بإنتظار التسوية..

بإنتظار التسوية..
بإنتظار التسوية..
ليس موضوعياً القول عن حسان دياب: "ماذا كان يريد من هذه القصة"، الرجل بات رئيسا للحكومة، لديه حجج قوية يقولها للبنانيين ان فشل، فقد اتى والبلد منهار والقوى السياسية تعرقل عمل الحكومة. حجتان كافيتان ليتنصل من اي فشل مهما بلغ حجمه. لا خسارة لدياب في كل ما حصل، بل بات دولة الرئيس.

بعد اشهر من وصوله الى رئاسة الحكومة بات دياب اكثر واقعية واقل حماساً. تظن ان التجربة روضته بسرعة. فالقوى السياسية التي اتت به رئيساً للحكومة لا تعمل عنده بل جاءت به ليعمل عندها، واذا استثنينا "حزب الله" الذي كان يرغب بتقديم التسهيلات لدياب، فإن الجميع يتعاطون مع الحكومة بأنها حصتهم السياسية.

على الأغلب، عرف دياب انه لن يستطيع تقديم شيء يذكر في هذه الأزمة منذ تطيير "الهيركات"، و"الكابيتال كونترول"، ومنذ الخلاف الأول حول التعيينات المالية وعندما لم يوقع الرئيس ميشال عون، رئيس هذا العهد والذي من المفتوض ان يكون الأحرص على انجاح التعيينات القضائية بسبب خلاف مع رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود، الذي عينه هو للمفارقة.


المريح لهذه الحكومة الا احد يريد اسقاطها، يريدون منها تمرير الوقت، لكن الانجازات التي حلم بها الناس، باتت من الماضي. في مكان ما في حارة حريك كان احد المعنيين الاساسيين في الملف الحكومي في "حزب الله" يجيب على تساؤلات البعض حول تشكيل حكومة انقاذية بالقول: افضل ما قد تقوم به الحكومة، اي حكومة هو ادارة الإنهيار، لا منعه. كان ذلك قبل تسمية دياب وقبل اليأس من الحريري. وها هي حكومة دياب تخوض المعارك تلو المعارك من اجل ادارة هذا الانهيار لا اكثر ولا أقل. وهذا يرضي الجميع داخلياً واقليمياً ودولياً.

في المقابل، يعمل "حزب الله" على كسر حلقة الدولة العميقة المعادية له بالكامل، سيحاول تعيين نواب حاكم مصرف لبنان غير معادين، وسيحاول تقليص سلطة النظام المصرفي، وسيحاول ايضاً التوجه شرقاً، الدقيق اكثر انه سيحاول جعل الخيار الشرقي موجوداً الى جانب الخيارات الاقتصادية الاخرى. على الأرجح سينجح الحزب في هذا الخرق وفي خروق كثيرة في الدولة في هذا الوقت الضائع، لكن كل ذلك يصف في السياسة لا في الاقتصاد ولا في المعيشة.

لا حل للوضع في لبنان قبل التسوية، التسوية الاقليمية - الدولية، وهذا ما بات اللبنانيون ينتظرونه بوصفه أملهم الوحيد، الأمل في الوصول الى حياة مقبولة نسبياً بعد الإنهيار الكبير الحاصل اليوم. لكن التسوية لا تبدو قريبة، في طهران يريدون انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية ولا يرغبون بالتجاوب مع واشنطن الآن.

وفي تل ابيب يرغبون بالتصعيد، ففيها حكومة المزايدات والتطرف، يريدون ضم الضفة والتصعيد في سوريا والضرب في لبنان، والاميركيون لا يريدون الحرب قبل الانتخابات. من يضمن اذاً انه عندما يريد الايرانيون التسوية لن يرفضها الاميركيون كما يرفضها الايرانيون الآن؟ لا شيء يضمن ان تذهب المنطقة الى تسوية كاملة، ويبدو ان لبنان لا تحل ازمته بتسويات آنية بين الاطراف كالتي حصلت عند تسمية دياب مثلا، او عند التوافق على الحكومة العراقية.

بانتظار التسوية نحن امام مخاطر وجودية، ومن يقول غير ذلك فهو غير واقعي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان