لولا إنتفاضة الشارع.. لما كان أملٌ بالإصلاح !

لولا إنتفاضة الشارع.. لما كان أملٌ بالإصلاح !
لولا إنتفاضة الشارع.. لما كان أملٌ بالإصلاح !

يأخذ كثيرون على الإنتفاضة أنها تشّل البلاد في كل مرّة ينزل المنتفضون إلى الشارع، وبالأخصّ عندما يعمدون إلى إقفال الطرقات العامة، بإعتبار أن الدستور اللبناني يتيح لجميع اللبنانيين التنقل في مختلف المناطق بحرّية ومن دون ضوابط.

 

عندما تسأل عددًا من الناشطين عن الأسباب التي تدفعهم إلى إغلاق الطرقات، خصوصًا أن هذا الأمر يسبّب نقمة شعبية عليهم، يجيبون بأن ذلك وسيلة من وسائل إسماع الصوت وإبقاء قضية المطالب حيّة وغير منسية، بإعتبارها تحدث صدمة إيجابية لجهة الإضاءة على قضيتهم الأم، خصوصًا أن ثمة من يحاول التعتيم على مطالب المنتفضين، ويعتبرون أن النزول إلى الشارع بمظاهرات سلمية أصبح أمرًا روتينيًا، وهو لا يكفي لتحريك الضمائر.

 

ويضيف هؤلاء أنه من الضروري إعتماد الأسلوب الإستفزازي من حين إلى آخر لإفهام من يجب أن يفهم أن شعلة الإنتفاضة لم تنطفىء، وأن التحركات في الشارع مستمرة بالنبض والحماسة ذاتهما وأن لا شيء تغيّر سوى إعتياد الناس على إعتبار النزول إلى الشارع قد أصبح من يوميات الإنتفاضة، ولذلك يتمّ من وقت لآخر إعادة تحريك الشارع بمختلف الوسائل، وآخرها ما أقيم بالأمس من خلال عرض المبدعين لمشاريعهم في كل حقول الفنون الجميلة، وهذا ما يعطي إنطباعًا عن مدى الجدية وعن مستوى التحركات، وذلك بهدف إبقاء الشعلة متقدّة، ولكن بأساليب متعددّة، وقد يكون اللجوء أحيانًا إلى إقفال الطرقات نوعًا من أساليب التعبير على "الحامي"، والتي يتم الإستعانة بها كنوع من أنواع ضخ المزيد من الأوكسجين في رئتي الإنتفاضة.

 

وعلى رغم بعض المآخذ على الإنتفاضة ومحاولة التصويب عليها من باب تظهير سلبياتها يجب عدم إغفال أهمية الحراك المستمر منذ مئة وثمانية أيام، والذي لولاه وما يشكله من وسيلة ضغط على السلطة السياسية لن يكون إصلاح يطاول مختلف الأمور التي لها علاقة بالمطالب الشعبية الكثيرة، التي لم ترَ النور في السابق لأن السياسيين كانوا نائمين على حرير التجديد لهم في كل مرّة تحصل فيها إنتخابات نيابية أو نقابية. أمّا اليوم، وهو ما يبدو واضحًا من خلال تبنّي مختلف القوى السياسية لمطالب الإنتفاضة وإعتبارها محقّة، فإن أي تحرّك سيقوم به أهل السلطة سيضطرهم إلى أن ينظروا خلفهم ويعيدون مشهد الساحات الممتلئة بالمواطنين، الذين ضاقت بهم سبل العيش الكريم في وطن لا تُحترم فيه حقوق الإنسان، ولا تدخل في حسابات السياسيين أدنى مقومات هذا العيش.

 

ومن المفيد التذكير أنه وللمرّة الأولى التي تدخل فيها مطالب الناس المحقّة في صلب البيان الوزاري كأساس لا بدّ منه من أجل إحداث تغيير ما في الحياة السياسية، وضرورة الإستماع إلى صوت الناس والإلتفات إلى مطالبهم ومحاولة إيجاد الحلول الممكنة لأزمات طال أمدها، وهي كانت تجيّر من حكومة إلى أخرى، ومن عهد إلى آخر، من دون أن يرى الموطنون طحينًا من وراء كثرة الجعجعة.

 

فلو لم تكن الإنتفاضة لكان أوجب إيجادها حتى تبقى سيفا مصلتا فوق رقاب المسؤولين، الذين باتوا يأخذون في الإعتبار مدى جدية وفاعلية هذه الإنتفاضة، التي حركّت المياه الراكدة في قعر الأزمات المتوالدة والمستنسخة.

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى