أخبار عاجلة

بري يعلنها معركة: لا للبواخر الجرصة... قصف سياسي أم بداية حل؟

بري يعلنها معركة: لا للبواخر الجرصة... قصف سياسي أم بداية حل؟
بري يعلنها معركة: لا للبواخر الجرصة... قصف سياسي أم بداية حل؟

لا يحتاج ملف الكهرباء إلى أرقام ونصوص لتبيان مستوى الهدر والفساد في مرفق يكلّف خزينة الدولة ملياري دولار سنويًا، ومع ذلك لا يؤمّن الكهرباء للبنانيين الذين يجبرون على دفع فاتورتين، ويمضون ساعات من نهاراتهم ولياليهم بلا كهرباء. هذا الملف ذاع صيته ووصل إلى الجهات المانحة التي أسمعت المسؤولين اللبنانيين كلامًا شديد الصراحة حول وجوب وضع حدّ للهدر في هذا القطاع، كشرط لترجمة مؤتمر "سيدر". 

حجّة الفريق الذي احتكر وزارة الطاقة في السنوات الأخيرة "ما خلونا نشتغل" هذه العبارة رددّتها وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني في إطلالتها التلفزيونية الأخيرة عبر محطة  LBC، فبدت ضعيفة الحجة، برأي مصدر مواكب لملف الكهرباء، الذي اضطر على حدّ وصفه لمتابعة تلك المقابلة "الخالية من أيّ مضمون فعّال، باستثناء ترداد الحجج نفسها المملّة وغير المقنعة، وخلال المقابلة اعترفت الوزيرة بنسبة 30% من الهدر في الشبكات". 

في هذا التوقيت بدت لافتة المعركة التي انطلقت من عين التينة باتجاه كهرباء لبنان ومن يقف وراء فشلها، على قاعدة "لا للبواخر الجرصة ونعم لبناء معامل". أسئلة عديدة تطرح حول توقيت معركة الرئيس نبيه بري الذي قالها صراحة "لا صوت يعلو فوق صوت معركة توفير الكهرباء بأسرع وقت ممكن وبأرخص الأسعار الممكنة". فلماذا اليوم؟ ألم يوافق وزراء ونواب الرئيس بري على خطط الكهرباء الفاشلة؟ وهل هو تصويب بالسياسة فقط أم بداية حلّ لهذه المعضلة المعجزة التي تدعى "كهرباء لبنان"؟ 

النائب ياسين جابر الذي لا يترك مناسبة من دون أنّ يشير خلالها إلى مكامن الخلل في هذا القطاع ومنذ سنوات، نفى في حديث لـ "لبنان 24" أي خلفيات ساسية لتصويب الرئيس بري على ملف الكهرباء قائلًا "عندما نتطلع الى موازنة 2020 نرى فيها رقمين مسببين للعجز، الرقم الاول هو خدمة الدين العام، من هنا ُيحكى عن اعادة هيكلته، والرقم الثاني الأصعب هو موضوع الكهرباء، ولا يمكن أن نستمر بتكبّد خسارة مئات ملايين الدولارات سنويًا، ومن دون تأمين الكهرباء، من هنا يشكلّ هذا الملف أولوية بالنسبة لنا، وهو ما أشرنا إليه في كلماتنا خلال جلسة الثقة".

أضاف جابر" هذا القطاع يشكّل أحد مصادر الهدر ويساهم بقدر كبير في الدين العام، والإستمرار في النهج نفسه في إدارة هذا القطاع لم يعد جائزًا، خصوصًا أنّ المشكلة تتفاقم كوننا نستورد المحروقات بالعملة الصعبة. وهناك سرّ لم نتمكّن من اكتشافه هو الأصرار على استعمال مادة المازوت في المحطات الأساسية لتوليد الطاقة خلافًا لدول العالم"، مستغربّا التمسّك بالمقاربة ذاتها "يعيدون الحديث عن الخطط القديمة، ولم يقتنعوا بعد أنّه لا يمكن الإستمرار بعد 17 تشرين بنفس الطريقة، أوصلونا إلى مكان أن تطالب فيه مجموعة الدعم الدولية بوجوب تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان وتعيين الهيئة الناظمة. فهل نتغاضى عن كلّ الرسائل الدولية المباشرة ونمضي بلا هيئة ناظمة للقطاع ؟". 

الرئيس بري يطلب إعادة هيكلة قطاع الكهرباء، على أن يكون المدخل بتعيين هيئة ناظمة للقطاع مستقلة وتعيين مجلس إدارة مستقل، لوضع حدّ لتفرّد وزير الطاقة بالقرارات. ولكن هل بالتعيينات فقط تُحلّ معضلة الكهرباء؟

يجيب جابر "الحل مرتبط بالمصداقية، ولبنان يواجه أزمة مصداقية أمام المجتمع الدولي، وعلينا أن نحاول استعادة ثقة العالم والجهات المانحة، فلا يوجد مستثمر مستعد أن يبني معملًا، وأن يقبع تحت رحمة وزير الطاقة، ليقبل أو لا يقبل، فهذه الشخصنة لا يمكن أن تستمر، والمطلوب مؤسسات توحي بالثقة، وتقدم دليلًا للمجتمع الدولي إلى أنّنا نحترم القوانين التي نضعها ونطبّقها، ونؤمن بالفعل ببناء دولة مؤسسات".

جابر علّق على حديث الوزيرة السابقة البستاني عن وجوب تطبيق خطتهم للكهرباء في الحكومة الجديدة "إذا وجدوا تمويلًا لها"، معتبرًا أن الأمر يشكّل "إعترافًا من قبلها أنّ الطريقة التي وُضعت بها الخطة لم تعد صالحة اليوم، بحيث لا يمكن لأيّ جهة دولية أن توظّف اموالها من خلال bot ، فالمستثمر لن يدفع أمواله إذا كانت لديه شكوك". 
كثيرة هي علامات الإستفهام التي تطرحها الجهات المانحة والمراقبون المحليون حيال هذا القطاع، "ليست فضيحة أن يقدّم مئة ألف مشترك طلبات اشتراك مخفّضة من دون أن يتم تركيب عدّاد واحد منذ أشهر، بحجة أنّهم لم يشتروا عدّادات، هل يمكن أن ندير القطاع بهذا الشكل؟". 

أمّا الفضيحة الأكبر فتكمن في كميات الفيول المستوردة لصالح مؤسسة كهرباء للعام 2019، التي كشفها المركز التقدمي للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، استناداً إلى بيانات وزارة المالية للأشهر العشرة الأولى من العام 2019، والتي أظهرت زيادة كبيرة في كميات الفيول، بلغت كميتها 4 مليون و445 ألف طن، أي ما يوازي زيادة بنسبة عن 378% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2018، من دون أن تنتج هذه الزيادة في الفيول زيادة في التغذية بالتيار الكهربائي.

في المحصلة هل ستُنهي معركة بري معضلة الكهرباء، وهل سيسانده في ذلك "حزب الله"  برفع الغطاء عن حلفائه؟ أم ستستمر حكاية استنساخ الخطط البالية ومقولة "ما خلونا" وتستمر معها العتمة وهدر المليارات ؟  

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى