'ميدل إيست آي': الصين قد تصبح سبباً أكبر لصراعات الشرق الأوسط

'ميدل إيست آي': الصين قد تصبح سبباً أكبر لصراعات الشرق الأوسط
'ميدل إيست آي': الصين قد تصبح سبباً أكبر لصراعات الشرق الأوسط

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً للكاتب، جاي بيرتون، تحدث فيه عن سلوك الصين في الشرق الأوسط، والمتوقّع منها خلال الفترة المقبلة، حيث يطرح الكاتب أسئلة عن "كيفية ردّ الصين على الصراعات في الشرق الأوسط ولماذا؟ وماذا يخبرنا هذا عن نهج الصين المحتمل تجاه المنطقة في المستقبل؟"، معتبراً أنّ "الصين قد تصبح أقل مراقبة للصراعات وسبباً أكبر لها".

 

يقول بيرتون وهو صاحب كتاب "صراعات الصين والشرق الأوسط"، إنّ الصين "ليست جهة فاعلة إقليمية جديدة، كما أنّ سجل الصين في الشرق الأوسط متنوع سواء من حيث النهج أو النتائج".

 

ويضيف: "في البداية، احتضنت الصراع، لكنها بعد ذلك ابتعدت عنه. اليوم موقف الصين متناقض: فهي تفضل تجنب الاشتباكات، لكنها أصبحت منخرطة أيضاً في إدارة وحل النزاعات في بعض الأحيان".

 

ويتابع: "لذلك يمكن وصف دور الصين تجاه الصراعات الإقليمية بعدة طرق كالآتي: كمفسد (حيث تدعم أو تؤدي إلى تفاقم الصراعات)، أو متهرب (حيث تتطلع إلى تجنب الصراعات)، أو داعم لإدارة الصراعات وحلها".

 

ويشير إلى أنّ "أولى اتصالات الصين مع الشرق الأوسط كانت في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، عندما احتضنت قادات وحركات قومية، بما في ذلك الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية. لقد دعمت هؤلاء في نضالاتهم المناهضة للاستعمار والإمبريالية ضد القوى الغربية وإسرائيل من خلال تزويدهم بالسلاح أو إيصاله إليهم".

 

ويضيف: "بلغ الحماس الصيني للجماعات القومية المتمردة ذروته في منتصف وأواخر الستينيات، عندما قدمت المعدات والتدريب للجماعات في فلسطين وإريتريا والخليج. كان سلوك الصين "المفسد" مدفوعًا بالاعتقاد المشترك بأنهم يواجهون قوى وأنظمة إقليمية راسخة، بالنسبة لبكين كانت المساعدة العسكرية أيضا وسيلة لمواجهة وتحدي السيادة السوفييتية".

 

ويقول: "لكن على مدى العقد التالي، أدت التغييرات في الداخل والخارج إلى خفض دعم الصين لحركات التمرد الإقليمية. أدت نهاية الثورة الثقافية وموت الرئيس ماو، وصعود قيادة أكثر براغماتية تتوجه نحو الأعمال التجارية والتنمية تحت قيادة دينغ شياو بينغ إلى سياسة خارجية صينية أقل تصادماً بحلول نهاية السبعينيات".

 

ويبيّن الكاتب أنّه "منذ الثمانينيات، أصبحت الصين أقل طموحاً في سياستها الخارجية. أعطت الأولوية بشكل متزايد للعلاقات الدبلوماسية والفرص التجارية. وشمل ذلك زيادة مبيعاتها من الأسلحة لكلا الجانبين في الحرب الإيرانية العراقية. وحتى عندما اتهمت القوتين العظمتين آنذاك، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، بإدامة الصراع. ودخلت الصين في تجارة أسلحة سريعة مع إسرائيل ما أدى إلى إقامة علاقات دبلوماسية بينهما في عام 1992".

 

ويتابع: "بعد نهاية الحرب الباردة، حافظت الصين على دورها "المتهرب" تجاه الصراع. ومثل بقية المجتمع الدولي، فقد تبنت عملية أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين، وحثت كلا الجانبين على مواصلة المحادثات، حتى مع ازدياد احتمالية عدم الوصول إلى تسوية على الإطلاق".

 

أما عندما غزا العراق الكويت، قرّرت الصين عدم استخدام حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة كوسيلة لتحدي الهيمنة الأميركية قبل غزو العراق عام 2003.

وعلى الرغم من تحفظاتها على الحرب، فقد حققت الشركات الصينية مكاسب كبيرة في أعقاب ذلك. حيث فاز الكثيرون منهم بعقود واستثمارات مهمة في العراق، الأمر الذي أثار استياء الأمريكيين، الذين تحملوا التكاليف المالية والعسكرية للاحتلال.

 

ومع استمرار تجنبها الصراعات والحروب، إلا أنّها مثل معظم البلدان الأخرى فقد فوجئت عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر عام 2017. ومع ذلك، فقد كانت مخاوفها من احتمال تضرّر آفاقها التجارية مبالغاً فيها، حيث أقر الجانبان بأهمية الصين كشريك تجاري واستثماري رئيسي.

 

ويقول الكاتب: "تتجلّى الأهمية الاقتصادية للصين بين الأطراف المتحاربة في سوريا وليبيا واليمن، وتناشد علناً أن الحوار السياسي يمكن أن يكون وسيلة لحل الخلافات، بينما تطالب بأن تتوقف القوى الغربية عن التدخل".

 

ويضيف: "تحتفظ الصين بالتزام قوي بسيادة الدولة، وتتقبل الوجود الروسي والإيراني في سوريا والسعودي في اليمن".

 

ويتابع: "حتى الآن لم يفقد التوازن الصيني أي أصدقاء: الرئيس السوري بشار الأسد يصف الصين بـ"الصديق" ويأمل في أن تصبح ممولاً رئيسياً لإعادة إعمار البلاد بعد الحرب. لكن التحفظ الصيني يعكس تدني مستوى التبادل الاقتصادي والمصالح بين البلدين. وعلى النقيض من ذلك فإنه حيث تكون استثمارات الصين أكبر، تكون داعماً أكثر في إدارة النزاعات وحلها".

 

وفي مثل أزمة دارفور في السودان والبرنامج النووي الإيراني، عملت الصين كوسيط لإيجاد الحل خوفاً من أن تؤدي العقوبات الغربية إلى الإضرار بمصالحها التجارية.

 

وبالنظر إلى المستقبل، وفقاً للكاتب، فإنّ الصين تمكنت من الوقوف بعيداً عن الصراعات والمنافسات الإقليمية ولم تشارك فيها بعمق، لكن ذلك الوقت ربما شارف على الانتهاء. وكما تظهر حالات السودان وإيران، فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة حيث تكون الاستثمارات الصينية أعمق.

 

وأوضح الكاتب أنّه "قد يصبح هذا هو الوضع السائد في المستقبل، حيث تترسخ مبادرة الحزام والطريق في الصين، وستجد البلدان في جميع أنحاء المنطقة تتنافس مع بعضها البعض على رأس المال والموارد الصينية المحدودة، في حين أن تمويل وبناء مثل هذه المشاريع سيربط الصين بشكل وثيق بالمنطقة".

 

ويختم بقوله: "قد يؤدي ذلك إلى أن تصبح الصين أقل مراقبة للصراع وسبباً أكبر لذلك".

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أوكرانيا تلاحق الصحفيين لإخفاء الحقائق