ليس بالرسائل وحدها يحيا القطاع التعليمي!

ليس بالرسائل وحدها يحيا القطاع التعليمي!
ليس بالرسائل وحدها يحيا القطاع التعليمي!

كثر في اليومين الماضيين تداول صور لوزير التربية الجديد طارق المجذوب. الصور تروي الحكاية بالتفصيل. فقد فاجأ الوزير عائلة التلميذة الطفلة آية جابر بزيارة الى منزلها في بلدتها في قضاء صور.

وقبل صور الزيارة صور أخرى ومنها رسالة بعثتها الطفلة الى وزير التربية طالبته فيها بتخفيض أيام الدراسة، فأجابها الوزير برسالة وعدها فيها بجعل الأيام الدراسية أكثر متعة.
الى هنا انتهت الصور، والتعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي أيضاً.

رغم اعتبار البعض أن ما جرى أقرب إلى مسرحية ضعيفة الإخراج، لكن ما حصل من حيث المبدأ مستحسن. فربما أعلن الوزير بطريقة ما أنه لن يكون في برج عاجي لا يسمع فيه الا للمستشارين، وأنه سيكون أكثر صلة بمشاكل القطاع التعليمي، وقربه منه يعني كما نعتقد، خطوة نحو الدخول على خط إصلاحات مباشرة ولو كانت طفيفة وآنية.
نظن أنه من المجحف الإعتقاد والجزم بغير ذلك، لكن هذه الخطوة ستكون مثار نقاش فيما لو بقيت الأمور على حالها، واللجوء إلى ما يشبهها لاحقاً سيضع الوزير في خانة المشكوك بأهليتهم. 
فقد اعتاد اللبنانيون مؤخراً على هذا النوع من تعاطي المسؤولين معهم. أصيبوا بعدوى "التودد" إلى الناس ومشاركتهم يومياتهم ولو وفق سيناريوهات معدّة مسبقاً. علماً أن الغاية منها تناقض الفعل نفسه. كالقول أن على الناس تثمين تواضع الزعيم الفلاني لقبوله أن يكون بينهم، فيما هذا هو الوضع الطبيعي في بلاد يعرف الناس معنى مواطنتهم وكيف تكون، وأن مطلق أي مسؤول هو في النتيجة خادم للمواطنين ومسؤول أمامهم ورهن للمحاسبة عن تقصيره.

من المبكر إطلاق حكم قطعي بحق الوزير المجذوب. واجبنا منحه الفرصة ليثبت جدارته وقدرته على الإصلاح في ظل حكومة تقول انها لا تشبه سابقاتها.

وهنا، يتعين على الوزير الجديد الإلتفات إلى الورشة الضخمة التي عليه خوض غمارها، إذ بات يعدّ نظامنا التعليمي من أكثر النظم إهتراء. فقد اخترقه الفساد حتى نخره السوس وباتت صروحه هياكل آيلة للسقوط.

من الجامعة اللبنانية التي تنهش الأحزاب فروعها، وتحرم بعض طلابها من دخول معاهد الدكتوراه لأنهم لا يتمتعون بواسطة، وكذلك الأمر بالنسبة لجزء غير بسيط للهيكل التعليمي. حيث التفرغ على أساس الانتماء الديني والحزبي، بدلاً من الكفاءة. فباتت الأجيال المقبلة أسيرة الاعتقادات الحزبية، لا ديمقراطية التعليم وحرية النقاش في الأبحاث الاكاديمية. 

هذا من دون أن ننسى الأموال الطائلة التي تنفقها الجامعة على مبان مستأجرة لا تصلح لاستضافة الطلاب. 

ثم يأتي دور المدارس الحكومية التي لا تقل سوءا عن الجامعة، ونقص عديد الأساتذة مقابل أعداد الطلاب، وغياب الشروط الصحية، والأكاديمية، التي تسفر عن نسبة كبيرة من التلامذة الجاهلين بكل اللغات الأجنبية بما فيها لغتهم الأم، العربية. ثم منح الأساتذة حقوقهم المهدورة لسنوات، ورفع الظلم عنهم. 

قد لا يكون بمقدور الوزير المجذوب إعادة النظر في كتاب التاريخ مثلا، لكن من المؤكد أن عليه الإلتفات الى حجم الإستغلال الذي تقوم به بعض المدارس والجامعات الخاصة تجاه المواطنين. وأقله الأقساط المرتفعة في بلد بات نصف موظفيه يتقاضون نصف راتب، عدا عن عمليات تشبه "النهب" المنظم، تحت عناوين مبهمة. 

ما قام به معالي الوزير يقدّر له، لكن المطلوب اليوم هو الأفعال لا الأقوال كما قال في حفل التسلم والتسليم. 
صحح خطأه حينها، ونحن ننتظر خوضه معارك كبرى تحفظ لنا ما تبقى من بلد منهار، وسنكون معه خطوة بخطوة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟