بدأت قبل 3 أشهر.. هذه كواليس مفاوضات سد النهضة في واشنطن

بدأت قبل 3 أشهر.. هذه كواليس مفاوضات سد النهضة في واشنطن
بدأت قبل 3 أشهر.. هذه كواليس مفاوضات سد النهضة في واشنطن

كتب بيير غانم في "العربية": حققت مفاوضات سدّ النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا إنجازات ضخمة منذ بدأت قبل ثلاثة أشهر. فالأطراف عانوا من صعوبة شديدة في التفاهم على تشغيل السدّ في إثيوبيا من دون إلحاق الضرر بدول المصبّ خصوصاً مصر، فيما تعتبر مصر أن تدفق مياه النيل "مسألة وجودية" ولا تستطيع أن تقبل بالأمر الواقع "الإثيوبي"، أي ملء السدّ وحرمانها من المياه الضرورية لها.

 

إنجاز أميركي

حاول أطراف "القضية" حتى الصيف الماضي حل الأزمة، لكنهم فشلوا، فأتت المساعي الأميركية.

 

وهنا كمن الإنجاز الأميركي الأول في جعل الأطراف يعملون تحت رعاية الولايات المتحدة وبمشاركة البنك الدولي، والإنجاز الثاني وضع الأميركيين مع الأطراف المعنية جدول للتوصل إلى اتفاق نهائي.

 

فقد تخطى الأطراف بمساعدة الأميركيين والبنك الدولي الحاجز الأهم، عندما أقرّوا "ملء سدّ النضة إلى ارتفاع 595 متراً عن سطح البحر في الدفعة الأولى، كما أقرّوا أن ملء السدّ لن يتسبب بضرر لدول المصبّ."

 

توقيع في نهاية شباط

أما الآن فيعمل الأميركيون مع الأطراف على إنهاء "الاتفاقيات التقنية". وبحسب أكثر من مصدر دبلوماسي في واشنطن، ربما يتمّ توقيع الاتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنهاية شهر شباط الحالي، وبحضور رئيس مصر عبدالفتاح السيسي، ورئيس رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد.

 

المفاوضات الصعبة

وبالعودة إلى كواليس الاجتماعات والمشاورات، فقد عقد المفاوضون اجتماعاتهم في مبنى وزارة الخزانة الأميركية وكانت الجولة الأخيرة هي الأطول حتى الآن، فهي لم تكن على الجدول أصلاً، لكن التأخير في التوصل إلى الاتفاقيات التقنية أجبر المفاوضين على العودة إلى واشنطن، وبدأوا جولة إضافية يوم 28 كانون الثاني، وكان من المقرر أن ينهوا اجتماعاتهم في اليوم التالي أي 29 كانون الثاني، لكنهم استمروا حتى يوم 30 كانون الثاني، وذكرت مصادر المفاوضين لـ "العربية" أن الأطراف جلسوا حتى الساعة الأولى من فجر يوم 31 كانون الثاني.

 

وفي الصباح أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي اتصل برئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد، وقال إنه متفائل بالتوصل إلى اتفاق حول سدّ النهضة وإن الاتفاق سيكون مفيداً لجميع الأطراف.

 

تشدد إثيوبي

إلى ذلك، قال مصدر قريب من المفاوضين لـ "العربية" إن الطرف الإثيوبي كان يعرقل المفاوضات، ويتشدّد في مواقفه ويغلق الباب أمام أي ليونة من الأطراف، بالإضافة إلى ذلك، كان المفاوضون الإثيوبيون عند التوصل إلى تفاهمات بين المجتمعين من رؤساء الوفود، يتحججون بأنه من الضروري العودة إلى رئيس وزراء إثيوبيا ويجب السفر إلى أديس أبابا.

 

حتى إن وزير الخزانة الأميركية ستيفن مينوشن، قال مرة للمفاوض الإثيوبي، بحسب ما قال مصدر في واشنطن للعربية" إنه لا يجب الانتظار حتى يذهب الأطراف إلى بلادهم ثم العودة، ولو أرادوا التشاور مع أبيي أحمد فما عليهم إلا استعمال الهاتف في الغرفة المجاورة".

 

أما عندما وصلت المفاوضات ليل 30 – 31 كانون الثاني إلى تفاهمات، وتأخر الطرف الإثيوبي في إقرار التفاصيل المتعلقة بملء السدّ على مراحل وآليات التعامل مع حالات الجفاف أثناء الملء والتشغيل، فقد أبلغت وزارة الخزانة البيت الأبيض بما حصل، حينها تدخّل الرئيس الأميركي من خلال الاتصال الهاتفي مع رئيس وزراء إثيوبيا.

 

ترامب ووزير الخزانة

يشار إلى أن الرئيس الأميركي أثبت مرات عديدة خلال تلك المفاوضات أنه منخرط فيها بالعمق، فهو استقبل الوفود المشاركة في البيت الأبيض مرتين، المرة الأولى في نوفمبر عندما اتفقوا على جدول مفاوضات في العاصمة الأميركية، والمرة الثانية عندما اتفقوا على ملء السدّ حتى ارتفاع 595 متراً وحفظ دول المصب من أضرار التعبئة. في حين كانت المرة الثالثة عندما وصلت المفاوضات يوم 31 كانون الثاني إلى عنق الزجاجة واتصل ترمب برئيس وزراء إثيوبيا.

 

كما أن الشخص الآخر الذي لفت الأنظار خلال مسيرة المفاوضات الأخيرة تلك، فهو ستيفن مينوشين، وزير الخزانة الأميركي الذي أدار المفاوضات بين الأطراف.

 

وتعليقاً على تلك النقطة بالذات، قالت مصادر قريبة من المفاوضين إنهم "يستغربون، بإعجاب، قدرته أولاً على استيعاب الملف حال تكليف الرئيس ترامب له بذلك، خصوصاً أن الملف يتعلّق بقضايا ليست أصلاً من اختصاصه المالي بل بقضايا المياه وتوزيعها عبر الحدود، ثانياً أن الأمر شائك ويتعلّق بسيادة الدول وبقضايا تهدّد أمن ملايين الناس ويعتبرها الأطراف قضايا سيادية ووجودية".

 

صدفة على هامش لقاء ترامب والسيسي

ولعل من المفارقات الأغرب أن وزير الخزانة الأميركي وقع على هذا الملف صدفة، فهو كان في الغرفة خلال اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على هامش قمة الدول الصناعية السبع في بياريتز الفرنسية.

 

ونقل أحد الشهود أن الرئيس المصري طلب من الرئيس الأميركي التدخّل في الملف، فالتفت ترامب إلى يساره حيث يجلس الوفد الأميركي المرافق، وكان ستيفن مينوشن جالساً، فسأله الرئيس الأميركي إن كان يستطيع أخذ الملف على عاتقه، فوافق.

 

المشهد الأخير

يقترب الأطراف الآن من المشهد الأخير للمفاوضات، فقد أكد الوفد المصري في بيان أنه وقّع على مسوّدة اتفاق وضعه الأميركيون، وينتظر الجميع أن يعود الوزراء للاجتماع منتصف الشهر إلى واشنطن لإنهاء المفاوضات، وهذا ما تريده واشنطن، فبرأي هذه الإدارة أن البدائل عن التوصل إلى اتفاق هو تهديد للأمن والاستقرار في منطقة شاسعة وحيوية يعيش فيها يعيش 250 مليون إنسان، وتريد إدارة ترمب تفادي أي نزاع واستباق وقوعه وليس انتظار الانفجار لمعالجته.

 

 

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أوكرانيا تلاحق الصحفيين لإخفاء الحقائق