادية والمالية ليصار الى سؤالها عن الاجراءات التي ستتخذها لانقاذ ما تبقى من الوضع المالي والنقدي والاقتصادي.

لم نعرف بعد كيف ستلائم هذه الحكومة ارقام الموازنة المطروحة امامنا التي لم تعط رأيها فيها تماشيا مع رؤيتها الاقتصادية والمالية والنقدية التي ننتظرها منها في البيان الوزاري.

فمن علامات الازمنة ان تمثل امامنا حكومة من دون ثقة لتعطي رأيها بموازنة وهمية لا ثقة بأرقامها.

بصراحة محتار من اين سأبدأ في مناقشة هذه الموازنة.
فالسؤال البديهي الذي كان يطرح نفسه: هل نحن امام موازنة لجنة المال والموازنة أو امام موازنة تتبناها الحكومة الحالية بكامل أرقامها.

وكيف تنظر الحكومة ووزير مالها الى ارقام الايرادات الواردة في هذه الموازنة، وخصوصا في ضوء الارقام المتدنية المحققة آخر 3 أشهر؟
وهل الحكومة على ثقة بامكان تحقيق ارقام الموازنة بعد كل الاحداث التي عصفت بلبنان؟

اكثر من ذلك، ما هي توقعات الحكومة لحجم الناتج المحلي لعام 2020؟
وكم ستبلغ نسبة العجز الى الناتج المحلي؟.
وهل لدى الحكومة امكانات لتمويل العجز المقدر لهذه الموازنة، في ظل واقع المصارف الحالي وواقع الاسواق المالية الداخلي والخارجي، وايضا في ظل التصنيف الانتمائي الحالي للبنان؟

واذا كان الجواب بالايجاب فكيف ومن اين؟
اكثر من ذلك، كيف ستتعامل الحكومة مع استحقاقات الدين العام، وخصوصا الاستحقاقات بالعملات الاجنبية؟

بات المواطن اللبناني يسمع يوميا بنظريات عدم سداد الديون، وبالتالي بنظريات افلاس الدولة، فما هو موقف هذه الحكومة من هذا الكلام ومن هذه النظريات؟

سؤال آخر: لحظت الموازنة التي أحالتها الحكومة السابقة عجزا يقارب الصفر في المئة.
وهذا العجز او اللاعجز اتى نتيجة اجراءين اساسيين استثنائيين ولعام واحد فقط في مقابل عدم لجوء الدولة الى اي اقتراض اضافي:

الاول خفض خدمة الدين بمبلغ 3 مليارات دولار بالاتفاق مع مصرف لبنان.
والثاني فرض ضريبة استثنائية توفر مدخولا يقارب 400 مليون دولار من المصارف اللبنانية.

السؤال المطروح: هذان الاجراءان اتفق عليهما مع المصارف ومصرف لبنان في مقابل سلة اصلاحية وافق عليها مجلس الوزراء وفي طليعة هذه الاجراءات:

- اشراك القطاع الخاص في ملكية العديد من مرافق الدولة وادارتها.
- ومعالجة مشكلة الكهرباء خلال النصف الاول من العام 2020 للوصول الى هدف موازنة صفر عجز.

السؤال هنا: هل تلتزم الحكومة الحالية رزمة الاصلاحات التي اقرتها حكومة الرئيس الحريري؟
وهل الظروف الامنية والسياسية والنقدية والمالية التي طرأت على البلاد ستسمح لمصرف لبنان والمصارف بالالتزام بهذين الاجراءين؟
وهل تتمكن المصارف من التزام دفع هذه الضريبة الاستثنائية وخصوصا بعد ازمة الملاءة التي تواجهها المصارف مع المواطن اللبناني؟

سؤال آخر: ورد في يالمادة 38 المعدلة من هذه الموازنة بند يتعلق بالزام الشركات المشغلة لقطاع الخليوي تحويل ايراداتها الى الخزينة دوريا.

والكل يعرف ان عقود الخليوي انتهت والحكومة في طور اما اطلاق مناقصة جديدة لاعادة تشغيل الخليوي من طريق القطاع الخاص او اشراك القطاع الخاص مع القطاع العام او استرجاع القطاع لتشغيله من الدولة.
فكيف ستتعامل الحكومة الماثلة امامنا مع هذا البند الذي يحد من قدرة الحكومة على اطلاق مناقصة جديدة اذا ارادت او على اشراك القطاع الخاص مع القطاع العام؟

يعيش المواطن اللبناني أزمة مالية غير مسبوقة بحيث تساوى الثرى بالفقير والتاجر بالموظف ورب العمل بالعامل ونزلوا جميعا الى الشارع ليقولوا لنا كفى خلافات وكفى انقسامات وكفى اضاعة فرص.

 
فالبطالة الى ازدياد والفقر الى ازدياد واقفال الشركات والمؤسسات الى ازدياد وانهيار العملة الى ازدياد وفقدان الثقة الى ازدياد والهجرة من هذا الوطن ستكون حتما الى ازدياد.

كيف ستواجه هذه الحكومة هذه الازمة وكيف ستواجه ارتفاع سعر المواد الغذائية المخيف والسلع الاساسية للمواطن الفقير في ظل ارتفاع سعر صرف الليرة في مقابل الدولار يوميا؟
وكيف ستواجه انهيار القطاع الخاص اليومي والافلاسات اليومية بالجملة للشركات والمصانع والمؤسسات التجارية؟
هل تعي الحكومة ما هي نسبة زيادة معدل البطالة خلال عام 2020؟

التوقعات التي نسمعها، يا دولة الرئيس، مخيفة بحيث بتنا نسمع عن معدل بطالة سيرتفع الى اكثر من 10 في المئة عن المعدل الحالي الذي يفوق حاليا ال 20 في المئة الى ال 25 في من القوى العاملة، وهذا يعني اننا متجهون الى نسبة 30 في المئة الى 35 في المئة من القوى العاملة ستكون في الشارع هذا العام.

فما هي الاجراءات التي تلحظها الموازنة الحالية او التي ستقوم بها الحكومة الماثلة امامنا لتوفير شبكة حماية اجتماعية للتعامل مع هذه الكارثة؟

لن اطيل عليكم الكلام ولن ادخل اكثر في ارقام الموازنة الموجودة امامنا، ولكن اعدكم بانني سأقول ما اقوله في جلسات مناقشة البيان الوزاري لهذه الحكومة الماثلة امامنا.

ولكن، اخشى ما اخشاه ان نضطر يوما الى ان نردد ما قاله دومولين (DEMOULIN) في يوم من الايام:" مسكين هو الشعب، هذا المجموع المبهم، الحائر، الصابر، المتأمل، المترقب ابدا طلائع الفرج ومواكب السعادة تسوقها اليه مجموعة اختارها او اختاروها له او توهم انه اختارها لتدبير شؤونه".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟